نحن الرّجال نجفل لمجرّد التّفكير بتلك الضّربة.

إذا كانت الأفلام الكوميديّة التي لا تُعدّ ولا تُحصى حقيقيّة، فهناكَ دائمًا شيءٌ مسلٍّ لو تلقّى رجلٌ ما ضربة بين فخذيه.

ولكن لو كنتَ في ذلك الموضع حيث تتلقّى ركلة طائرة على مغبنك، فستكتشف أنّ هذا ليس مسليًّا على الإطلاق؛ فالألم سيكون كافيًا لجعل أقوى الرّجال يشبك يديه متألّمًا فوق مكان الرّكلة.

هناك شيءٌ غريب بخصوص هذا الألم، فهو ينتشر ولا يبقى متموضعًا في مكانه.

الضّربة على المغبن لا تسبب الألم للخُصيتين، إنّها بالأحرى تسبّب ألمًا فظيعًا لمعدتك، وقد تتقيّأ أيضًا، لكن لماذا؟

لفهم هذا؛ دعونا نبدأ من الصّفر.

عندما تتلقّى ضربة على المغبن، فإنّ إشارة عصبيّة تُسافر بسرعة مذهلة تصل إلى 426كم/ساعة (265 ميلًا في السّاعة) إلى الدّماغ.

هذه الإشارة العصبيّة، ترسل بوساطة ناقلٍ عصبيٍّ يُدعى “المادّة P” (ببتيد عصبيّ يتكوّن من سلسة رواسب أحماض أمينيّة عددها 11)، تُخبر الدّماغ أنّ شيئًا ما حدث في منطقة المغبن، وإشارة ألم أخرى تُرسل لتنبيه الجسم بأنّ خللًا فادحًا يحدث.

هذا هو السّبب الرئيس في اختبارنا للألم -بأيّ شكلٍ من أشكاله- إنّه ببساطة، نظام التّنبيه العصبيّ في الجسم.

وِفقًا لصحيفة الرّجال (Men’s journal)، فإنّه وبينما يحدث ما تقدّم ذكره، فإنّ الإندروفينات (مُسكّنات ألم طبيعيّة يُنتجها جسدك) تتأهّب وتنطلق، وهذا هو الأمر الذي يُؤدّي إلى انخفاضِ مُستوى الأكسجين؛ وتاليًا، الغثيان والصّداع.

وهناك عدّة عمليّات أخرى قد تحدث أيضًا.

واعتمادًا على الشّخص المُصاب، فإنّ هذا الاندفاع من الألم الشّديد والإندروفين، قد يسبّب تورّمًا في الأذن الدّاخليّة، وتاليًا، الشّعور بالدّوار أو الدوخة، ويُمكن أن يثير العقد الودّية العنقيّة، والتي تدفع النّاس للبكاء. بعبارةٍ أخرى، إنّ جسدك ستعمّه الفوضى.

رغم أنّ ضربة المغبن شديدة ومؤلمة، فإنّ هذه العمليّات التي تقدّم ذكرها تحدث دائمًا عندما يتعرّض الجسم لأيّ ضربة مؤلمة.

ومع أخذ هذا بعين الاعتبار، فإنّ الألم الذي يلي ضربة المغبن قد يبدو سخيفًا نوعًا ما، من المفروض أن ينبّهك عن مكان الإصابة التي تعرّضت لها، ولكنّه بدلًا من ذلك، يُعبّر عن نفسه ويظهر في بطنك بدلًا من خصيتيك، أليسَ كذلك؟ كيف لجسمك أن يُحدِث هذا التّضليل لك؟

حسنًا، في الواقع، إنّ هذا منطقيٌّ جدًّا، فالخصيتين عند الذّكور تتشكّلان في جوف البطن أثناء نموّ الجنين (وتُهاجر إلى كيس الصّفن في الشّهر الثّامن أو التّاسع تقريبًا).

وبعدما تُهاجران من جوف البطن، فإنّ الأعصاب والأوعية الدّمويّة، تبقى متّصلة بتلك المِنطقة.

عندما تتحرّر “المادّة P” من الخصيتين، فإنّ إشارات الألم يجب أن تُسافر من جوف البطن هابطة نحو الخصيتين.

ولأنّ هذه المسارات العصبيّة توجد بكثرة في البطن؛ فإنّ هذا يعطي شعورًا بأنّ الألم قد توقّف هناك. هذا ليس صحيحًا بالضّرورة؛ وذلك لأنّنا نشعر بألمٍ في خصيتينا بالفعل.

يبدو بالنّهاية، أنّ الألم في جوف بطوننا يُلهينا عن الألم في خصيتينا؛ وذلك لأنّ مساحة البطن أكبر.

وِفقًا لأنتوني ريفاس من مجلّة (Medical daily)؛ فإنّ العصب الحائر (Vagus nerve)-وهو عصبٌ طويل وحسّاس جدًّا، يمتدّ من رأسك وحتّى مغبنك- هو المُلام الكبير في كلّ ما يحصل هُنا.

ولأنّ العصب الحائر طويل وحسّاس جدًّا؛ فهو يُكوّن إحدى المسارات التي تنتقل عبرها إشارات الألم عندما تتلقّى ضربة بين فخذيك.

وبسبب حجم وطول هذا العصب أيضًا، فإنّ إشارات الألم ستعمّ أكثر في أنحاء الجسم عندما تصل إلى البطن، وهذا يفسّر لنا سبب شعورنا بألمٍ كبيرٍ في بطوننا مقارنة بالألم الذي نشعر به في خصياتنا.

وما يزيد الطّين بلّة، أنّ العصب الحائر عندما يتنبّه بقوّة، فقد يؤدّي إلى شعورٍ بالدّوخة، الصّداع، وعددٍ من الأعراض التي لن تكون مُحبّبة لأحد.

في الختام، إنّ ضربة المغبن تُسبّب عاصفة من الألم والأعراض غير السّارة.

لأنّ منطقة حسّاسة وصغيرة كهذه، تُطلق إشارات ألم تتركّز في البطن وتُحاصَر هناك.

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ تنبيه العصب الحائر وتدفّق الإندروفينات، سيسبّب شعورًا بالمرض، الدّوران، والتّعرّق.

ولهذا، يجب عليك أن تأخذ حذرك جيّدًا كلّما خرجت من المنزل.