إنّ البركان عبارة عن غليان في حيز محدد على سطح الأرض ممتلئ بالحمم، بانتظار تشكيل ضغط كافِ لإطلاق رماد و حمم بركانية.

بينما تعرّف القنبلة النووية بأنها سلاح متفجر من صنع الانسان، مصمم للدمار و صناعة الفوضى.

فهي تدمر كل شيء مجاور لمكان انفجارها و تصيبه بالتلوث الإشعاعي بعدها.

لكن ماذا سيحدث عندما تجمع بين واحد من اكثر أسلحة البشرية دماراً مع مثيلها من الطبيعة؟

في الواقع، لن يحدث شيء.

هذا أمر غير مفيد تقنياً، لكن إسقاط قنبلة (خاصةً قنبلة نووية) داخل مرجل مليء بفقاعات من المواد المنصهرة سوف يكون شيء ضار للغاية على المناخ.

فسوف تنصهر القنبلة حتى قبل ان تبدأ في إحداث تفاعل نووي.

تُصنع القنبلة النووية من مواد متفجرة و نواتها من مواد مشعة (على سبيل المثال، البلوتونيوم).

وللحصول على انفجار مدمِر، كل ما تحتاجه المواد المتفجرة هو التوقيت المناسب للانفجار لصناعة قدر كافي من الطاقة ليُحدث تفاعل نووي داخل نواة القنبلة، و بمجرد ان تبدأ سلسلة التفاعلات، لا يمكن إيقافها.

مع ذلك، فإنه إذا تم إلقاء قنبلة نووية بقوة داخل فجوة المواد المنصهرة، فإنها سوف تُذيب هيكل القنبلة، النواة المشعة، و كل شيء.

و من أجل بدء هذا التفاعل اللازم لحدوث الانفجار، و تكوين انفجار كارثي، يجب أن تنفجر القنبلة فوق فوهة البركان، أو أن يتم إيصالها بأعجوبة إلى مركز الفجوة الصهّارة.

يُعد تفجير القنبلة النووية فوق فوهة البركان هو الخيار الأقل تدميراً من الخيارين السابقين.

فإذا كان البركان طبقياً، (أي على شكل مخروط مكون من طبقات إضافية من الحمم و الرماد)، فإن القنبلة النووية سوف تُحدث تغيير أقل في هيئة قمة البركان، لكنها من المحتمل ألا تسبب انفجار بركاني.

حيث يُعد نصف قطر القنبلة صغير جداً للوصول للفجوة الموجودة بها المواد المنصهرة المضغوطة التي تُفعِّل الانفجار.

يمكن ان تطلق القنبلة كرة نارية قادرة على حرق كل شيء مجاور لها.

وهي أيضاً مسؤولة عن تكوين سحابة الفِطر (Mushroom Cloud) المعروفة.

وبعيداً عن كل ذلك، يمكن ان يحدث انفجار عالي الضغط في الهواء قادر على تدمير المباني الخرسانية.

والأسوأ من هذا كله هو الإشعاع، فسوف يعاني أي شخص موجود في هذا النطاق من كم قاتل من الإشعاع.

ومازال هناك ما هو أكثر سوءاً من ذلك و هو الإشعاع الحراري، فسوف يعاني الناس من حروق من الدرجة الثالثة (التي تمتد خلال طبقات الجلد).

كانت تمتلك القنبلة (الرجل السمين- Fat Man )، التي تم إطلاقها بشكل بشع في ناكازاكي خلال الحرب العالمية الثانية، كرة نارية نصف قطرها 200 متر (660 قدم)، ضع ذلك في المقارنة مع بركان ذو ارتفاع مناسب، مثل جبل سانت هيلينز الذي يبلغ ارتفاعه 2,550 متر (8,370 قدم) بعد ثورانه الأخير.

كانت لتصنع قنبلة Fat Man مجرد طبقة رقيقة فوق قمة البركان.

ولكن كانت لتصنع قنبلة(القيصر- Tsar)، التي تُعد أكبر قنبلة اختبرتها روسيا على الاطلاق، أثر أكبر بكثير في هيكل البركان.

حيث كانت تمتلك تلك القنبلة كرة نارية يبلغ نصف قطرها 3000 متر (10,000 قدم) و بالتالي كانت لتقلص ارتفاع جبل سانت هيلينز بشكل كبير.

يمكن أن يحدث ثوران بركاني إذا وصلت المواد المنصهرة للفجوة، بالقرب من فوهة البركان، و سوف تحتاج فقط كمية قليلة من الضغط لذلك.

لكن يحدث الدمار الحقيقي عندنا تصل القنبلة للفجوة الموجود بها الانصهارات التي تصل بين 1-10 كيلومترات (6.2-0.6 ميل) تحت الأرض.

فسوف تكون القنبلة ساخنة بالدرجة الكافية لتبخير الحمم المنصهرة و الصخور بعد أن تم إصابتها بالإشعاع.

وتكون المنصهرات في حالة نصف صلبة-نصف سائلة، و لكن السطوع الأولّي للقنبلة يسبب غليانها بسرعة.

وقال دكتور روبن أندروز، عالم براكين من جامعة أوتاجو، نيوزيلاند: «سوف يُسخن سطوع القنبلة الحمم بسرعة كبيرة لدرجة تبخرها، و كل ما سنحصل عليه
هو فجوة ضخمة من البخار» و قال أيضاً :«هذا مماثل لعملية رج زجاجة مياه غازية لأعلى و أسفل لكن الفرق هو حدوث فقاعة واحدة ضخمة بدلاً من فقاعات كثيرة صغيرة في حالة زجاجة الكولا».

وبالتالي سوف تنشر وابلاً من الجسيمات المشعة على الحمم المنصهرة، الصخور، و الأتربة بينما تنشأ كمية هائلة من الضغط في الفجوة بسرعة كبيرة.

ولن يكون هناك طريق لخروج الحمم المنصهرة، الصخور، و الضغط سوى…الخروج.

سوف تتحول بعض من المواد المتفجرة إلى حمم، لكن هذا ليس الجزء الخطير.

فالأمر المميت فعلاً مصدره أعمدة الرماد الدخانية.

فعلى سبيل المثال، قد سبب البركان الأيسلندي Eyjafjallajökull توقف تام في سريان الهواء الجوي على مستوى العالم فعلياً عن طريق أعمدة دخانية مليئة بالغبار.

ففي هذه الحالة، انتقل الغبار على طول الطريق إلى إيطاليا، روسيا، و ناحية الساحل الشرقي لأمريكا.

لكن في حالة القنبلة النووية المذكورة هنا، سوف يكون الغبار المنتقل مشع أيضاً و ستدفع قوة سلسلة التفاعلات النووية بالقنبلة مزيد من الرماد للبيئة لمدة زمنية أطول مسببةً أخطار تلوث طويلة المدى.

لكن ماذا يمكن ان يحدث إذا انفجرت قنبلة Tsar في فجوة أكثر البراكين الهائلة بالعالم شهرة؟ بركان (الحجر الأصفر الهائل -Yellowstone Supernova)؟

هذا البركان الهائل ليس لديه جبل مخروطي بأسفله يدل على وجوده.

بدلاً عن ذلك، هو عبارة عن مجرد فقاعة ضخمة من المواد المنصهرة و الحمم تحت سطح المنتزه. يمكن أن تقلص قوة انفجار هذا البركان القوة الانفجارية للقنبلة.

وستسبب القنبلة ثوران البركان بدون مشكلة، لكن انتقالها للفجوة سوف يقوم بالمهمة.

وصرح دكتور أندروز معلّقاً على الكارثة العالمية التي ستتبع انفجار قنبلة نووية داخل بركان Yellowstone.

«إذا أغمرت قنبلة نووية في بركان Yellowstone على عمق كافي، و كانت قوية لدرجة فتح فجوة المواد و الحمم المنصهرة، فسوف تسبب عملية إخماد للبركان. عندها لن تكون القنبلة النووية هي المشكلة، حيث ستسيطر القوة الساحقة للبركان على القوة الضئيلة للقنبلة على وجه المقارنة»

سوف يحتوي المنتزه الحمم الناتجة من هذا الثوران البركاني الهائل، لكن مع ذلك، الحمم ليست هي المشكلة الأكبر بالنسبة للبشرية.

إنه الغبار المنطلق في الجو. فسوف تنطلق أعمدة دخانية من الرماد البارد ممتدة لمئات عديدة من الكيلومترات. مفسدةً للمحاصيل و حركة الجو، مما يؤدي إلى العزلة، مشاكل صحية بسبب الغبار، و نقص في الغذاء. و فوق ذلك كله، سيكون الغبار مشعاً أيضاً..

إذا انفجرت قنبلة Tsar في بركان Yellowstone الهائل، فستكون أقرب مسافة تستطيع بلوغها بالقرب منه قبل أن تصاب بأذى هي 160 كيلومتر (100 ميل).

لا يُعد هذا التمدد هو ما يحدث التدمير الكارثي الذي يمكن توقعه، فمثل البركان الأيسلندي Eyjafjallajökull، سيكون الضرر الحقيقي هو سُحُب الغبار التي يمكن أن تجتاح أرجاء أمريكا.


  • ترجمة : بسام محمد عبد الفتاح.
  • تدقيق: أسمى شعبان.
  • تحرير: كنان مرعي.
  • المصدر