نشأة لودفيغ فون ميزس

ولد لودفيغ فون ميزس (1881-1973) في أسرة يهودية من الطبقة العليا في ليمبورغ- غاليسيا تحت سلطة الإمبراطورية النمساوية-المجرية، وتُعرف الآن بمدينة لفيف في دولة أوكرانيا.

نشأ ميزس في أجواء تتسم بالإنجازات الكبيرة منها تعدد اللغات إضافة إلى لغته الأم الألمانية، تحدث الصبي البولندية والفرنسية بطلاقة، وكان قادرًا على فهم اللغة الإنجليزية والأوكرانية، ويتمتع بمعرفة القراءة باللغة اللاتينية واليونانية القديمة.

أصبح أخوه الأصغر ريتشارد فون ميزس عالم رياضيات متميزًا، ووضع نظريات للاحتمال الرياضي، وكان عضوًا في دائرة فيينا.

كان جده الأول ميزس من أحد النبلاء، ما مكّن أسلافه من إضافة كلمة “فون” إلى اسم العائلة.

ووالده هاينريش إدلر فون ميزس، أحد أقطاب السكك الحديدية الذي ساعد في تمويل بناء السكك الحديدية في كل أنحاء الامبراطورية.

اعترف التاج النمساوي بإنجازاته وألحقه بالاسم “إدلر” الذي يعني نبيل فأصبح اسم ابنه الكامل لودفيغ هاينريش إدلر فون ميزس. ومن ناحية الأم كانت أم ميزس ابنة أخ لعضو في البرلمان النمساوي من الحزب الليبرالي.

مرحلة التعليم

في عام 1904، التحق ميزس بجامعة فيينا.

رغم أنه كان رسميًا طالبًا في كلية الحقوق؛ فإنه سعى إلى الالتحاق بالدروس الاقتصادية التي كان يقدمها الخبيران الاقتصاديان الشهيران يوجين فون بوم باويرك وفريدريش فون فيسر، وبهذا وقع ميزس في حب كتابات مؤسس الاقتصاد النمساوي كارل مينغر، تمامًا مثل أساتذته.

في ذلك الوقت، تعرف ميزس أيضًا على زميليه في الدراسة في الاقتصاد، جوزيف أ. شومبتر وفريدريش أ. هايك، اللذين شكلا جنبًا إلى جنب مع ميزس ما وُصِف لاحقًا بالجيل الثاني من الاقتصاديين النمساويين

في عام 1906، حصل ميزس على شهادة الدكتوراه.

حياة ميزس المهنية

بعد التخرج، عمل ميس فترة وجيزة موظفًا حكوميًا في وزارة المالية التابعة للحكومة النمساوية قبل الدخول في مزاولة مهنة خاصة مع شركة قانونية في فيينا، وحصل في عام 1909، على وظيفة مستشار اقتصادي في غرفة التجارة والصناعة في فيينا.

خلال الحرب العالمية الأولى، خدم ميزس في الجبهة الشرقية ضابطًا في وحدة مدفعية قبل أن تجعله وزارة الحرب مستشارًا اقتصاديًا.

وبعد الحرب، عُيِّن رئيسًا لخبراء الاقتصاد في غرفة التجارة النمساوية، ومن ثم عمل أيضًا مستشارًا اقتصاديًا للمستشار النمساوي المناهض للنازية إنغلبرت دولفوس.

في سنة 1933، وصل أدولف هتلر إلى السلطة في المانيا وفي السنة التالية، 1934، اغتال عميل نازي المستشار النمساوي دولفوس.

ومع خطة استيلاء النازيين على السلطة النمساوية الوشيك، غادر ميسيس النمسا إلى جنيف بسويسرا في نفس السنة، إذ عمل عدة سنوات أستاذًا في معهد الدراسات العليا الدولية.

وفي سنة 1940، بينما كانت أوروبا مشتعلة من حوله، هاجر ميزس البالغ من العمر 59 سنة مع عائلته إلى الولايات المتحدة.

تمكّن بفضل المساعدات المقدمة من صناديق ومؤسسات مختلفة من البقاء، وحصل أخيرًا على وظيفة أستاذ زائر غير مأجور في جامعة نيويورك، من عام 1945 وحتى تقاعده في عام 1969.

غير أن الكرم الخاص الذي أبداه الكثير من المعجبين بعمله، لا سيما الصحفي والمدير التنفيذي للإعلان، لورنس فيرتيغ، ساعد على دعم حياة ميزس في المنفى.

في عام 1947، كان ميسيس واحدًا من الأعضاء المؤسسين -إلى جانب صديقه وشريكه الفكري القديم فريدريش أ. هايك لجمعية جبل بيليرين-، وهي منظمة من نخبة المجتمع كرست جهودها للنهوض بالاقتصاد النمساوي.

أفكار ميزس

خلال الجزء الأوروبي الباكر من حياته المهنية، كان ميزس مثمرًا جدًا، إذ صدر أول كتاب رئيسي له عن النقود والائتمان في عام 1912، وفي عام 1922، نشر ميزس دراسة نقدية حول الاشتراكية، التي أصبح نتيجة لها مشاركًا رئيسيًا وجنبًا إلى جنب مع هايك في المناقشة العامة الفظة حول الحسابات الاشتراكية.

انتقد ميزس الاشتراكية مع هايك ولم يكن انتقاده فقط في الممارسة العملية، بل من حيث المبدأ إذ أوضح أن الاشتراكية تعاني حتما ثلاث صعوبات لا يمكن التغلب عليها:

  •  الاقتصاد المخطط يتسم بعدم الكفاءة بطبيعته؛ لأنه لا يملك آلية سوق لتحديد الأسعار المناسبة.
  •  التخطيط المركزي محكوم عليه بالفشل؛ لأنه لا توجد طريقة للتمييز بين المؤسسات الإنتاجية والمؤسسات غير المنتجة، ما يعني أن الموارد غير المنتجة لا يمكن إعادة تخصيصها لاستخدامات أكثر كفاءة.
  •  الاقتصاد الاشتراكي يقود حتمًا إلى الطغيان؛ لأنه يتجاهل الحقائق الأساسية عن الطبيعة البشرية، بمعنى أنه لا بد أن يُفرض بالعنف.

وإضافةً إلى كتاباته العديدة الأخرى عن الاقتصاد والاشتراكية، يُعَد إرث ميزس مهمًا لكتاباته في مجالين إضافيين: علم الاجتماع في الدولة الحديثة؛ وعلم أنثروبولوجيا فلسفية شاملة توفر أساسًا فكريًا لرؤية الاقتصاد في السوق الحرة.

في الفئة الأولى، نشير إلى اثنين من الدراسات التي أجراها ميسيس؛ لتحليل ما يشار إليه الآن “الدولة الإدارية”، التي نشرت في نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1944.

في الفئة الثانية، كتب “فعل الإنسان الجدي”، الذي بلا شك تحفة ميزس وكانت الطبعة النهائية لهذا التحقيق الأساسي الذي لا غنى عنه نُشِرت في البداية في عام 1949، ونقحت ووسعت لاحقًا عدة مرات، وهي مجموعة مؤلفة من أربعة مجلدات نشرت في عام 1996، بعد وفاة صاحب الكتابات بوقت طويل.

بعض أعمال لودفيغ فون ميزس الرئيسية

  •  نظرية المال والائتمان (1912).
  •  الاشتراكية: تحليل اقتصادي واجتماعي (1922).
  •  صعود الدولة الكلية والحرب الشاملة (1944).
  •  البيروقراطية (1944).
  •  العمل الإنساني: بحث عن الاقتصاد (1949).

اقرأ أيضًا:

هنري بولسون

توماس مالتوس: الاقتصادي البريطاني الشهير

ترجمة: عمرو سيف

تدقيق: تسبيح علي

المصدر