إذا زرت مخبرًا أو متحفًا من قبل وأعجبت بمقلة عين محفوظة بعناية أو بمخلوق صغير يسبح في إناء زجاجي فأنت قد شهدت على القوة الحافظة للكحول. إن الاسم الرسمي لهذه التقنية هو الحفظ بالسوائل. اعتمد العلماء هذه الوسيلة لحفظ عيناتهم الغريبة، ووفقًا للمتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي فإن هذه الطريقة تمكنهم من حفظ العينة مئات السنين إذا طُبِقت بصورة صحيحة.

ولعلك تساءلت كيف تعمل؟

قال بيل كارول وهو أستاذ الكيمياء المساعد في جامعة إنديانا بلومنجتون: «الخلاصة أن الكحول سام للعضيات الدقيقة التي تسبب التحلل». وضرب مثلًا عن الخمر، فهو يتشكل عندما تأكل الخمائر السكر الموجود في العنب وتطرح الكحول نتيجةً لذلك. لكن التركيز العالي الذي تطرحه الخمائر من الكحول يكون سامًا وقاتلًا للعضيات الدقيقة. يساعد المحتوى الكحولي -الذي يقارب 14%- على تأخير نمو وتكاثر الجراثيم لأعوام (تحتوي العديد من أنواع الخمر على مواد حافظة إضافية مثل الكبريت).

تقول كاثرين ماسلينيكوف، وهي مديرة قسم الأسماك في متحف بورك في سياتل، إن حفظ المواد العضوية الأخرى -مثل الـ DNA (الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين) أو الأنسجة أو حتى حيوانات بأكملها- يتطلب تركيزًا أعلى من الكحول. تعتمد ماسلينيكوف عادةً على الكحول، وخصوصًا الإيثانول، من أجل الحفظ طويل الأمد.

تأخذ ماسلينيكوف عينةً من إحدى الأسماك وتزيل بعضًا من أنسجتها لتحليل الـ DNA، ثم تحقن السمكة بالفورمالين (محلول من غاز فورم ألدهيد المذاب في الماء) لتوقف العمليات البيولوجية الداخلية بما في ذلك التفاعلات الإنزيمية وتحلل الأنسجة. تُغمر العينة بعد ذلك في إناء يحتوي على سائل مركب من الكحول بنسبة 70% والماء بنسبة 30%. تقول ماسلينيكوف إن «نسبة الـ 70% هذه بمثابة الرقم السحري» من أجل الحفظ طويل الأمد. يوجد في هذه النسبة ما يكفي من الماء في المحلول لتبقى الأنسجة مميهةً ما يحافظ على شكل الحيوان أو العينة، ويوجد ما يكفي من الكحول لمنع نمو العفن وتكاثر الجراثيم.

يعمل الكحول بتركيز أعلى -مثل الإيثانول بتركيز 95%- على تجفيف العينة، أي على سحب الماء من الخلية أو النسيج أو كامل جسم العينة واستبداله بالكحول. يسبب نقص الماء تغيرات في البروتينات الحساسة للماء؛ فإما أن تفقد طياتها وتنظيمها أو تتخرب أو تتصلب في مكانها مجاورةً لبعضها فتثبّت شكل العينة تمامًا. إن هذه التقنية شائعة الاستخدام في حفظ الـ DNA.

من الصعب أحيانًا تحديد المقدار اللازم من الكحول بدقة. إن الإفراط أو الشح في استخدامه يؤثر في شكل العينة ومرونتها، وقد يقلل حتى من قدرة المحلول على حفظ العينة. تجفف التراكيز العالية من الكحول العينة وبذلك تحافظ عليها، لكن تقول ماسلينيكوف إن هذا قد يجعل العينة مجعدة (نتيجة فقد الماء) وهشة (من البروتينات المتصلبة). قد لا يشكل هذا مشكلة عند حفظك لبعض أنواع العينات.

قد تتخرب العينة بسرعة إذا احتوت على الكثير من المياه.

يقول كريستوفر روجرز، وهو أستاذ باحث مساعد في جامعة كانساس: «يسبب احتواء العينات على الكثير من الماء في أنسجتها تخفيف الكحول». عندما يحصل هذا، لا يكون الكحول قويًا كفايةً لقتل العضيات الدقيقة المختبئة في أنسجة العينة العميقة -مثل الأمعاء-، عندما نحاول حفظ حيوان بأكمله. تسبب هذه الجراثيم المختبئة تحلل العينة. ويضيف روجرز: «لهذا من الضروري تغيير الكحول بعد 24 ساعة من حفظ المخلوق»، لأن هذا يحسن تركيز الكحول في المحلول.

تقول كارول إنه يجب تحديد التركيز المناسب من الكحول عند استخدامه في حفظ العينة: «ابحث عن التركيز الذي يثبط نمو العضيات الدقيقة ويحافظ على بنية الخلية لدى العينة».

اقرأ أيضًا:

ما يجب معرفته عن استخدام الكحول لقتل الجراثيم

لماذا يخرب الماء الإلكترونيات بينما لا يفعل الكحول ذلك؟

ترجمة: ربا كيال

تدقيق: أسعد الأسعد

مراجعة: نغم رابي

المصدر