إليك السبب وراء الاستعراض المليء بالشرار الذي تصدره المعادن عند وضعها في جهاز المايكروويف. ها أنت تستيقظ في الصباح الباكر وعيناك الناعستان تركزان انتباههما على وجبة دقيق الشوفان الفوري، تضع الوعاء في جهاز المايكروويف وتضغط على زر التشغيل، وفجأة تصيبك نوبة ذعر لأن عرضًا مصغرًا من الألعاب النارية قد بدأ للتو في مطبخك. إنها الملعقة؛ لقد نسيت الملعقة في الوعاء!

على الرغم من أن الأفلام قد تجعلك تصدق أن هذا السيناريو الكهربائي ممكن أن يؤدي إلى انفجار حراري، فإن الحقيقة هي أن وضع ملعقة في جهاز المايكروويف لا يشكل خطرًا بالضرورة.

لكن لماذا بالضبط تصدر المعادن شرارات عندما تخضع لإحدى معجزات منتصف القرن العشرين التكنولوجية؟

للإجابة على هذا السؤال يجب أن ندرك أولًا كيف يعمل جهاز المايكروويف.

إن هذا الجهاز الصغير يعتمد على أداة تسمى المغناترون magnetron، وهي عبارة عن أنبوب مستقيم فراغي صُمم ليتدفق من خلاله حقلٌ مغناطيسي؛ قال Aaron Slepkov عالم الفيزياء بجامعة Trent في Ontario لـ Live Scienc: «تقوم هذه الأداة بتدوير الإلكترونات ما يُنتج موجات كهرومغناطيسية بتردد 2.5 جيجا هرتز أو2.5 billion times per second))».

«بشكل بارز يوجد لكل مادة ترددات محددة تمتص عندها الضوء تمامًا»، وأضاف: «2.5 جيجا هرتز هو التردد البارز المتفق عليه للماء في هذا السياق. ونظرًا لأن معظم الأشياء التي نأكلها مليئة بالماء فإن هذه الأطعمة سوف تمتص طاقة من المايكروويف وتسخن».

قالAaron Slepkov: «من المثير للاهتمام أن التردد 2.5 جيجا هرتز ليس هو التردد الأكثر فعالية لتسخين الماء»، وأشار:«هذا لأن الشركة التي اخترعت المايكروويف Raytheon لاحظت أن الترددات عالية الفعالية هي ترددات مثالية (مبالغ فيها) في أجهزتهم».

قد تمتص جزيئات الماء على الطبقة العليا لشيء ما مثل الحساء الحرارة بأكملها؛ لذلك فإنه سوف يغلي فقط أول بضعة ملايين من الإنش من سطح الوعاء في حين سيبقى الماء أسفل الوعاء باردًا.

وشرحSlepkov : «أما الآن بالنسبة إلى اشتعال شرارة بالمعدن فإنه عندما تتفاعل الموجات الميكروية مع مادة معدنية تتدفق الإلكترونات بشدة منتشرةً على سطح هذا المعدن؛ إن هذا لا يسبب أي مشاكل إذا كان المعدن أملس سوي من كل جوانبه، لكن إذا وُجدت حواف (كما هو الحال في أسنان الشوكة) فإن الشحنات سوف تتجمع و تُنتج جهد (فرق كمون الكهربائي) عالي التركيز».

قال Slepkov: «إذا كان هذا الجهد مرتفعًا بما فيه الكفاية فإن بإمكانه انتزاع إلكترون من جزيء ما إلى الهواء محدثًا بذلك شرارة وجزيئًا متأينًا (مشحون)»، وأضاف:«إن هذه الجزيئات المتأينة تمتص الموجات الميكروية بقوة أكبر من قوة امتصاص الماء لها، ولذلك حالما تظهر شرارة ستُمتص المزيد من الموجات الميكروية، ما يطلق بدوره المزيد من الجزيئات المتأينة، وعليه ستنمو الشرارة وتزداد اشتعالًا مثل كرة اللهب».

عادةً، يمكن أن يحدث مثل هذا الحدث فقط في جسم معدني له حواف خشنة وهذا هو السبب كما قالSlepkov : «إذا أخذت رقاقة من الألمنيوم ووضعتها في صحن دائري فإنها غالبًا قد لا تصدر شرارة على الإطلاق، لكن إذا جعّدت الرقاقة لتصبح كما الكرة فإنها سوف تصدر شرارة سريعًا».

ووفقًا لإحدى مقالات Mental Floss: «على الرغم من أن حدوث هذه الشرارات قد يلحق ضررًا بجهاز المايكروويف، فإن الأطعمة المسخنة بهذه الطريقة قد تكون صالحة للأكل فيما بعد (وذلك فقط في حالة أنك نسيت حقًا الملعقة في وعاء دقيق الشوفان الخاص بك)».

لماذا يصدر المعدن شرارة عند وضعه في المايكروويف الموجات الميكروية تسخين المياه في المايكروويف لماذا لا يمكن وضع المعادن في الميكروويف

العنب الملتهب :

ليست المعادن هي الشيء الوحيد الذي يمكنه أن يولد مشهدًا من الأضواء داخل جهاز المايكروويف. فأظهرت فيديوهات على الإنترنت حبات عنب مقسومة إلى نصفين تنتج شرارات مذهلة من البلازماplasma (غاز مكون من جزيئات مشحونة).

أُجريت العديد من العمليات السرية بحثًا عن تفسير وأشارت إلى أن الأمر يتعلق بتراكم الشحنة الكهربائية كما هو الحال في المعدن، مع ذلك فقد أجرى Slepkov وزملاؤه اختبارات علمية لفهم حقيقة هذه الظاهرة؛ فقال:«ما وجدناه كان شديد التعقيد ومثيرًا للاهتمام».

عن طريق ملئ جسيمات الهيدروجيل الكروية (بوليمرpolymer (مركب كيمائي) فائق الامتصاص يستخدم بحافظات قابلة للاستعمال لمرة واحدة فقط) بالماء، علم العلماء أن الهندسة (الشكل الهندسي للجسم) هي العامل الأكثر أهمية في توليد شرارات في الأجسام الشبيهة بالعنب.

وقال Slepkov:«الجسيمات الكروية التي بحجم حبة العنب عادةً تكون عالية التركيز بشكل بارز في أجهزة المايكروويف»، وأضاف:«إن حجم حبة العنب أدى إلى تجمع إشعاع المايكروويف داخل الثمرة الصغيرة محدثًا بذلك الشرارة التي بدورها تطورت إلى بلازما».

أعاد الفريق التجربة مع بيوض طائر السمان التي هي تقريبًا بنفس حجم حبات العنب، بدايةً مع مكوناتها الداخلية الطبيعية بما في ذلك صفار البيضة، ثم بعد التخلص من السائل الداخلي، فكانت النتيجة أن ولّدت البيوض الممتلئة بالمادة اللزجة بقعًا ساخنة على عكس البيوض الفارغة، ما يشير إلى أن محاكاة مشهد اشتعال شرارات المعادن يتطلب تجويفًا مائيًا بحجم حبة العنب.

اقرأ أيضًا:

مساهمة ابن سينا في توصيف المستعرات العظمى اليوم

كل هذا بسبب بوصلة وضفدع

ترجمة: م. دلال الشماع

تدقيق: سلمى توفيق

المصدر