السبب البسيط وراء ذلك هو أنّ الظروف الكيميائية والجويّة في هذه المنطقة بالذات جيّدة لزيادة فاعليّة تدمير الأوزون بواسطة غازات الهالوجين النشطة.

لا زلت أذكر حين سألتني مُدرّسة العلوم في مدرستي الثانوية، عما إذا كنت أعرف عن ثقب الأوزون، قد سألتني بالتحديد إن كنت أعلم حجم الثقب، وأين يقع بالضبط.

لم أكن أعرف الإجابات لتلك الأسئلة، و لكنّني كنت أعرف بالتأكيد أمرًا أو أمرين عن ثقب الأوزون، وعن حقيقة حمايته لنا من أشعة الشمس “الضّارة”.

أعلم الآن أنّ ثقب الأوزون يقع فوق “القارة القطبية الجنوبية” تقريبًا، وذلك يعود لكون نضوب الأوزون هناك هو الأسوء، و لكنّ هل تعرف السبب؟

لمحة صغيرة عن الأوزون

الأوزون هو مركّب يتكوّن من ثلاث ذرات أكسجين (O3)، غاز الأكسجين الجزيئي – الغاز الذّي نتنفسه- يتكوّن من ذرتي أكسجين، الأوزون بالمقابل يحتوي على ذرة أكسجين إضافيّة، كما ويتميّز في الواقع بلونه الأزرق الشاحب ذو الرائحة النفّاذة، وهو يُعد غازًا غير مستقر بتاتًا، أيّ أنّه نشط جدًا.

يتشكل الأوزون في الطبقة العليا من الغلاف الجوي كنتيجة لقيام الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس بتفكيك الأكسجين ثنائي الذرة (المتواجد بوفرة في الغلاف الجوي).

تصطدم عندها ذرات الأكسجين المنفردة لتتفاعل بعد ذلك مع جزيئات الأكسجين الأخرى وبذلك تكوّن الأوزون.

تحتوي الطبقة العليا من الغلاف الجوي على كميّات أكبر من الأوزون، الأمر الذّي يُعتبَر جيدًا للغاية بسبب كون طبقة الأوزون تلك تقوم بحماية الأرض من الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس.

ما هو ثقب الأوزون؟

في القرن الماضي، استُنزفَت طبقة الأوزون بشكل كبير نتيجة للأنشطة الصناعية.

في الواقع إنّ نضوب الأوزون يعود إلى حدثين مرتبطين: تناقص ثابت لكمية الأوزون الموجود في الغلاف الجوي بنسبة 4%، بالإضافة إلى النضوب الشديد للأوزون الستراتوسفيري في فترة أواخر الشتاء وأوائل الربيع في القارة القطبيّة الجنوبيّة، الظاهرة التّي سُميّت بـ “ثقب الأوزون”.

لماذا يعد نضوب الأوزون فوق القارة القطبية الجنوبية هو الأسوأ؟

السبب البسيط وراء ذلك هو أنّ الظروف الكيميائية والجويّة في هذه المنطقة بالذات جيّدة لزيادة فاعليّة تدمير الأوزون بواسطة غازات الهالوجين النشطة، بكلماتٍ أخرى، فإنّ الظروف فوق القارة القطبيّة الجنوبيّة تُعد أكثر الظروف ملائمةً لنضوب الأوزون.

أولاً، إنّ الرياح القوية التي تهب حول القارة تُشكّل دوّامةً قطبيّةً والتّي تقوم بعزل الهواء الموجود في باقي أنحاء العالم عن القارة القطبيّة الجنوبيّة.

أيّ أنّ الرياح القوية في طبقة الستراتوسفير تُشكّل حلقة هواء متحركة فوق القارة، ما يمنع الحركة الجويّة الكبيرة من الدخول للستراتوسفير القطبي أو الخروج منه.

نتيجةً لذلك، تتكوّن السحب الستراتوسفيرية القطبية (PSCs).

تلك السحب، والتي تُعرف أيضًا باسم السحب الغشائيّة، هي السحب التي تتشكّل في الستراتوسفير القطبي الشتوي، إذ يمكننا ملاحظتها جيّدًا خلال فصل الشتاء بالتحديد عند خطوط العرض الشمالية.

تُساهم تلك السحب، الصلبة منها والسائلة، أيضًا في نضوب الأوزون فوق القارة القطبيّة الجنوبيّة، يعود ذلك لتواجد غازات الكلور الأكثر تفاعلاً بوفرة على سطحها، ما يزيد التفاعلات.

ينتج عن هذه التفاعلات مُركبات كيميائية معينة والتّي بإمكانها تدمير الأوزون كيميائيًا بوجود أشعة الشمس.

القارة القطبيّة الجنوبيّة واحدة من أبرد الأماكن في العالم، ومن الجدير بالذكر أنّ النضوب الحاد للأوزون يحتاج إلى هذا البرد فقط.

يتطلب نضوب الأوزون وجود درجات حرارة منخفضة في نطاق الارتفاعات الستراتوسفيرية، على مناطق كبيرة و لفترة زمنية ممتدة.

بهذا فإنّ القارة القطبيّة الجنوبيّة تُحقق كل تلك الظروف، لذلك يتواجد نضوب الأوزون هناك في أسوأ حالاته.


  • ترجمة: محمد صلاح الدين إبراهيم
  • تدقيق: آية فحماوي
  • تحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر