إذا كنت ستخضع لجراحة ما فقد تشعر بالقلق من الآلام التالية لها، ومن واجبات الطبيب تخفيف هذه الآلام عنك، لكن هل يفضل الأطباء استخدام بعض المسكنات أكثر من الأخرى؟ ولماذا؟ وجدت دراسة أُجريَت حديثًا ونُشرت في مجلة الجمعية الطبية الكندية أن مضادات الالتهاب اللاستيرويدية توفر تسكينًا أفضل وآثارًا جانبية أقل من الكوديين بعد الجراحة، ووجد الباحثون أن المرضى الذين تناولوا مضادات الالتهاب اللاستيرويدية شعروا بمستويات أخف من الألم بعد 6-12 ساعة من الجراحة مقارنة بالمرضى الذين تناولوا الكوديين، إذ قال باحثو الدراسة: «تابعنا مجموعات الدراسة في جميع أنواع الجراحات عند استخدام مضادات الالتهاب اللاستيرويدية لتسكين ألم الجراحة، ووجدنا أن مستويات الألم عندهم كانت أخف أو مساوية لمستويات الألم عند استخدام الكوديين، ووجدنا أن المرضى الذين اختيروا عشوائيًا لاستخدام مضادات الالتهاب اللاستيرويدية كانت درجة التقييم العالمي للأداء وتسكين الألم لديهم أفضل وعانوا آثارًا سلبية أقل دون أي اختلاف في معدل النزف مقارنةً بالمرضى الذين اختيروا لتناول الكوديين».

نتائج الدراسة

راجع الباحثون 40 تجربة منضبطة عشوائية لما يزيد على 5100 بالغ مشارك، لمقارنة أمان مضادات الالتهاب والكوديين وفعاليتهما. صرّح الطبيب شون ماكي رئيس قسم طب الألم في جامعة ستانفورد في كاليفورنيا أن نتائج الدراسة ليست مفاجئة، وأضاف: «يعد الألم التالي للجراحة أذية منظمة تتضمن تحريض استجابة التهابية، وهنا يأتي دور مضادات الالتهاب اللاستيرويدية لتخفيف التورم والألم، إنها مسكنات جيدة، وأستطيع أن أرى بوضوح مدى تأثيرها في تسكين آلام مختلف الجراحات».

آلية عمل مسكنات الألم

ينتمي الكوديين إلى مجموعة الأدوية الأفيونية، وتعمل هذه الأدوية عبر تغيير استجابة الجهاز العصبي والدماغ للألم، يقول ماكي: «يُعد الكوديين مادة أفيونية ضعيفةً ولا نستخدمه عادةً لتسكين الآلام التالية للجراحة في الولايات المتحدة». أما مضادات الالتهاب اللاستيرويدية فتعمل بواسطة الارتباط بالإنزيم المُصنع للبروستاغلاندين، وهو مادة كيميائية لها دور مهم في حدوث الالتهاب والشعور بالألم، لذا فإن تخفيض كمية البروستاغلاندين في الجسد سيخفف حدة الألم والالتهاب. يقول ماكي: «نعطي عادة مزيجًا من النوعين لتسكين الآلام التالية للجراحة».

مقارنة الآثار الجانبية

يملك كلا الدوائين بعض الآثار الجانبية، لكن باحثي الدراسة الكندية وجدوا أن المرضى الذين استخدموا مضادات الالتهاب اللّاستيرويدية لتسكين الآلام التالية للجراحة عانوا آثارًا ضارة أقل مقارنةً بمن تناولوا الكوديين. يقول ماكي: «يُعَد الكوديين مسكنًا للألم لكنه مسكن ضعيف، ومن سلبيات كونه مسكنًا ذا طبيعة أفيونية الآثار الجانبية للمواد الأفيونية مثل الإمساك والغثيان والتقيؤ والحكة، وقد يسبب أيضًا بطء التنفس عند بعض المرضى المستعدين لذلك. وقد يسبب الاستخدام الخاطئ للأدوية الأفيونية الإدمان في المستقبل، من النادر حدوث ذلك لكنه ما يزال أمرًا محتمل الحدوث».

تحمل مضادات الالتهاب اللاستيرويدية بعض المخاطر أيضًا، يقول ماكي: «من إيجابيات مضادات الالتهاب اللّاستيرويدية انعدام احتمال الاعتياد عليها وإدمانها، فهي آمنة عمومًا، لكن لها أيضًا بعض الآثار السلبية مثل زيادة خطورة النزف لأنها تمنع الصفيحات من الالتصاق ببعضها، وذلك يقلل من التخثر ويزيد النزف بعد الجراحة». وتسبب مضادات الالتهاب اللّاستيرويدية أيضًا تهيجًا لجدار المعدة، وقد يؤدي الاستخدام طويل الأمد لها إلى حدوث أذية كلوية وارتفاع ضغط الدم وزيادة احتمال حدوث الأمراض القلبية الوعائية.

ومع أن باحثي الدراسة الكندية استنتجوا أن استخدام مضادات الالتهاب اللّاستيرويدية يوفر تسكينًا أفضل وآثارًا جانبيةً أقل بعد العمل الجراحي مقارنةً بالكوديين، فإن هذه النتائج لا تنطبق على باقي الأدوية الأفيونية. يوضح ماكي: «في هذه الدراسة نقارن مضادات الالتهاب اللاستيرويدية بمادة أفيونية واحدة فقط وهي الكوديين، لذا لا نستطيع تعميم هذه النتائج على باقي الأدوية الأفيونية مثل المورفين والهيدروكودون والهيدرومورفين والفنتانيل أو أي دواء أفيوني آخر».

اقرأ أيضًا:

تيار كهربائي مركز قد يساعد الدماغ على تسكين الآلام

علاجات منزلية لاضطراب المعدة

ترجمة: محمد أديب قناديل

تدقيق: غزل الكردي

المصدر