استطاع العلماء، ولأول مرة، استخدام أداة التعديل الجينية CRISPR بنجاح في علاج مرض جيني في إحدى الثدييات كاملة التكون. إن التصحيح بواسطة الCRISPR هو عملية حيث يستطيع العلماء إعادة كتابة الشفرة الجينية في كائن حي عبر قص ولصق مكونات فردية من الحمض النووي DNA.

في هذه الدراسة، استخدم الباحثون في الولايات المتحدة CRISPR لمعالجة فأر بالغ من مرض ضمور العضلات الدوشيني Duchenne muscular dystrophy وذلك عبر توصيل نظام التعديل الجيني مباشرةً إلى الأنسجة المصابة باستخدام فيروس غير ممرض adeno-associated virus, AAV

“إن النقاشات الحديثة عن استخدام الCRISPR لتصحيح الخلل الجيني في الجنين البشري ولدت اهتمامًا محقًا حول التطبيق الأخلاقي لهذه المقاربة” بحسب شارل جيرسباخ Charles Gersbach، مهندس في الطب الحيوي في جامعة دوك Duke University. غير أن استخدام الCRISPR لتصحيح الخلل الجيني في الأنسجة المتضررة عند الأشخاص المصابين لم يخضع للنقاش. إن هذه الدراسات تظهر طريقاً من الممكن سلوكه، غير أنه ما زال هناك الكثير لفعله.

ضمور العضلات الدوشيني Duchenne muscular dystrophy هو نوع نادر من ضمور العضلات يصيب واحد من كل ٥٠٠٠ إنسان ذكر. إن هذا المرض، الناتج عن تغير جيني، يعيق قدرة الجسم على إنتاج الديستروفن dystrophin، وهو بروتين يصل الألياف العضلية بالنسيج المحيط بها. وبدون دعم هذا البروتين، تبدأ العضلات بالضمور.

معظم الذكور المصابين بالمرض يلزمون الكرسي المتحرك منذ سن العاشرة، والكثير منهم يتوفى قبل إتمام العشرين أو الثلاثين سنة.

وبينما استخدم الباحثون سابقاً الصدمات الكهربائية لإيصال الCRISPR إلى الخلايا المزروعة، فاستخدام هذه الوسيلة غير ممكن في كائن حي. لحسن الحظ هناك طرق أخرى للوصول.

” تشكل عملية التوصيل عقبة كبيرة أمام التعديل الجيني. نحن نعلم ما هي الجينات المفترض تعديلها في مرض معين، غير أن إيصال أداة التعديل الجينية إلى المكان المفترض أن تصله هو تحدٍ كبير. إن أفضل ما يمكن أن نفعله الآن هو استغلال الفيروسات، لأنها استغرقت مليارات السنين من التطور لتجد طريقة تدخل بها جيناتها الفيروسية إلى داخل الخلية.” بحسب كريس نيلسون، أحد الباحثين.

لإعادة توجيه الفيروس كمركبة لتوصيل العلاج الجيني، يقوم العلماء باستخراج الجينات الضارة والمتكاثرة في الفيروس وإدخال الجينات العلاجية التي يريدون تطبيقها في نسيج المريض بدلاً منها.

في هذه الدراسة، استخدم الباحثون هذه التقنية على فأر يملك تغير في قسم مشفر لبروتين على جينة الديستروفن، ما يجعل الجينة غير قادرة على إنتاج البروتين.

لقد برمج العلماء نظام الCRISPR ليقوم بقص هذا الجزء المختل، مما يحث نظام التصليح الطبيعي في الجسم لإلصاق الجينة الباقية سوية، الأمر الذي يخلق نسخة جديدة من الجينة، أقصر ولكن فعالة.

اختبر العلماء التقنية أولاً عبر إدخال العلاج مباشرةً في رجل فأر بالغ. عندما رأوا أن العضلة استعادت قوتها بسبب زادها الجديد من الديستروفن، قاموا بحقن اتحاد ال CRISPR/AAV في مجرى دم الفأر، فنتج عن ذلك تصحيحات جزئية في عضلات أخرى في الجسم من ضمنها القلب، وهو أمر ذو أهمية كبرى، لأن فشل عضلة القب هو سبب شائع للوفاة للمرضى المصابين بضمور العضلات الدوشيني.

الوقت ما زال مبكراً، وهناك طريق طويل قبل استخدام هذه التقنية في علاج الأمراض الجينية عند البشر، ولكن العلماء المشاركين يعتبرون أن ما أنجزوه سيساعدنا في الوصول إلى هذه النقطة.

“ما زال هناك مقدار كبير من العمل قبل استعمال هذه التقنية في علاج البشر وإثبات سلامتها، غير أن هذه النتائج من تجربتنا الأولى مثيرة للغاية. من هنا سنعمل على تحسين نظام التوصيل وتقييم هذا التطبيق في الحالات السيئة من المرض و تقييم الكفاءة والسلامة في حيوانات أكبر بهدف استخدامها في التجارب السريرية.” بحسب جيرسباخ.


 

المصدر