في أحد خطاباته يوم الأربعاء، عبَّر رئيس الوزراء الأسترالي عن قلقه من سلوك جموع المشترين المذعورين الذين أفرغوا رفوف الاستهلاكيات في أنحاء البلد كله قائلًا: «توقفوا عن التخزين، لا يمكنني أن أكون أكثر حدة حيال ذلك، فقط توقفوا. ما تقومون به ليس معقولًا وليس مفيدًا وهو أكثر سلوك مخيب للآمال رأيته في تعامل الشعب الأسترالي مع الأزمة. بدأ الأمر بتخزين ورق المراحيض، والآن وصلنا لمرحلة يصعب فيها تأمين المواد الغذائية غير القابلة للتلف بسبب تكديس المشترين لها تحسُّبًا لما هو أسوأ».

هل من أسباب تبرر هكذا سلوك؟ وكيف يمكننا مقاومة هذا الاندفاع النفسي كي نتمكن من الشراء بذكاء محتسبين حوائج الآخرين؟

كوفيد-19: اختبار غير متعمّد للضغط النفسي

إن فترة تفشي فيروس كورونا ليست فترة مجهولة وصعبة التوقع فحسب، بل هي فترة فُرِض علينا فيها العزل. لهذين العاملين دور هام في دفعنا لشراء أشياء لا نحتاجها.

لماذا أصابنا هلع التسوق وما الذي علينا فعله؟ علم النفس يجيب - تعامل الشعب الأسترالي مع أزمة كورونا - تأمين المواد الغذائية غير القابلة للتلف

إحساسك بعدم القدرة على تحمل المجهول له رابطٌ قوي جدًا بسلوك التخزين الحاد. التخزين الحاد هو جمع الكثير من الأغراض يومية الاستعمال لدرجة تعيق إتمام الوظائف في المنزل. بالرغم من أن ما نراه من سلوكيات تخزين لا ينطبق عليها التعريف السابق، إلّا أنها مدفوعة بذات العوامل النفسية.

أحد أكثر العوامل التي تساعد في توقع سلوك التخزين عند الأفراد هو اعتقاد الفرد الشخصي أنه غير قادر على تحمل المِحن. إذا كان من طبيعة الفرد تجنب عوامل الضغط والابتعاد عنها، فإنه من المحتمل أن يلجأ لشراء المزيد من الأغراض اليومية أثناء الجائحة.

قد يستصعب هذا النوع من الناس تصديق السلطات عند الإعلان عن أن المحلات التجارية لن تُغلق. وإن صدقوا، فقد يقررون أنه من الأفضل الاستعداد تحسبًا لتغير الأوضاع وإغلاق التعاونيات.
بالإضافة إلى ذلك، يُذكِّر فيروس كورونا الناس أنهم معرضون للموت في أي لحظة ما يزيد من الإنفاق بغية التحكم بالخوف.

قد ينتهي أحيانًا المطاف بالأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم قادرين على تحمل الضغط بشراء أكثر من حاجتهم. رؤية الرفوف الفارغة قد تثير رغبة اختطاف كل ما تبقى. إحدى الدراسات البحثية عن الندرة scarcity heuristic تقول إن البشر يفترضون أن الأغراض أكثر قيمة عند ندرتها.

إضافةً إلى ذلك، لا تُشترى البضائع التجارية لأغراضها الوظيفية وحسب، فللشركات أغراض نفسية من هذه البضائع فهي تروج لها عبر جعل الناس يشعرون بشعور أفضل عند شرائها. على سبيل المثال، يلجأ البعض للكحول للتعامل مع الضغط أو للتوتر.

كيف نقاوم هذه الدوافع النفسية؟

كيف نستطيع أخذ قرارات عقلانية عندما تُصعِّب عدة قوى نفسية علينا الأمر؟

بالرغم من عدم وجود علاج مثالي، تساعد تقنيات العلاج السلوكي المعرفي الناس على تجنُّب اتخاذ القرارات المبنية على العواطف والدوافع النفسية غير المساعدة. أثبت العلاج السلوكي المعرفي فاعليته في تحسين صعوبة تقبل المجهول وفي خفض القلق والخوف.

يتضمن هذا العلاج وسائل حل المشكلات والانخراط في السلوك المُتجنّب لاختبار صحة معتقدات الفرد عن ذاته. فكرة هذا العلاج هي مساعدة الناس على تحدي الأفكار المُتعِبة واتخاذ القرارات بالاستناد إلى الأدلة.

لتطبيق هذه الوسائل أثناء التبضع خلال جائحة الكورونا، عليك أن تجمع الأغراض الموجودة في منزلك وأنت من تحدد كم ستدوم.

عند الذهاب للتبضع، عليك أن تكون مسؤولًا وأن تختار ما لا يُنتج الكثير من النفايات. لن يساعدك تأمين المواد الغذائية التي تَفسد أو شراء الكثير من الأغراض التي يَصعب على الغير ومن ضمنهم المسنين تأمينها. لن يساعدك شراء 100 حزمة من أوراق المراحيض إن كنت ستستعملها على مدى عام!

يمكن الحد من النفايات الغذائية بواسطة وضع خطة لوجباتك للأسبوع أو الأسبوعين القادمين مع الأخذ بعين الاعتبار صلاحية تلك الأطعمة. عند التركيز على احتياجاتك الواقعية خلال تلك الفترة، ستتمكن من اتخاذ قراراتك الشرائية بالاستناد إلى الواقع.

لا بأس إن شعرت بالقلق

عند التسوق، خذ معك لائحة بالمشتريات وحاول قدر الإمكان الالتزام بها. بهذه الطريقة، ستكون أقل عرضة للخضوع للشراء المستنِد إلى الخوف والقلق من الرفوف الفارغة أو من فكرة أن المحلات ستُغلَق. كُن أكثر تقبُلًا لشراء البدائل عن الأغراض التي نفدت. بإمكانك التخطيط لهذا مُسبقًا.

قد يُشعِرك شراء الأغراض لاستعمالها فقط في المستقبل القريب بالقلق، وهذا طبيعي، وقد أثبتت العديد من الدراسات أنه باستطاعة الناس تحمل القلق، وأن تغيير السلوكيات غير المساعدة يخفف من هذا القلق على المدى الطويل.

أثبتت الدراسات أيضًا أن الناس الذين يعانون من التخزين الحاد قادرون على تحمل الضغط أكثر مما يتصورون. ولهذا حتى وإن كان من المحتم أن تشعر بالقلق عند ذهابك للتسوق، فعلى الأغلب ستتمكن من تحمله، بل وستتمكن أيضًا من تخفيضه إن اتبعت الوسائل المذكورة سابقًا.

يعاني الأستراليون من مشكلة شراء الأغراض التي لا يحتاجونها وذلك قبل جائحة الـ COVID-19. يحتل الأستراليون المرتبة التاسعة في العالم في إنتاج النفايات المنزلية للفرد، إذ يدفعون أكثر من 10.5 مليار دولار سنويًا على بضائع وخدمات نادرة الاستخدام، وأكثر من نصف هذا المبلغ يُصرف على تأمين المواد الغذائية التي تتلف.

ربما يساعد فهم الآليات النفسية التي تتحكم بالسلوك الشرائي على اتخاذ قرارات أكثر عقلانية أثناء هذه الفترة المجهولة.

اقرأ أيضًا:

فيروس كورونا: الخوف من الوباء أم وباء الخوف؟

إليك بعض النصائح البسيطة لتجنب الأخبار الزائفة حول فيروس كورونا

ترجمة: زهراء حدرج

تدقيق: نغم رابي

المصدر