يتساءل محمود دحاودي عبر الإيميل: “لماذا يستغرق صغار البشر وقتًا أطول لتعلُّم المشي مقارنة ببقية الحيوانات، هل لذلك علاقة بحجم أدمغتنا الكبيرة؟”.
ويجيبه جون بوك، عالم الأنثروبولجيا في جامعة فوليرتن في ولاية كاليفورنيا:
يستطيع صغير الحصان المشي في غضون ساعة من ولادته، ويتشبث البابون حديث الولادة بشعر أُمه أثناء تنقلها بين الأشجار، حتى بالنسبة لأكثر الأنواع قربًا إلينا من حيث التطور -القرود والبابون- فتجد أطفالهم أكثر رشاقة من نظائرهم البشر، ويعود سبب ذلك إلى أن صغار البشر يولدون بأدمغة غير ناضجة إلى حد كبير، مما يجعلهم قادرين بشكل قليل على التحكم بحركاتهم ، هذه الصفة الفريدة عند الإنسان كانت نتيجة معركة تطورية طويلة بين الأدمغة ذات الحجم الكبير والأحواض الضيق.

و أحد أوائل الصفات التي ميزت البشر عن أسلافنا كانت المشي باستقامة، أي على الأرجل فقط.

هناك فرضيات عديدة حول أهمية هذه الصفة، لكن على ما يبدو أنها قدمت وسيلة للتحرك بكفاءة أعلى في البيئات المفتوحة، مثل غابات السافانا.

وعلى الرغم من تشابه الأدمغة بين أسلاف البشر القدماء والقرود إلى حد كبير، فقد غيرت طريقة المشي هذه شكل الحوض حتى أصبح بشكله الحديث، هذا التغيير في الشكل رافقه تضيق في قناة الولادة عندها، مما جعل عملية الولادة أكثر صعوبة.

في نفس الوقت، فقد ساعدت الطريقة الجديدة في المشي والتنقل وبشكل كبير في الحصول على الموارد، والمفاوضة بشأن العلاقات الاجتماعية مع هؤلاء الذين يملكون سلوكا مرنًا في حل المشكلات.

ومع مرور الوقت، وبسبب الإنتقاء الطبيعي، فقد ازداد حجم الدماغ عند الإنسان القديم، لكن عند نقطة معينة، اصطدم الإزدياد في حجم الدماغ بمشكلة الحوض الضيق شيئًا فشيئًا، إذ أنه كلما ازداد حجم رؤوس الأطفال ازداد التصاقها في قناة الولادة لتقتل كل من الأم والطفل.

وعلى الرغم من أن الإنتقاء الطبيعي بذل كل ما في وسعه للتكيف، على سبيل المثال- تنضغط رؤوس الأطفال عندما تقوم بشق طريقها خلال عظام الحوض- فإنه لا يوجد هناك حجرة كافية لدماغ ذو حجم كبير وناضج ليمر عبرها.

وكما تبيّن، فإن النتيجة التطورية كانت بالسماح للدماغ أن يستمر بالنمو خارج الرحم قبل أن ينضج.

وعلى نقيض الثدييات الأخرى، فإنه لدى البشر القليل من التطور ليقوموا به بعد الولادة، وكانت النتيجة أن الأطفال المولودين حديثًا يحتاجون للكثير من العناية ويستطيعون خدمة أنفسهم أقل بكثير مما تفعل بقية الرئيسيات حديثة الولادة .<<


ترجمة :كندة السبع
تدقيق: عمر النجداوي
تحرير: محمد سمور
المصدر