أخبرني صديق مؤخرًا أنه عانى من دوار مزعج إثر شربه للكحول بعد ليلة احتفالية صاخبة، إذ قال بأنه كان يشرب الكحول باستمرار لكنه لم يسبق له أن أصيب بدوار سيىء كهذا من قبل.

واعتقد أيضًا أن سبب ذلك الدوار هو اختياره لخمرٍ رخيصٍ في الليلة السابقة ليوفر بضعة دولارات، والذي اعتبره المسؤول عن ذلك الدوار المزعج.

ولقد وافقته الرأي.

في البداية، يجب أن ننوّه بأنه ليست جميع المشروبات الكحولية الرخيصة أو ذات التكلفة المنخفضة مؤذية، ولقد استخدمنا كلمة “رخيص” في هذا المقال لتعود على المشروبات الكحولية ذات (الجودة المنخفضة).

آثار كحول أخرى:

إن أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل المشروبات الكحولية الرخيصة قد تتسبب في حدوث دوار سيىء للغاية هو أن تلك المشروبات تحتوي على كمية معينة من آثار كحول أخرى.

وكما ترى، فإن الكحول الذي تشربه ليس كحولًا خالصًا بالطبع، إذ يحتوي الملصق الموجود على أي عبوة كحول إشارة لكمية الكحول التي تحتويها.

فإذا كان مكتوبًا على ملصق زجاجة فودكا (40%) هذا يعني أن 40% من محتويات الزجاجة هي إيثانول، وبينما تنتج عملية التخمير الإيثانول، فهي تنتج أيضًا عددًا من أنواع الكحول الأخرى (كالميثانول)، وفي الواقع فإن هذه الأنواع الأخرى من الكحول يمكنها أن تعبث بجسدك، خاصةً وإن استُهلكت بكميات كبيرة.

الشوائب:

الشوائب هي إحدى النواتج الثانوية لعملية التخمير، وتسمى أيضًا (fusel alcohols) أو (fusel oils) في الدول الأوروبية، وهي عبارة عن خليط مكون من العديد من أنواع الكحول الناتجة عن عملية التخمير، وكلمة (fusel) هي ألمانية الأصل وتعني الخمور السيئة.

هناك أنواع عديدة من الشوائب، وبعضها عبارة عن كحوليات عالية المستوى، وهي الكحوليات التي تحتوي على أكثر من ذرتي كربون، إذ إن الإيثانول لديه ذرتي كربون فقط.

وبالتالي فالكحوليات الأخرى عدا الإيثانول تسمى (كحوليات عالية المستوى).

ونتيجة لعدد ذرات الكربون الزائدة تتميز هذه الكحوليات بارتفاع درجة غليانها وكتلتها الجزيئية.

لا تستطيع أجسامنا فعليًا التعامل مع هذه الكحوليات عالية المستوى، إذ تعتبرها سمومًا، ويعد الصداع هو العَرَض الشائع لتعامل الجسم مع تلك السموم.

ولذلك، فإنه من المرجح جدًا أن تحتوي المشروبات الكحولية الرخيصة على آثار كحول أخرى أكثر من الكميات المعتادة، والتي ينتج عن شربها غالبًا شعور مزعج وازدياد في حدة الثمالة.

(ملاحظة: يختلف الأشخاص في طريقة تأثرهم بشرب هذه المشروبات الكحولية، كما أن بعض الأشخاص يتحمّلون الخمور الرخيصة أفضل من غيرهم).

النقاوة:

تُستخدَم عملية تسمى التقطير من أجل فصل الكحول عن الماء، وتُنفّذ العملية برفع درجة حرارة مزيج الماء والكحول لتصل إلى درجة حرارة أقل من درجة غليان الماء وأعلى من درجة غليان الكحول، عندها يتحول الكحول الموجود في المزيج إلى بخار، وفي النهاية يتم تجميعه وتكثيفه ليعود للحالة السائلة مجددًا، وبذلك تحصل على الكحول النقيّ عند نهاية عملية التقطير.

والآن من المثير للانتباه أنه عادة ما يتم إجراء عملية التقطير مرات عديدة ليصل بذلك الكحول إلى أعلى درجات النقاوة. كما يمكن القول إن المشروبات الكحولية عالية الجودة قد جرى تقطيرها عدة مرات، في حين أن المشروبات الكحولية الرخيصة تم تقطيرها مرة أو مرتين فقط.

لذا، إن كنت تشرب الخمور الرخيصة فأنت بذلك تخاطر بإدخال كمية شوائب إلى جسدك أكثر مما يمكنك معالجته بسهولة، وبذلك تشعر بدوار فظيع.

هل شربت الكثير من الكحول؟ تجهز للثمالة إذن!

تذكر أنه بغض النظر عمّا إذا كنت تشرب كحولًا غاليًا أو رخيصًا، فإن شرب أي مشروب كحولي قد يؤدي بك إلى دوار فظيع، وخاصةً إذا أفرطت في الشرب، والسبب الرئيسي وراء ذلك هو الجفاف.

وكما ترى، يُعدّ الكحول مدرًا للبول، أي يجعلك تتبوّل أكثر، ومن الواضح حينها أن كميات المياه التي تصل لأعضائك الداخلية تكون أقل من التي تصل لها في الوضع الطبيعي، وفي محاولة من تلك الأعضاء لتغذي نفسها فهي تحاول أن تحصل على أكبر قدر ممكن من الماء وبقدر ما تستطيع الوصول إليه، بما في ذلك الماء الذي يغذي دماغك، ما يضعف الدماغ ويجعلك تصل بنفسك إلى دوار مروّع!

لذا من الأفضل لك أن تراقب شربك للكحول، وخاصةً إذا كنت ممن يفرطون في الشرب، (ويعد ذلك في الحقيقة أمرًا صعبًا، فكلما شربت أكثر، ستزداد رغبتك بشرب المزيد)، ما سيتسبب بإصابتك بدوار وآثار ثمالة فظيعة سواء أحببت ذلك أم لا.


  • ترجمة: رؤى الشرايده
  • تدقيق: رزان حميدة
  • تحرير: ناجية الأحمد
  • المصدر