« أودّ أن أعرف لماذا لا تبقى السماء مضاءة طوال الوقت ليلًا.

تعطي النجوم الموجودة بالكون الحرارة ويجب على هذه الحرارة أن تذهب إلى مكان ما، أليس هذا صحيحًا؟

عادةً ما يترافق الضوء مع الحرارة، وهذه الحرارة التي لا تختفي يجب أن تدفئ الكون.

ولذلك يجب على السماء أن تكون مضاءة في الليل كما في النهار (أنا أفترض أن عشرة بلايين سنة كافية جيدًا لتدفئة الكون)»

ربما تطرّقت إلى مشكلة شائعة تعود إلى ما يسمى بمفارقة أولبر أو مفارقة السماء المظلمة (Olber’s Paradox)، ومن المحتمل أنّ الحل لهذه المشكلة مفاجئ تمامًا.

ردًّا على السؤال الذي طرحته، أعتقد أنه يمكنني القول ببساطة: «لا، عشرة بلايين سنة غير كافية لتدفئة الكون وإمداده بالحرارة».

وبعبارة أكثر دقة، يبلغ عمر الكون حوالي 13 بليون سنة وهذا يعني أنّ نجمًا واحدًا يستطيع فقط أن يدفئ منطقة من الفضاء على مسافة حوالي 13 بليون سنة ضوئية منه.

بالإضافة إلى أنّ الضوء لم يمتلك الوقت الكافي للوصول إليها حتى الآن.

لذلك، عندما ننظر إلى السماء في الليل، فنحن نرى الضوء المشع من النجوم التي تبعد عنا مسافة تتراوح حوالي 13 بليون سنة ضوئية، والكمية الكليّة من الضوء المُنتج من كافّة النجوم ليست كافية لإضاءة السماء ليلًا.

يسمح لك المزيد من الوصف التفصيلي لمفارقة أولبر استنتاج أن الكون (أ) لو كان كبيرًا بما فيه الكفاية لنجد نجمًا في نهاية كلّ مرمى نظر (ب) وكان لا نهائيّ القِدم (ج) وكان ثابتًا لا يتوسع (د) بالإضافة إلى العديد من الافتراضات البسيطة الأخرى التي لو استوفيت؛ فستبدو السماء بأكملها مضيئة مثل سطح الشمس تقريبًا!

لذلك، فإنّ المراقبة البسيطة للسماء ليلًا تسمح لنا بقول شيء عميق عن كوننا: لا يمكن أن يكون لانهائيًّا، فهو أبدي وثابت كلّ الوقت!

يعتقد الكثير من الناس أنّ الكون كان بهذه الطريقة، وتبين أنّ كل ما كان يجب عليهم فعله لإقناع أنفسهم هو خلاف التفكير باهتمام حول سؤال بسيط يسأله كل الأطفال: «لماذا السماء مظلمة في الليل؟ » وقد كان هذا محط جدل حول المثل القديم القائل: لا يوجد هناك شيء مثل سؤال غبي!

واتّضح لنا أنّنا لا نزال نجهل لانهائيّة الكون، لكنّنا نملك معرفة جيدة عن عمر الكون ونعلم أنّه آخذٌ بالتوسع، ومما سبق، نجد أنّ العمر المحدد للكون يظهر المعنى الأساسي لمفارقة أولبر.

قد قرأت مقالة شيّقة في جريدة «The New York Time» تقول أنّ الشاعر أدغار ألان بو أول من شرح مفارقة أولبر في شعره المنثور المنسيّ «Eurek» (نُشر في عام 1848) كتب بو قائلًا: «إذا كان عدد النجوم لا نهائيًّا، فإنّه سيكون لنا في الكون صورة تشبه صورة السماء في ليلة صافية كالتي تقدمها لنا مجرّتنا».

إنّ النجوم منثورة بترتيب في كل الاتجاهات.

وبما أنّه لن يكون هناك أيُّ نقطة في هذه الصورة التي لا يوجد فيها نجمة، فلا يوجد إلا تفسيرٌ واحدٌ للفراغات الموجودة بين النجوم في الصورة.

هناك في هذه الفراغات نجوم بعيدة لدرجة أنّ نورها لم يصلنا بعد»، (الاقتباس السابق موجود في هذه الصفحة، والتي تحتوي أمثلة عديدة عن شعر بو في علم الغيب)، يبدو أنّ المقطوعة الآنفة أفضل مني في محاولة شرح الظاهرة، أليس كذلك؟


  • ترجمة: ناجية الأحمد.
  • تدقيق: عبدالسلام الطائي.
  • تحرير: يمام اليوسف.
  • المصدر