كل طفل مختلف ولديه احتياجات مختلفة، بعض الأطفال يودون الركض خارجًا طوال اليوم؛ وآخرون يريدون البقاء في البيت وقراءة كتاب ما.

البعض يستطيع تكوين صداقات جديدة بسهولة؛ وآخرون يعانون.

بعض الأطفال يحسون براحة مطلقة للجنس الذي تم تحديده لهم عند ولادتهم، وآخرون ليسوا كذلك.

تربية أي طفل تعتبر بمثابة تحدٍ ولكن الآباء الذين لديهم طفل ذو جنس غير مطابق -هؤلاء الذين يختلف تعبيرهم الجنسي عن التوقعات التقليدية للذكورة والأنوثة- يواجهون مشكلة متمثلة بنوع الدعم الذي يجب عليهم توفيره لأبنائهم.

(ليس كل الأطفال الذين لديهم جنس غير مطابق يتم التعرف عليهم على أنهم متحولون جنسيًا – وهو مصطلح يعني الأشخاص الذين تكون هويتهم أو تعبيرهم الجنسي مختلفًا عن الجنس الذي حصلوا عليهم عند ولادتهم، طبقًا لتحالف المثليين والمثليات ضد التشهير GLAAD).

يظهر أي بحث على جوجل بخصوص العناية بالأطفال ذوي الجنس غير المطابق او للمتحولين جنسيًا العديد من المعلومات المغلوطة.

تحدث فريق (Live Science) مع أخصائيي طب الأطفال الذين يدعمون الأطفال غير مطابقي الجنس والمتحولين جنسيًا بخصوص حقائق وخرافات فيما يتعلق بالعناية الطبية بهؤلاء الأشخاص. وأجابوا عن أسئلة بخصوص ما يجب على الآباء القيام به ليدعموا أبناءهم وكيف أن يحرصوا على حصولهم على أفضل عناية.

الخطوة الأولى دائمًا هي محادثة يقودها المريض:

يقول دانييل سمرز (Daniel Summers) طبيب أطفال ممارس في بوسطن، أنه يبذل جهدًا لفهم التعبير الجنسي لمرضاه الصغار بالعمر حسب مصطلحاتهم -وخاصةً إذا قالوا إنهم غير مرتاحين للجنس الذي تم تحديده لهم عند الولادة أو أنهم ينتمون إلى جنس مختلف. «أقول لهم: ماذا يعني هذا لك؟ هل هذه الطريقة التي تريد أن تعيش بها حياتك؟ هل هذا أمر كنت تقوله للآخرين؟».

قال سمرز وطبيبان آخران إنهم لا يريدون من مريضهم أن يعبر عن كيان محدد. بل يحاولون خلق فضاء يشعرون بالراحة فيه للتكلم عن مشاعرهم بهذا الخصوص.

مرت على دكتور أندرو كرونين (Andrew Cronyn) طبيب أطفال من تاكسن، أريزونا، أكثر من 70 حالة لأطفال ذوي جنس غير مطابق كجزء من عمله اليومي، ويقول إن هنالك بعض الأطفال يوضحون توجههم الجنسي منذ عمر صغير للغاية.

يقول: «عندما يصبح عمر هؤلاء الأطفال ثلاث سنوات يبدؤون يسألون آباءهم أسئلة مثل ‘متى سيظهر لي قضيب؟ لماذا يجب عليّ لبس ملابس الأولاد هذه طوال الوقت؟ لماذا لا أستطيع لبس فستان؟ أنا لست صبيًا، أنا بنت’».

التعبير الجنسي للأطفال الآخرين أكثر غموضًا، كما قال.

تقول دكتورة أوليفيا دانفورث (Olivia Danforth) -والتي تفحص المرضى صغار العمر في كورفاليس، أوريغون، وتساعد في إدارة عيادة للمتحولين البالغين- إن دورها هو توفير معلومات للآباء والأطفال، وأن تطمئنهم بأن وضعهم طبيعي، وتخبرهم عن المصادر التي يمكن الوصول إليها إذا ما أصبحت هوية الطفل الجنسية مصدرًا لعدم الراحة والإزعاج.

يقول كورنين إنه غالبًا ما يرسل الآباء إلى مجموعات دعم محلية ومخيمات صيفية للعوائل التي لديها طفل ذو جنس غير مطابق.

والهدف هنا، كما يقول: «هو إعطاء الناس فرصة لملاقاة العوائل الأخرى هذه. وفي بعض الأحيان يذهبون ويتكلمون مع الأطفال الآخرين، ويجدون أن هذا ليس الطريق الذي يسيره طفلهم، هو فقط صبي صغير يريد أن يستخدم صبغ الأظافر، ولكنه ليس متحولًا جنسيًا. وهو فرح للغاية بجسده وجنسه هذا».

ولكن في بعض الأحيان، كما قال، يظهر الطفل رغبته في تحويل جنسه -والذي يعني أن يظهر للعامة الجنس الذي يعلم أنه ينتمي إليه. ويقول إن أفضل أمر يوفره الآباء ومقدمو الرعاية الصحية هو أن يتبعوا رغباتهم.

الأطفال، وليس الأطباء، هم من يقودون عملية التحوّل:

يقول كرونين إن الخطوة الأولى للتحول ليست طبية، بل اجتماعية. وهذا الأمر صحيح بصورة خاصة للأطفال الذين لم يصلوا مرحلة البلوغ بعد والذين لا تحوي أجسامهم العديد من الدلالات الجنسية، كما قال.

سيخبر الأطفال أصدقاءهم في المدرسة، ومدرسيهم، وعائلات أخرى عن جنسهم.

والذي قد يشمل اسمًا جديدًا، وغالبًا ما تتضمن إخبار الناس عن الضمائر التي يجب استخدامها معهم.

وسيقوم الأطفال بتغيير ملابسهم بطريقة توضح الجنس المراد التحوّل اليه -على الرغم من أن دانفورث قالت إن من المهم فهم أن (كما هو الحال بالنسبة لمتوافقي الجنس وغير المتحولين) ليس كل الأطفال متحولي الجنس سيودون ارتداء ملابس نمطية لجنسهم.

ويقول كرونين أنه غالبًا ما يلاحظ اختلافات في الطرق التي يتحول بها الذكور والإناث.

«بعض الأولاد سيتحولون اجتماعيًا بصورة مباشرة. إذ إنهم يقصون شعرهم ويبدأون بارتداء ملابس الأولاد، قد يستخدمون حشوًا مشابهًا للقضيب أو رباطًا طوقيًا لمنطقة الصدر».

قد تكون الفتيات أكثر حذرًا، كما قال. «في أغلب الأوقات يلاحظن مشاكل الأمان المرتبطة برؤية شخص ما بملامح ذكورة يقدم نفسه على أنه أنثى».

ويقول أن الفتيات غالبًا ما يظهرن للمجتمع بصورة أبطأ، ولكنهن يكن ثابتات في نيتهن للتحول مثل الأولاد المتحولين. الأمر الأهم الذي يجب على الآباء والعائلة والأصدقاء القيام به عندما يتحول الطفل اجتماعيًا، كما قالت دانفورث، هو أن يحترموا ويؤكدوا الجنس الذي يظهره الطفل.


لا يحصل الأطفال ممن هم في مقتبل العمر على العلاج الهرموني، ولا يمرون أبدًا بعملية جراحية تناسلية:

الكثير من الشائعات فيما يخص الرعاية الطبية للأطفال المتحولين جنسيًا تدعي أن الأطباء يجبرون الأطفال بالقيام بتغييرات دائمة على أجسامهم.

كل طبيب أطفال تكلم مع شبكة (Live Science) بخصوص هذا الأمر أوضح أن هذا الأمر غير صحيح ولا يعرفون أي طبيب يقوم بهذا الأمر.

الأطفال الذين لم يصلوا مرحلة البلوغ التي تحدث فيها التغييرات الجسدية لا يحصلون على أدوية من أي نوع، كما قال كرونين.

بالنسبة للأطفال الذين يريدون هذه الأدوية، فهم لا يحصلون عليها حتى يصلوا إلى مرحلة البلوغ.

والخطوة الأولى في العلاج ليست العلاج الهرموني. بل يصف الأطباء أدوية تسمى موانع البلوغ (puberty blockers)، التي ستوقف هذه التغيرات.

معايير العلاج هذه تم تأييدها من قبل جمعية الغدد الصماء للأطفال (PES) والرابطة المهنية العالمية لصحة المتحولين جنسيًا (WPATH).

هناك أدلة محدودة على أن موانع البلوغ من الممكن أن تؤثر على الطول وكثافة العظام، ولكن قال كرونين أن المخاطر منخفضة لدرجة أنه لم يواجه أي مشكلة خلال ممارسته. وشككت البحوث الأخيرة بفكرة مشاكل كثافة العظام.

يقول كرونين أنه لا يعطي أي طفل في عيادته أي دواء مرتبط بالتحوّل إلا إذا كان «واضحًا ومتسقًا وثابتًا» حول جنسه لمدة ستة أشهر على الأقل. (ومرة أخرى، متماشيًا مع مبادئ PES وWPATH).

وفي نفس الوقت، تقول الدكتورة دانفورث أنه يجب على الآباء الحذر لوجود بعض الأطباء الذين يتمادون في هذه الفكرة.

«أعتقد أن التحذير الأكبر هنا هو الانتباه إلى نوع الأحكام والشروط التي يريد مقدم الرعاية الصحية إضافتها للعلاج.

كان هنالك تقليد تاريخي متمثل بإخضاع المريض للكثير من الاختبارات والإجراءات وفعاليات تعسفية أخرى».

على سبيل المثال، يُتَوَقع من الفتيات المتحولات ارتداء الفساتين وصبغ الأظافر دائمًا «ليثبتوا» جنسهم، على الرغم من وجود عديد الفتيات مطابقات الجنس اللاتي لا يقمن بهذه الأمور.

التصرف بصورة نمطية ذكرية أو أنثوية مبالغ بها هو ليس أمرًا يقوم به الطبيب المسؤول قبل منع البلوغ.

لماذا نمنع البلوغ؟

تقول دانفورث أن هناك خطرًا كبيرًا بأن يقوم الطفل بإيذاء نفسه أو قد يحاول الانتحار إذا ما بدأ جسمه بالنمو بطريقة تسبب اضطراب الهوية الجنسية المنهك (وهو أن يشعر الشخص أن هناك صراع بين هويته الجنسية وهيئته الجسدية أو الاجتماعية).

هناك أدلة على أن دعم الأطفال في عملية تحولهم من الممكن أن يحمي صحتهم العقلية.

أظهرت دراسة نشرت عام 2015 في دورية (Adolescent Health) أن الأطفال المتحولين بصورة عامة معرضون لخطر الانتحار بصورة أكبر، ولكن أظهرت دراسة أخرى أجريت عام 2016 وتم نشرها في دورية (Pediatrics) أن المراهقين الذين تم دعمهم أثناء عملية تحولهم بدوا غير مكتئبين ولكن أكثر قلقًا بقليل من أقرانهم مطابقي الجنس.

الصحة العقلية للمراهقين ليست السبب الرئيسي لموانع البلوغ، يقول كرونين.

حتى الأطفال المتحولين الذين لم يمروا بإيذاء الذات خلال فترة المراهقة يمرون بخطر تطوير صفات جسدية من الصعب أو من المستحيل عكس أثرها.

موانع البلوغ هي طريقة آمنة وفعالة لدرء الصفات الجسدية المغيرة للحياة دون إعطاء الهرمونات قبل أن يحين موعدها -أو قبل أن يصبح أغلب الأطباء مرتاحين في صرفها.

المغزى من هذا، كما تقول دانفورث، هو حماية الأطفال من مرورهم بمرحلة بلوغ غير ملائمة لهم.

يقول كرونين: «إذا لم ينمو لك صدر، لن تضطر إلى المرور بعملية إعادة بناء صدر. إذا لم تنمو لك تفاحة آدم، لن تضطر إلى إزالتها».

بالإضافة إلى هذا، من الممكن أن يقرر الأطفال إيقاف تناول موانع البلوغ من أجل أن يبدأ البلوغ لوحده.

أغلب الجدال حول التحوّل لا يركز على موانع البلوغ أو الهرمونات، بل على فكرة العمليات الجراحية. على كل حال، يقول كرونين وسمرز ودانفورث أن فكرة مرور الأطفال بعملية جراحية هي إلى حد كبير خرافة.

لا توفر العيادات بكل بساطة أي عمليات جراحية تناسلية للأطفال دون عمر 18.

في حين أن توجيهات الرابطة المهنية العالمية لصحة المتحولين جنسيًا تسمح بعمليات «الجزء العلوي» -عمليات إزالة الصدر وبنائه لبعض المراهقين الذكور «بعد وقت طويل من العيش في الجنس المرغوب وبعد عام كامل من تناوله هرمون التستوستيرون»، إلا أنها غير شائعة.


لا يبدأ العلاج الهرموني حتى مرحلة متقدمة من عملية التحوّل:

فكرة حصول الأطفال المتحولين على العلاج الهرموني هو من أجل جعل أجسامهم تتطور في نفس الوقت مع جنسهم، كما قال كرونين.

ولا يحصل الأطفال أبدًا على العلاج الهرموني حتى يصلوا إلى مرحلة البلوغ وأظهروا بصورة مستمرة وباتساق رغبتهم في الحصول عليها.

عندما يبدأ الأطفال بأخذ العلاج الهرموني، سيمرون بفترة بلوغ، في أغلب الأحيان، لا يمكن تفريقها عن تلك التي يمر بها أقرانهم مطابقي الجنس.

أصوات الأولاد أعمق من الفتيات؛ تنمو لهم تفاحة آدم وشعر الوجه؛ وتنمو لهم سمات وجهية نتيجة التستوستيرون.

ينمو للفتيات صدر؛ لا تصبح أصواتهن بعمق أصوات الأولاد؛ وتنمو لديهن سمات مدفوعة من قبل الاستروجين.

يقول كرونين أن الفتيات المتحولات يستمررن بتناول موانع البلوغ طالما لا تزال أجسامهن تنتج مستويات عالية من التستوستيرون، في حين أن الأولاد المتحولون من الممكن أن يتوقفوا عن تناول موانع البلوغ عندما يبدأون بتناول الهرمونات، لأن «التستوستيرون يعمل عمل الجرافة».

تُغَير الهرمونات نوع الخطر الطبي الذي يواجهه هؤلاء الأولاد، كما قال -الأولاد المتحولون معرضون لخطر أكبر لأن يصابوا بالصلع، على سبيل المثال، والفتيات المتحولات معرضات لخطر الخثرات الدموية- ولكن هذه المخاطر لا تختلف عن مخاطر أقرانهم مطابقي الجنس.

الفرق الأكبر بين البلوغ الحاصل بسبب الهرمونات والبلوغ غير المرتبط بتناول الهرمونات هو الخصوبة، كما قال كرونين.

تُصعّب الهرمونات على الأشخاص المتحولين حصولهم على أطفال بيولوجيين.

يختار بعض المرضى وعوائلهم حفظ البويضات والنطف قبل البدء بالعلاج الهرموني، على الرغم من أن هذه العملية مكلفة وصعبة في بعض الأحيان.

«الأمر الذي يجب علينا النظر إليه، هو خطر عدم معالجة الأطفال ذوي الجنس غير مطابق».

الأطفال الذين يتم قطع العلاج عنهم، أو الذين يتم إجبارهم لتغيير جنسهم، معرضون لخطر كبير لإيذاء أنفسهم ولأمراض عقلية أخرى.

«إن عدم القيام بأي شيء هو ليس عملًا حميدًا، وليس حياديًا، لأن الأطفال لا يملكون الخيار فيما يحصل لأجسامهم»، كما قالت دانفورث.

إجبار الأطفال للمرور بفترة بلوغ دون موانع بلوغ أو هرمونات، مع امتلاك فكرة أنهم يستطيعون التحوّل عندما يصبحون بالغين، تسبب الكثير من الأذى، دون أي فائدة، كما قالت.

«نحن نعلم حقيقة أنه فيما إذا تم قبول هؤلاء الأطفال أو رفضهم، لن يغير هذا حقيقة أنهم متحولون أم غير متحولين. ولكنه أمر متعلق بالحياة والموت. من الممكن أن تكون هنالك حيوات قد أُهدِرَت بسبب فشلنا في أن نكون داعمين ومتعاطفين مع هذا الأمر».

الجدال الأكثر أهمية بين الأطباء، كما قال كرونين ودانفورث، ليس متعلقًا بإعطاء الهرمونات بل متى يجب إعطاءها. المعايير الحالية، بالاعتماد على سن الرشد في هولندا، تنص على أن ينتظر الأطباء حتى عمر 16 ليبدأوا العلاج الهرموني.

ويقول كرونين أن في بعض الحالات يكون الانتظار تصرفًا غير مسؤول، واضِعًا الطفل في موقف يبقيه في مقتبل البلوغ حتى السنة الثانية من دراسته الثانوية. يفكر بعض الأطباء بصورة جدية في إعطاء الهرمونات للأطفال في عمر أبكر لمن يحتاجها.


  • ترجمة: سنان حربة
  • تدقيق: دانه أبو فرحة
  • تحرير: كنان مرعي
  • المصدر