يذكّرنا هذا السؤال عن السبب الذي يجعل الرقم مرفوعًا إلى الصفر يساوي واحدًا، وهو سؤال تمّت الاجابة عليه في مقالة سابقة. كذلك، سأعيد تأكيد ما كنت قد أكدته سابقًا حين أوضحت هذه الحقيقة الواضحة دون خجل من طرحها، والتي لا يمكن تفسيرها، فالعلاقة ليست تعسفية.

هناك ثلاث طرق لبرهان أنّ مضروب الرقم صفر يساوي الواحد

أكمل النمط

إن مضروب أي رقم س هو حاصل ضرب كل الأرقام من واحد حتى س، ويرمز لهذهِ العملية بعلامة التعجب (!) بعد الرقم المطلوب ايجاد مضروب له، فنرمز لمضروب الرقم “س” بـ “س!”. عمليًّا يُمكن توضيح مسارات الضرب بالتالي:

1! = 1*1 = 1

2! = 1*2 = 2

3! = 1*2*3 = 6

4! = 1*2*3*4 = 24

فإذًا (س-1)!=1*2*3*4*(س-3)*(س-2)*(س-1)

وبالتالي منطقياً س! =1*2*3*4*(س-3)*(س-2)*(س-1)*س

أو س!= س*(س-1)! *…………….* (1)

إذا نظرت إلى هذه المسارات بتمعن، سيتبين أنّ هناك نمطًا كشف نفسه، وإن أكملنا هذا النمط سنتمكن من إظهارِ استنتاجٍ منطقي:

4!/4 = 3!

3!/3 = 2!

2!/2 = 1!

1!/1 = 0!

أو 0!=1

يمكننا الوصول لهذه النتيجة ببساطة من خلال التعويض في المعادلة السابقة والتي رمزنا لها بـ (1)

1! = 1*(1-1)!

1 = 1*0!

والنتيجة نفسها: 0!=1

ومع ذلك فإن هذا الشرح لا يخبرنا لماذا مضروب الأرقام السالبة غير موجود. دعونا نعود إلى النمط المكتشف سابقًا لمعرفة السبب.

2!/2 = 1!

1!/1 = 0!

0!/0 = … مستحيل

سأوافق على أن هذه الطرق مريبة قليلًا ومبهمة، وهي طرق لتحديد مضروب للصفر، وهي كمن يجادل رجل القش -مقولة مستخدمة لتبيان المغالطة في الطرح– ومع ذلك بإمكاننا إيجاد تفسير بحيث يتوقف وجوده على حساب معاملات الضرب – التوافيق “Combinatorics”.

التراتبيات

لقد كان متعارفًا منذ القرن الثاني عشر أنّ هناك س! طريقة لترتيب أعداد س من الاجسام بطرق مختلفة، وهذا المشهد من ترتيب الاجسام يعرف بالتباديل ” permutation”. دعنا نشرح من خلال مثال بسيط لماذا هناك س! طريقة لترتيب س جسم.

لنفرض وجود 4 كراسي، سيجلس عليها 4 أشخاص، الكرسي الأول سيتم حجزه من خلال أحد الأشخاص الأربعة، وبالتالي فإنّ عدد الخيارات الناتجة هو 4. بعد حجز الكرسي الأول، يبقى لدينا 3 خيارات لحجز الكرسي الثاني. وبنفس الطريقة، الكرسي التالي سيمثل خيارين، والكرسي الأخير خيار واحد حيث يتم حجزه من خلال آخر شخص. وبالتالي، فإنّ العدد الكلّي للخيارات هو 4*3*2*1 أو 4! أي بإمكاننا القول أنّ هناك 4! طرق لترتيب 4 كراسي مختلفة.

إذًا، عندما تكون قيمة س تساوي صفر، يمكننا طرح السؤال على الشكل التالي: ما هي عدد الطرق المختلفة التي يمكننا من خلالها ترتيب عدد صفر من الأجسام؟ بالطبع الإجابة ستكون واحد، هناك فقط تبديل واحد، أو طريقة واحدة من أجل ترتيب صفر أجسام، والسبب أنه لا يوجد شيء لترتيبه. حقًا؟ حقيقة إنّ هذا لمختص بفرع فلسفي، وإن كان واحدًا من المفاهيم البغيضة أو الزائفة التي يتكلم عنها المبتدؤون بعد قراءة نيتشه على موقع Pinterest.

لنأخذ مثالًا يتضمّن أجساما مادية، حيث يمكن أو يؤدي لفهم أوضح، معاملات الضرب هي مرتكز لحساب التوافيق، عملية تقوم بتحديد الترتيبات، لكن على عكس التباديل فإنه لا يوجد اعتبار لترتيب الأشياء. الاختلاف بين التباديل والتوافيق هو كالاختلاف ما بين مفتاح له شيفرة، وبين وعاء يحتوي على مزيج من الفواكه على شكل مكعبات. الأقفال المشفّرة تسمى عن خطأ “أقفال التوافيق” بينما فعليًّا يجب أن يطلق عليهم أقفال التباديل، فمثلا 123 و321 لا يمكن استخدامهم معًا لفتح القفل إنّما واحدٌ فقط يمكن أن يستخدم.

القاعدة العامة لتحديد عدد الطرق، حيث أنَّ أشياء “ص” يمكن ترتيبهم على أماكن “س” تكون حسب المعادلة الرياضية التالية:

حيث :

  • عدد طرق الترتيب: P
  • عدد الأشياء ص : K
  • عدد الأماكن س: n

بينما، لتحديد عدد الطرق لتجميع أجسام “ص” من أجسام “س” تكون حسب المعادلة التالية

حيث :

  • عدد طرق التجميع: C
  • عدد الأجسام ص : K
  • عدد الأجسام س: n

هذا يسمح لنا مثلًا لتحديد عدد الطرق التي من خلالها يمكن اختيار طابتين من حقيبة تحتوي خمس طابات من ألوان مختلفة، وذلك لأن ترتيب اختيار الطابات غير مهم، فإننا نلجأ الى المعادلة الثانية لحساب التوافيق المتتابعة (كما في الصورة أدناه).

والآن ماذا لو كانت “ص” و”س” تحملان نفس القيمة؟ فلنعوض القيم في المعادلة لنحصل على الناتج، نستنتج أنّ مضروب الصفر موجود في مخرج الكسر.

لكن كيف يمكن فهم هذه المعادلة الحسابية في صورة أوضح بالنسبة للمثال الذي بين أيدينا؟ إنَّ الحسابات هي بالضرورة الحل للسؤال التالي: ما هو عدد الطرق التي يمكن من خلالها اختيار ثلاث طابات من حقيبة تحتوي على ثلاث طابات فقط؟ حسنًا، بالطبع سيكون الجواب واحد. إن التقاط الطابات بأي ترتيب كان لن يؤدي إلى أي اختلاف، وبالتعويض في المعادلة يتبين أنّ مضروب لصفر سيكون دونَ أدنى شك واحد.

المراجع


  • ترجمة: إبراهيم سيد أحمد
  • تدقيق: لؤي حاج يوسف
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر