خلال الزيارة القصيرة التي قام بها هذا الزائر من الفضاء ما بين النجوم الشهر الماضي، التفتت العديد من التلسكوبات لإلقاء نظرة.

ما رأوه، ونشرته صحيفة “Nature”، كان مألوفًا واستثنائيًّا في نفس الوقت.  إنّ الكويكب، الذي يُطلق عليه الآن تسمية “أوموموا – Oumuamua ” (تعني جَوّال أو رسول في اللغة الهاوائية Hawaiian)، ذو لون أحمر غامق، شبيه بالأجسام من المدى البعيد لمجموعتنا الشمسية.

يُلخّص المؤلّفون أنّه على الأرجح كتلة من صخرة غنيّة بالمعدن مع القليل من الماء أو الجليد احمرّت نتيجة الأشعّة الكونيّة التي تضرب سَطحَها لملايين السنين عند عبورها فضاء النجوم.

والمفاجأة هي أنّ الضوء القادم منه كان ينبض بسطوعٍ بمعامل 10 كل 7.3 ساعات، مما يشير إلى أنه يدور بسرعة وطوله يساوي عشرة أضعاف عرضه- هو مطوّل أكثر من أي شيء معروف بين كواكبنا.

ويُقدِّر الباحثون أن نصفَ قطره الوسطيّ يبلغ نحو 100 متر أما طوله فيبلغ 800 متر تقريبًا. كما يعتقدون أنّ هكذا زوّار قد ينتقلون عبر مجموعتنا مرة واحدة في السنة، ولكنّهم عادةً صغيرون جدًّا لنتمكّن من رؤيتهم.

في التاسع عشر من تشرين الأول، رصد تلسكوب (Pan-STARRS 1) التابع لجامعة هاواي في (هاليكالا – Haleakalā) هذا الجسم الذي أُطلِق عليه مؤقّتًا اسم “A/2017 U1″، والذي يبلغ قطره 400 متر ويتحرّك بسرعة.

اكتشفه لأوّل مرة روب ويريك (Rob Weryk)، عالم فلك في جامعة هاواي (UH) في هونولولو، وأكّد تلسكوب وكالة الفضاء الأوروبية في تينيريفي في جزر الكناري ذلك الاكتشاف.

كانت حركة الجسم الواردة -البالغة 25.5 كيلومتر في الثانية- متطرِّفة، مما جعل علماء الفلك يعتقدون أنّه ليس ذلك النوع من الكويكبات أو المذنبات التي تُرَى عادةً داخل مجموعتنا الشمسية.

وقال دافيد فارنوتشيا (Davide Farnocchia)، خبير المسار في مختبر الدّفع النفّاثJet Propulsion Laboratory (JPL)  التابع لناسا في باسادينا بولاية كاليفورنيا: «هذا هو المدار الأكثر تطرُّفًا الذي شاهدته على الإطلاق. إنه يسير بسرعة كبيرة وبهكذا بمسار حيث يمكننا القول بكل ثقة أن هذا الجسم في طريقه للخروج من المجموعة الشمسية ولن يعود».

استنادًا إلى مساره الحالي، فإن الزائر جاء من كوكبة (ليرا Lyra -) واقترب من مجموعتنا الشمسية من “الأعلى”، عموديًّا على مستوي معظم الكواكب التي تدور حول الشمس.

أعدَّت ناسا هذا التصوّر الجميل لمسار الغرض، في التاسع من أيلول، كان في مساره الأقرب للشمس، ثم سحبته الجاذبية بقوة في مسارٍ “أسفل” المجموعة الشمسية.

وفي الرابع عشر من تشرين الأول، كان في أقرب ممرٍّ له بالأرض، ما يساوي 60 ضعفًا لبعد القمر. والآن هو يدور في حلقات فوق مستوى الكواكب، بسرعة 44 كيلومترًا في الثانية، متّجهًا إلى كوكبة (بيغاسوس – Pegasus).

ليس مُفاجئًا وجود مثل هذه الصخرة الفضائية، أو المذنّب- يتوقّع العلماء أن هكذا بقايا تتذبذب حول المجرّة، وهي مخلّفات متبقيّة من تشكّل الكواكب. نحن بحاجة لمزيد من الرصد، لتأكيد مصدرها.

في نهاية المطاف، سيحتاج الزائر إلى اسم، ولا توجد قواعد حتى الآن لتسمية هؤلاء الضيوف من خارج المجموعة الشمسية.

وقالت كارين ميتش (Karen Meech)، عالمة الفلك في معهد جامعة هاواي لعلم الفلك في هونولولو ومتخصصة في الأجسام الصغيرة وصِلَتِها بتكوين المجموعة الشمسية: « لقد اشتبهنا منذ مدة طويلة أن أجسامًا كهذه يجب أن تكون موجودة، لأنه خلال عملية تشكيل الكوكب يجب على العديد من المواد أن تُقذَف من أنظمة الكواكب. إنّ الأمر الأكثر دهشة هو أننا لم نرَ أجسامًا من الفضاء ما بين النجوم تعبر مجموعتنا من قَبْل».

لأنّ هذا هو الجسم الأول من نوعه الذي اكتُشف للمرة الأولى، فإن قواعد تسمية مثل هذا النوع من الأجسام يجب أن يضعها الاتحاد الفلكي الدولي (the International Astronomical Union).

وقال بول تشوداس (Paul Chodas)، مدير مركز JPL لدراسات الأجسام القريبة من الأرض: «لقد انتظرنا هذا اليوم منذ عقود. لقد كان هناك نظريات منذ مدة طويلة أنّ أجسام كهذه موجودة- كويكبات أو مذنبات تتحرك بين النجوم وأحيانًا تمرُّ عبر مجموعتنا الشمسية- لكن هذا هو أوّل اكتشاف من هذا القبيل.

حتّى الآن، كل شيء يشير إلى أن هذا على الأرجح جسمٌ من الفضاء ما بين النجوم، ولكن مزيدًا من البيانات من شأنها أن تساعد في تأكيد ذلك».


  • ترجمة: لميا عنتر
  • تدقيق: رزان حميدة
  • تحرير: أحمد عزب

المصدر