تُعدُّ الخرسانة مادةَ البناءِ الإفتراضيّة للمُنشآت العالية، وذلك بفضل متانتها وفعاليَّتها من حيث التكلفة.

ولكن هنالكِ تحدٍّ كبير واحد ألا وهو «الثِقل».

تتطلّب عمليّة بناءِ الخرسانة التقليديّة كتلةً كبيرة وتسليحًا فولاذيًّا، والذي من شأنهِ أن يأخذَ حيّزًا ويستهلكَ الكثير من المواد.

ولكن من خلال تطبيقِ التِقنيّات شائعةُ الوجود في الكتدرائيّات القوطيّة، طوّر باحثون في قسمِ الهندسة المعماريّة في معهد زيورخ (ETHZ) والذي يُركّزُ على العِلم والتكنولوجيا في الجامعة في سويسرا، بديلًا للأرضيّاتِ الخرسانيّة المسلحة، بحيث تكونُ أخفَّ بنسبة 70% من أرضيّاتِ البناء التقليديّ.

ويأمل الباحثون أن يؤدّي هذا الاكتشاف إلى توفيرٍ في المساحة والتكلفة، وأن يُساعدَ المباني الجديدة كي تُصبِح أكثر مُلائمةً للبيئة.

عِندما يبدأ البنّاؤون ببناء أرضيّاتِ الخرسانة المُسلّحة، يقومون عادةً بوضع الخرسانة فوق شبكةٍ من فولاذ التسليح وذلك لإنشاءٍ بلاطةٍ مُسطّحةٍ صلبة.

أما بالنسبة لنظام بلاطة معهد (ETHZ)، تبدو البِلاطة شبيهةً لنمطِ خليّة النحل، من حيث الصلابةِ والفراغات ودون حاجتها لأيّ تسليح.

بدأ الباحثون بتحليل تِقنيّات البناء التاريخيّة، كالأقبية الكتالونيّة، وهي تقنيّةُ بناءٍ رومانيّة والتي تستخدمُ قوسًا خفيفًا لتزيدَ من امتداد المساحات بالإضافة إلى «الدعاماتِ الطائرة -Flying Buttresses» وهي ميزةٌ على السطح الخارجيّ للكاتدرائيّات القوطيّة والتي تُقاوم القوى الجانبيّة التي يؤثّر بها القوس على الجدران.

تُظهر الصورة مثالًا عن «الدعاماتِ الطائرة -Flying Buttresses» يتكون نظام البلاطة في معهد (ETHZ) من وحداتٍ خرسانيّة كبيرة مصبوبة معًا وذلك لتكوين شكل القبو الكتالونيّ.

وتتكوّنُ كُل وحدةٍ من أضلاعٍ مُتشابكة تعمل على توزيع الحمولة عبر البلاطة.

وفي حينِ أنَّ التصميم لا يزالُ في المرحلة التجريبيّة، فقد أظهرت نتائج اختبار الجُهد أنَّ بإمكان هيكل البلاطة تحمُّل وزنٍ أكبر بـ ( 2.5 مرّة) مما تتطلّبه أنظمة البناء السويسريّة.

وطِبقًا لبيانٍ صادر عن الجامعة، فإنَّ الباحثين يخططون لاستخدام هذا النظام في بناء دار ضيافةٍ من طابقين لمعرفة كيف يمكن تطبيقها.

إنَّ لصناعة الخرسانة آثارًا بيئيّة كبيرة، بما في ذلك انبعاثاتُ الكربون.

ويقوم العديد من باحثي عِلم البناء بالبحث عن بدائلَ لاستخدام كميّاتٍ كبيرة من المواد، كالمُنشآت الخشبيّة مثلًا.

وبفضل الباحثين في معهد زيورخ للعلوم والتكنولوجيا فقد تكون صناعة البناءِ قادرةً على الانفصال عن الخرسانة عاجلًا أم آجلًا.


  • ترجمة: رامي الحرك
  • تدقيق: أسمى شعبان
  • تحرير : رغدة عاصي
  • المصدر