لماذا لا تزود الطائرات التجارية ركابها بالمظلات ؟ – توفّر الرحلات الجوية لركابها سترات نجاة لاستعمالها حال هبوط الطائرة اضطرارياً فوق الماء, لكن ماذا عن القفز من أجل النجاة؟ لماذا لا تُرفق سترات النجاة بمظلات هوائية من أجل حماية حياة الراكب؟

تزوّد السيارات بالأحزمة والوسائد الهوائية من أجل حماية ركابها، كما تُستغل المظلات لإنقاذ الأشخاص الذين ولسبب ما، غادروا الطائرة وهي محلِّقة، فما الذي يمنع من تزويد ركاب الطائرات التجارية بمظلات لإنقاذ حياتهم في حالات الطوارئ؟

الجواب بكل بساطة، لأنّها لن تنقذ حياة أي إنسان!

أساسيات رياضة الهبوط بالمظلات:

أثناء قفز المظلي من على متن الطائرة يتوجّب أن تكون هذه الأخيرة على سرعة 80 الى 110 ميلا في الساعة.

وفي حالة القفز المظلي الترادفي Tandem skydiving وحالة القفز الحر المتسارع AFF يكون القفز من على بعد 10,000 و13,000 قدم بينما يكون القفز الثابت من على ارتفاع 3,500 قدم

تلاميذ القفز المظلي الذين يختارون النّوع الأول ” القفز المظلي الترادفي” والذي يُعتبر الأسهل من بين الأنواع الأخرى، يكون فيها المتعلّم معلّقًا بطريقة آمنة على مدربّه الخبير، لكن ومع ذلك يُطلّب منه نصف ساعة من دراسة أسس التعليمات الجوية.

في حين أنه يجب على المبتدئين الأكثر شجاعةً والراغبين في التحليق منفردين, تحمُّلِ أربع إلى خمس ساعات مكثّفة من دراسة التعليمات الجوية، ما يشمل أيضا تعلمَ طرق المناورة الجسدية ولغة الإشارة المستعملة للتواصل مع المدرّب المرافق.

وفي حالة السقوط المتسارع، ورغم أنّه لا يُقام بمعية أحد إلّا أنّه من الضروري مرافقة كل مبتدئ من طرف مدرّبَين، يُمسكان بحزامه إلى حين انفتاح المظلة.

كذلك يتوجب على من يختار السقوط الثابت مزاولة أربع ساعات إضافية من التعليم، رغم كون المظلة تنفتح فور مغادرة المظلي للطائرة.

حينما يغادر المظليين الطائرة يكونوا فرادى أو ضمن مجموعات صغيرة، لا تتبعها المجموعات الأخرى إلّا بعد فاصل زمني محدّد.

باستطاعة المظليين من ذوي الخبرة إنجاز ما هو أخطر، رغم تفاقم احتمال الإصابة بنقص التأكسج ”hypoxia” والتأثر الشديد بالارتفاع، حين يزيد هذا الأخير عن 15,000 قدم، يُصبح من الصعب جدًا على المظليين اتّخاذ القرارات الوقائية اللازمة في الوقت اللازم، لذا يزوَد المظليون في هذه الحالة بأكسجين إضافي.

يضاف إلى ماسبق وزن المظلة الواحدة والذي يزيد عن 18 كغ، وأيضًا إرتفاع ثمن التجهيزات والذي يتراوح بين 5,900دولار أمريكي إلى 9.000 دولار

أساسيات الطائرات التجارية:

لربما تكون الطائرات التجارية الأكثر شعبية هي عائلة الـبوينغ 737،إذ باستطاعة الـ بي 737-800 أن تُقِلَ مئتي راكب على متنها، كما تبلغ سرعتها المتوسطة 600 ميل في الساعة.

حين تكون على ارتفاع الترحال cruising altitude يتراوح حينها إرتفاع الطائرة ما بين 35,000 قدم و 39،000 قدم ، حيث يُحدد هذا الأخير من طرف المراقبين الجويين ، باستثناء الرحلات الطويلة التي قد تحلق على إرتفاعٍ أعلى من ذلك.

لن تُحسِّن المظلات الفردية من حماية حياة الركاب..

فلنقم بالقليل من الرياضيات

تدريب الركاب

بما أنّ أربع ساعات من التدريب على القفز المظلي فقط لصعود الطائرة، أمرٌ مستحيل، فعلى الركاب قراءة وتطبيق كل تعليمات القفز، بما في ذلك ربط أحزمة التجهيز بطريقة صحيحة من أجل الاستفادة من المظلة.

كما أنّ ليس الجميع يبرع في اتّباع الخطوات والتعليمات بدقة حتى وإن لم يكن الزمن والضغط عاملان محسوبان.

في ظرف طارئ مثل سقوط طائرة، يجد الراكب أمامه لحظات قصيرة لارتداء تجهيز المظلة بشكل صحيح، وعلى الأرجح مع الحفاظ على قناع الأكسجين مربوطًا بإحكام على وجهه والإبقاء على حزام المقعد مَغلقاً، لن يكون بوسع أحد تحقيق كل ذلك.

كل راكب مخوّلٌ لنفسه

حتى وإن اختار الركاب القفز على طريقة السقوط الثابت، لن يكون القفز المظلي من على متن طائرة تجارية إلّا سقوطا متسارعا AFF، ولكن، على عكس الشروط التي يحصل عليها الطلاب، لن يكون هنالك مدربون مرافقون، حيث سيكون على الركاب التعلّم خلال السقوط.

فضلا على وجوب حفاظهم على الهدوء والمضي بخطى ثابتة والتزام النظام بانتظار أدوارهم بأناة، وليس من المرجح حدوث ذلك.

معدات القفز المظلي ضخمة

إضافة المظلات وحدها دون الأجهزة المرافقة، سيزيد ما يقارب 3600 كغ لوزن الطائرة فضلا عن حجمها الكبير المستهلك للمساحة.

سيكون للقفز بالمظلات معنى فقط حين حدوث مشكلة في منتصف التحليق

الوقت المناسب الوحيد للقفز من الطائرة هو أثناء مرحلة التطواف cruise, إلّا أنّه من الضروري معرفة أن أغلبية الحوادث المُميتة تكون في مرحلة الإقلاع و الهبوط.

حيث كانت نسبة الحوادث الواقعة في مرحلة التطواف بين سنتي 2003 و2012 لا تتعدى 9% حيث كانت أغلبيتها بسبب صعوبة الأحوال الجوية، وفي هذه الحالة لا يسمح بالقفز المظلي لخطورة الأمر، حتى على الخبراء.

تطير الطائرات النفاثة السياحية بسرعات كبيرة على ارتفاعات عالية

على ارتفاع 35،000 قدم (أعلى ثلاث مرات من ارتفاع قفز اعتيادي) سيحتاج كل راكب إلى تجهيز مظلي خاص بالارتفاعات العالية (HALO) High Altitude Equipement يتضمن خزان الأكسجين، قناع منظِم، بدلة طيران، خوذة باليستية، ومقياس الارتفاع من أجل تعديل الهواء، أو من الممكن الدخول في حالة الـ hypoxia مع أمل الاستيقاظ في وقت لاحق مع انفتاح المظلة أوتوماتيكيا عند ارتفاع 15,000 -20,000 قدم.

بالطبع كل ذلك لن ينفع بما أنّ سرعة الطائرة خارقة (600 ميل في الساعة) بالإضافة لضخامة حجمها التي ستعرض العديد لاصطدام عنيف عليها.

المظلة المركبية الشاملة للطائرة، عكس ما سلف، من شأنها حماية الأشخاص، هنالك أمل ! مع أنّه في السنوات القليلة الماضية، تم تجهيز العديد من الطائرات بمظلات على المركبة whole-plane parachute لتبطيء من سرعة نزولها، كما شهد عام 2013 تزويد أكبر مركبة تستعمل النظام الوقائي هذا، وهي طائرة تقل خمس ركاب، كما لا تزال الأعمال جارية من أجل تزويد طائرات أكبر بهذه التقنية كما صرّحت إحدى الشركات المصنعة: “لا شك في أنّ شركات طيران المستقبل الكبرى ستحظى بمثل هذا النظام المظلاتي”.

فيديو عن استعمال المظلة المركبية الشاملة


  • ترجمة : نرجس دواق.
  • تدقيق: أسامة القزقي.
  • تحرير: سهى يازجي.
  • المصدر