تستطيع الشركات العامة أن تختار التحول إلى خاصة لعدة أسباب، ويوجد عدد من التأثيرات طويلة الأجل وقصيرة الأجل يجب أخذها بالحسبان عند التحول إلى شركة خاصة إذ يوجد تنوع في المميزات والعيوب. وفيما يلي نظرة على المتغيرات التي يجب على الشركات النظر فيها قبل اتخاذ قرار التحول إلى شركة خاصة.

فهم الشركة العامة

توجد مميزات لكون الشركة عامة، فبيع أسهم شركة عامة وشراؤها مثلًا هو تعامل غير معقد مع تركيز المستثمرين على الأصول السائلة كالأموال النقدية، وتترافق صورة الشركة العامة أيضًا بشيء من الاحترام، لأن كون الشركة مساهمة عامة يعني ضمنيًا مستوى من الحجم التشغيلي والمالي والنجاح، خصوصًا إذا تداولت الأسهم في سوق رئيسية مثل بورصة نيويورك.

لكن يوجد أيضًا عدد هائل من اللوائح التنظيمية والإدارية والتقارير المالية وتشريعات إدارة الشركات التي يجب أن تلتزم بها الشركات العامة. ما قد يحول تركيز الإدارة بعيدًا عن تشغيل الشركة وتطويرها إلى الالتزام بالتشريعات الحكومية بواسطة تلك الأنشطة.

فمثلاً يفرض قانون سوكس (Sarbanes-Oxley أو SOX) لعام 2002 الكثير من قواعد الامتثال والقواعد الإدارية على الشركات العامة، فهو نتيجة ثانوية لفشل شركتي Enron و Worldcom عام 2001 و2002، وفرض على جميع مستويات الشركات المتداولة للعلن تطبيق ضوابط تحكُم داخلية وتنفيذها، وأكثر ما يثير الجدل في قانون سوكس هو البند 404 الذي يفرض تطبيق ضوابط التحكم الداخلية على كل التقارير المالية وتوثيقها واختبارها على جميع مستويات الشركة.

يجب على الشركات أيضًا إجراء الهندسة التشغيلية والمحاسبية والمالية لتحقيق توقعات الأرباح ربع السنوية لوول ستريت. والتركيز على تقرير الأرباح ربع السنوية قصيرة الأجل الذي يمليه المحللون الخارجيون، قد يؤثر في تحديد أولوية الأهداف والوظائف طويلة الأجل، مثل البحث والتطوير ونفقات رأس المال وتمويل المعاشات التقاعدية. وفي محاولة للتلاعب بالبيانات المالية، لجأت بعض الشركات العامة إلى تقليص الحقوق التقاعدية لموظفيها لتُظهر توقعات شديدة التفاؤل في عائدات الاستثمار بالمعاشات التقاعدية.

ماذا يعني التحول إلى شركة خاصة؟

يشير مصطلح الاستحواذ الخاص (take-private) إلى إقدام مجموعة كبيرة من الأسهم الخاصة أو اتحاد من شركات الأسهم الخاصة على شراء أسهم شركة مساهمة عامة أو الاستحواذ عليها. ولأن معظم الشركات العامة كبيرة الحجم وتكسب عائدات سنوية مقدرة بمئات الملايين إلى عدة مليارات من الدولارات، فيصعب عادةً على شركة مستحوِذة أن تمول عملية الشراء بمفردها. عمومًا تحتاج مجموعة الأسهم الخاصة المستحوِذة إلى تأمين التمويل بواسطة مصرف استثماري أو مُقرض يستطيع تزويد قرض كاف للمساعدة على التمويل وإتمام الصفقة. وبوسع الشركة المستحوَذ عليها استخدام التدفق المالي التشغيلي لتسديد الدين المُستخدم للاستحواذ.

تحتاج مجموعات الأسهم أيضًا إلى تأمين عائدات ملائمة للمساهمين، وتقلل الرافعة المالية كمية حقوق ملكية المساهمين المطلوبة لتمويل عملية الاستحواذ وتزيد العائدات على رأس المال المُستثمر. بعبارة أخرى، الرفع المالي يعني أن مجموعة الاستحواذ تقترض أموال شخص آخر لشراء الشركة ودفع فوائد ذلك القرض من النقود المكتسبة من الشركة المشتراة حديثًا، ويُسدد رصيد القرض بالنهاية مع نصيب من زيادة قيمة الأصول، ثم تستطيع شركة الأسهم الخاصة إعادة باقي التدفق النقدي والزيادة في قيمة الأصول إلى المستثمرين على شكل دخل وعوائد على رأس المال على استثماراتهم، بعد اقتطاع حصتها من رسوم الإدارة.

تعرض عادةً الإدارة خطة عملها على المساهمين المحتملين فور الموافقة على الاستحواذ، وتغطي هذه النشرة التعريفية توقعات عن الشركة والصناعة، وتضع استراتيجية تُظهر كيف ستوفر الشركة عائدات لمستثمريها.

تستطيع شركات الأسهم الخاصة اقتراض النقود المطلوبة للاستحواذ على شركة عامة عندما تجعل ظروف السوق عملية الائتمان متوفرة بسهولة. وعندما ينكمش سوق الائتمان ويصبح الدين مكلفًا، تقل عادةً عمليات الاستحواذ الخاص.

اتخاذ القرار للتحول إلى شركة خاصة

غالبًا ما يبني كل من البنوك الاستثمارية والوسطاء الماليين والإدارة العليا علاقات مع شركات الأسهم الخاصة لاستكشاف فرص الشراكة والمعاملات. ولأن المستحوذين يدفعون علاوة على سعر السهم الحالي لا تقل عن نسبة 20% إلى 40%، فبوسعهم جذب المديرين التنفيذيين والمديرين الآخرين للشركات العامة الذين ينالون تعويضًا عاليًا عندما ترتفع قيمة أسهم شركاتهم لتصبح شركات خاصة.

غالبًا ما يحاول المساهمون إتمام الصفقة المعلقة بهدف زيادة قيمة ممتلكاتهم من الأسهم، وذلك بالضغط على مجلس الإدارة والإدارة العليا، خصوصًا من لديهم حق التصويت، والكثير من حاملي الأسهم في الشركات العامة هم أيضًا مستثمرو تجزئة ومستثمرون في الاستثمار المؤسسي قصير الأجل، ويدركون أن العلاوة من صفقة خاصة هي طريقة منخفضة المخاطر لتأمين العوائد.

عند التفكير في إتمام صفقة مع مستثمر أسهم خاصة يجب على فريق إدارة الشركة العامة موازنة الاعتبارات قصيرة المدى مع التطلعات بعيدة المدى للشركة، وعليهم تحديدًا أن يقرروا التالي:

  •  هل التعامل مع شريك مالي منطقي على المدى الطويل؟
  •  كم قيمة الرافعة المالية التي ستفرض على الشركة؟
  •  هل سيدعم التدفق المالي من عمليات التشغيل دفعات الفائدة الجديدة؟
  •  ما النظرة المستقبلية للشركة والصناعة كليًا؟
  •  هل التوقعات مفرطة في التفاؤل أم واقعية؟

وتحتاج الإدارة إلى التمعن في سجل المستحوِذ المُقترح، ومن المعايير الواجب أخذها في الحسبان:

  •  هل المستحوذ عدائي في الاستفادة من شركة مستحوذ عليها حديثًا؟
  •  ما مدى معرفة المستحوذ بالصناعة؟
  •  هل لدى المستحوذ توقعات سليمة؟
  •  هل لدى المستحوذ مستثمرون يتدخلون في الإدارة؟ أم ستُعطى الإدارة درجة من الحرية في إدارة الشركة؟
  •  ما استراتيجية خروج المستحوذ؟

مزايا الخصخصة

توفر عملية التحول إلى الخاص أو عملية الخصخصة وقت الإدارة والجهود للتركيز على تشغيل وتطوير العمل التجاري، إذ لا حاجة للامتثال لقانون سوكس، ما يعني قدرة فريق الإدارة العليا على التركيز أكثر على تحسين حصة السوق التنافسية، وتركيز الضمان الداخلي والخارجي والمحترفين القانونيين والمستشارين المحترفين للعمل على متطلبات التقارير لمستثمري القطاع الخاص.

لدى شركات الأسهم الخاصة تنوع في الجداول الزمنية للخروج من استثماراتها، لكن فترات الاحتفاظ -الوقت الذي يحتفظ فيه المستثمر بالاستثمار- تكون عمومًا بين أربعة وثمانية أعوام، ويحرر هذا الأفق أولويات الإدارة من تحقيق المكاسب ربع السنوية المتوقعة، وتسمح للإدارة بالتركيز على الأنشطة التي تستطيع خلق ثروة للمساهمين وبناءها على المدى الطويل. فقد يختار المديرون إعادة تدريب موظفي المبيعات والتخلص من قليلي الإنجاز منهم، ويمكن استثمار الوقت الإضافي والأموال التي تتمتع بها الشركات الخاصة عند تحررها من التزامات التقارير في أغراض أخرى، مثل تطبيق مبادرة تحسين سير العملية في جميع أقسام المنظمة.

السلبيات

قد تسبب شركة الأسهم الخاصة التي تضيف الكثير من الرفع المالي للشركة العامة لتمويل الصفقة إضعافًا خطيرًا للمنظمة إذا حدثت ظروف معاكسة، فقد ينكمش الاقتصاد مثلًا، أو قد تواجه الصناعة تنافسًا عنيدًا من خارج البلاد، وقد تخسر عمليات الشركة إيرادات مهمة.

إذا واجهت الشركة المخصخصة صعوبة في تسديد دينها، سيعاد تصنيف سنداتها من الدرجة الاستثمارية إلى سندات عالية المخاطر. ما سيجعل زيادة رأس المال المقترض وزيادة رأس المال المملوك صعبًا لتمويل الإنفاق الرأسمالي والتوسع أو البحث والتطوير.

تحديد المستويات السليمة للإنفاق الرأسمالي والبحث والتطوير غالبًا ما تكون مسألة حرجة ومؤثرة في نجاح الشركة طويل الأجل، فيجب السعي لتمييز منتجاتها وخدماتها المتاحة وجعل مركز الشركة أكثر تنافسية في السوق، في حين تمنع مستويات الدين العالية الشركة من ضمان مميزات تنافسية في هذا الصدد.

لا يجري تداول أسهم الشركة الخاصة في أسواق التداول العام، في الواقع، تتنوع سيولة ممتلكات المستثمرين في شركة مخصخصة اعتمادًا على المقدار الذي تريد شركة أسهم خاصة أن تأخذه من السوق، أي مدى استعدادها لشراء حصص المستثمرين الراغبين بالبيع. قد يجد مستثمرو القطاع الخاص مشتريًا لحصصهم من الأسهم في الشركة، أما إذا حددت اتفاقيات الخصوصية تواريخ الخروج، فقد يصبح بيع الاستثمارات تحديًا صعبًا.

الخلاصة

يُعد التحول إلى شركة خاصة خيارًا جذابًا وقابلًا للتطبيق لكثير من الشركات العامة. وتؤدي عملية الاستحواذ إلى مكاسب مالية مميزة للمساهمين والمديرين التنفيذيين، وتوفر قلة المتطلبات التنظيمية والتقارير الوقت والأموال لجعل التركيز على الأهداف بعيدة المدى. وتوفر عملية تشغيل الشركة الخاصة وقت الإدارة وطاقتها من متطلبات الامتثال وإدارة المكاسب قصيرة الأجل، وقد توفر مكاسب طويلة الأجل للشركة ومساهميها، ما دامت مستويات الديون معقولة والشركة مستمرة بالحفاظ على نمو التدفقات النقدية الحرة.

اقرأ أيضًا:

ما هو التدفق النقدي؟

الاستحواذ على الأسهم

ترجمة: يوسف حمد

تدقيق: محمد حسان عجك

المصدر