نحن نستطيع التقاط صور عالية الوضوح لمجرات تبعد عنا آلاف السنين الضوئية، لكن ليس باستطاعتنا مشاهدة الكواكب التي تسير داخل تلك المجرات، وذلك لكون تلك المجرات أكبر فلكيًا وأكثر لمعانًا من الكواكب.

تتشكل المجرة الواحدة من مليارات النجوم والكواكب والغبار النجمي والغازات.

نحن نعيش على الأرض وهي جزء من العديد من الأنظمة الشمسية التي تحتويها مجرتنا درب التبانة.

هناك عدد كبير من المجرات الاخرى في هذا الكون، تُعد مجرة المرأة المسلسلة (Andromeda) أقرب مجرة ضخمة إلى مجرتنا؛ فرغم أنها تبعد 2.5 مليون سنة عن الأرض إلا أنها كبيرة جدًا بحيث تُعد أبعد نقطة يُمكن أن يشاهدها البشر بالعين المجردة.

لكن هذه المجرة ليست الأقرب لنا، إذ توجد عدة مجرات صغيرة أخرى أكثر قربًا من مجرة المرأة المسلسلة، لكن الأخيرة تُعد أقرب المجرات الحلزونية الكبيرة لمجرتنا.

الآن، فكر بهذا الأمر للحظة، تبعد مجرة المرأة المسلسلة عنا حوالي 2.5 مليون سنة ضوئية، ولمن لا يعلم، فإن السنة الضوئية هي المسافة الكلية التي يقطعها الضوء خلال سنة واحدة، وجميعنا نعرف أن سرعة الضوء تساوي 300 مليون متر في الثانية، قد تمنحك هذه الأرقام تقديرًا تقريبيًا للبعد الهائل لمجرة المرأة المسلسلة عن مجرتنا.

لكن رغم هذه المسافة الهائلة، يمكننا رؤيتها في السماء ليلًا شرط أن تكون في المكان المناسب وفي الوقت المناسب تمامًا.

نظرًا إلى هذه المعطيات، فإن حقيقة عدم قدرتنا على مشاهدة الكواكب التي تبعد بضع سنوات ضوئية فقط عن الأرض تثير الاستغراب، بل إننا بالكاد نستطيع مشاهدة كواكب مجموعتنا الشمسية!

لماذا نستطيع مشاهدة المجرات البعيدة في سمائنا ولا نرى الكواكب القريبة منا - إمكانية رؤية المجرات البعيدة وعدم القدرة على رؤية الكواكب القريبة

لماذا يمكننا مشاهدة المجرات البعيدة ؟

نستطيع مشاهدة المجرات البعيدة ، بغض النظر عن بعدها، لسببين رئيسين:

  1. ضخامة المجرات.
  2.  لمعان المجرات.

رغم أن المجرات بعيدة جدًا عن كوكبنا ونظامنا الشمسي، لكنها بلا شك ضخمة جدًا. إذ تتكون مجرتنا من حوالي 100 مليار إلى 400 مليار نجم، ويبلغ عرضها حوالي 100 ألف سنة ضوئية.

بينما يبلغ عرض مجرة المرأة المسلسلة حوالي 220 ألف سنة ضوئية.

تُعد مجرة الكلب الأكبر القزمة (Canis Major Dwarf Galaxy) أقرب المجرات للشمس وتقع على بعد 25 ألف سنة ضوئية (أي ما يعادل236,000,000,000,000,00 km)، بعد ذلك تأتي مجرة الرامي الإهليجية القزمة (Sagittarius Dwarf Elliptical Galaxy) والتي تبعد حوالي 70 ألف سنة ضوئية عن الشمس (أو ما يعادل 662,000,000,000,000,00 km!).

لذلك كما تتخيل، المجرات كبيرة جدا، ولهذا السبب يمكننا رؤيتها من الأرض.

إضافةً إلى كونها ضخمة، فإن المجرات أيضًا شديدة السطوع بفضل مليارات ومليارات النجوم التي تحتويها، ما يساعدنا على رؤيتها في السماء ليلًا.

لم لا نرى الكواكب رغم استطاعتنا مشاهدة المجرات البعيدة؟

د غالبًا ما نميل إلى تجاهل مدى صغر حجم الكواكب مقارنة بالمجرات. فإذا افترضنا أن المجرة عبارة عن كرة سلة، فإن الكوكب سيكون أصغر بمليون مرة من ذرة واحدة من ذرات الغبار المتشبثة في الكرة، بل في الواقع سيكون أصغر من ذلك.

نحن غير قادرين على رؤية الكواكب خارج نظامنا الشمسي على بعد بضع سنوات ضوئية منا لأن الكواكب ببساطة صغيرة جدًا فلا يمكن ملاحظتها من هذه المسافة. إضافة إلى ذلك، فإن الكواكب لا تعتبر مصدرًا مضيئًا، فهي تعكس الضوء الذي يسقط على سطحها فقط، وهذا الضوء خافت جدًا فلا نلاحظه من الأرض.

هذا هو سبب عدم قدرتنا على رؤية كواكب خارج نظامنا الشمسي.

فكر في الأمر بهذه الطريقة:

يمكنك بسهولة رؤية تل يلوح في الأفق على بعد 10-15 كيلومترًا من منزلك، ولكن هل يمكنك رؤية حبة سكر ملقاة على بعد أمتار قليلة من عينيك؟

الجواب سيكون في الغالب لا.

بالطريقة نفسها تقريبًا، نرى مجرة بعيدة عنا بالعين المجردة، لكن الكوكب القريب غير مرئي على الإطلاق، لأن الأخير صغير جدًا وخافت جدًا بحيث لا يمكن رصده من الأرض.

لاحظ أنه يمكننا رؤية بعض الكواكب القريبة جدًا من الأرض، على سبيل المثال تلك الموجودة في نظامنا الشمسي، إذ نتمكن من رؤية هذه الكواكب في أوقات مختلفة من العام وفي مواقع مختلفة من السماء حسب المكان الذي تعيش فيه على الأرض. فعلى سبيل المثال، يظهر كوكب الزهرة دائمًا في السماء، ويبدو وكأنه نجم فضي كبير.

اقرأ أيضًا:

ظاهرة غريبة تسبب تزامن المجرات البعيدة

إذا كانت بعض المجرات تبتعد عنا بسرعة اكبر من سرعة الضوء، فهل ستختفي من مدى رؤيتنا؟

ترجمة: رياض شهاب

تدقيق: جعفر الجزيري

المصدر