من الغريب أنّنا نشعر بالحاجة إلى التبوّل دون إرادتنا طوال ساعات استيقاظنا، ولكن نادرًا ما نشعر بذلك أثناء نومنا.

هل تساءلت يومًا لماذا؟ ما هو السحر الفسيولوجي الذي يحمينا ويبعدنا كلّ ليلةٍ عن معاناة الاستيقاظ من أكثر اللحظات راحةً وهدوءًا للتردد إلى الحمام، ثم العودة إلى الفراش غاضبين تمامًا، وغير قادرين على مواصلة النوم؟

فازوبرسين – ADH

تعمل الكلى على موازنة كميّة المياه المُخزنة في أجسامنا عن طريق امتصاص بعض الماء وإعادة تدويره وتوزيعه في مجرى الدم، مع التخلّص من بعضه عن طريق طرده من الجسم على شكل بول من خلال مجرى البول.

في حين أنّ الجفاف خَطِر جدًا لأسبابٍ واضحةٍ، فإنّ فرط السوائل خطيرٌ أيضًا؛ لأنّ فائض الماء سيخفف من الأملاح الضرورية لبقائنا.

يُعرف الهرمون المسؤول عن امتصاص الماء في الجسم بهرمون فازوبرسين أو الهرمون المضاد لإدرار البول (ADH).

يُنتَج هذا الهرمون في الغدة النخامية، يوجِّه تفعيله الكليتين إلى إعادة امتصاص المياه التي تمر من خلالها للتأكّد من عدم تعرّضنا للجفاف، بينما إلغاء تنشيطه يوجِّه الكليتين للسماح بمرور الماء لضمان عدم تعرّضنا لفرط السوائل.

يجب أن تكون قد لاحظت (أو جربت) كيف يُعاني شخص يشرب الكحول من الرغبة الدائمة في التبول؛ الكحول يجعلك تتبوّل لأنّه مُدّرٌ للبول، أيّ مادة تُشجّع على زيادة إنتاج البول.

يثبّط الكحول أو يمنع استجابة مستقبلات الفازوبريسين الموجودة على غشاء الكلى.

النتائج والآثار واضحة: ستتوقف الكلى عن امتصاص أي ماء في الجسم لإعادة تدويره.

وبالتالي، فإنّ السبب البسيط لعدم شعورنا بالحاجة للتبوّل عندما نكون نائمين هو أنّ الدماغ يّدرك أنّ الجسم في حالة راحة، فيزيد من إنتاج الفازوبرسين.

ويجبر الفازوبرسين الزائد الكليتين على إعادة امتصاص أي مياه تمر عبرها وإعادة تدويرها في مجرى الدم. ونتيجةً لذلك، لا يُنتَج أي بول على الإطلاق.

لماذا ما زلنا نميل إلى التبوّل في الليل؟

بالطبع، نعرف أنّ هذا ليس صحيحًا تمامًا؛ منع التبول أثناء النوم ليس مطلقًا.

يمرّ الناس بين الحين والآخر بمعاناة الاستيقاظ من أهدأ وأجمل مراحل النوم للذهاب للتردد إلى الحمام.

في الواقع تسمح كليتانا بمرور كميةٍ قليلةٍ من الماء، وتملأ المثانة أثناء النوم.

إنّه تراكم تدريجي للبول وإخماد للفازوبرسين، مع إعادة تشغيل إيقاع ساعاتنا البيولوجية (نأمل في الصباح) الذي يدفعنا للرغبة الشديدة للتبوّل عند الاستيقاظ. ومع ذلك، غالبًا ما تكون المثانة مليئةً بالفعل بالكثير من البول إذ أنّ أصغر الإضافات أثناء الليل تملأ المثانة إلى سعتها القصوى.

يمكن أن تكون المثانة ممتلئةً بالكامل تقريبًا بسبب استهلاك الكحول (الذي، إذا كنت تنتبه، يقوم بإخماد الفازوبرسين، وبالتالي تتفاقم المشكلة)، القهوة، الماء أو ببساطة أي سائل تشربه في ساعات ما قبل النوم.

عندما تُملَأ المثانة بالكامل، تجد الضغط الناتج عليها لا يُحتمل، فتُشير إلى الدماغ بأنّها بحاجة إلى التفريغ … على الفور!


  • ترجمة: أيمن صابر
  • تدقيق: براءة ذويب
  • تحرير: صهيب الأغبري
  • المصدر