تقترح دراسة جديدة أن الأدوية المضادة للالتهاب الحاد قد تمنع الجسم من الشفاء التام.

يؤثر الألم المزمن في حياة أكثر من 50 مليون أمريكي، ومن الشائع الاعتقاد بأن الالتهاب يزيد من شدة الألم. تقترح دراسة جديدة أن تثبيط الالتهاب فترات زمنية طويلة قد يعيق عملية الشفاء ويطيل زمن نوبة الألم. بل قد تسبب مضادات الالتهاب غير الستيرويدية -مثل الأيبوبروفين والأسبرين- ذاتها الألم، إن ثبتت نتائج هذه الدراسة السريرية.

تُعد مضادات الالتهاب غير الستيرويدية من أكثر الأدوية شيوعًا في حالات مثل التواء الكاحل أو الشد العضلي وغيرها. تقترح الدراسة أن هذه الأدوية -مع أنها فعالة في تخفيف الألم على المدى القصير- فإنها تسبب ألمًا مزمنًا على المدى البعيد، لأنها تعيق الاستشفاء.

جمع العلماء عينات دم من 98 مريضًا شاركوا في الدراسة، يعانون ألمًا أسفل الظهر، تابع الباحثون تغيرات التعبير الجيني خلال ثلاثة أشهر بعد إعطائهم مضادات الالتهاب. لوحظ تطور الألم لدى بعض المرضى ليصبح ألمًا مزمنًا.

اكتشف الباحثون أن المرضى الذين شفي ألمهم ازداد لديهم التعبير عن الجينات المرتبطة بالالتهاب، وأن معدل خلايا المناعة لديهم ارتفع ثم انخفض بعد مدة قصيرة، على عكس المرضى الذين أصبح لديهم الألم مزمنًا، إذ تظل جينات الالتهاب خاملة. يقترح العلماء أن الاستجابة الالتهابية قصيرة الأمد تسرع الشفاء وتقلل الألم.

أجرى العاملون اختبارات على فئران مصابة، إذ أُعطيت مجموعةٌ دواءًَ مضادًا للالتهاب غير ستيرويدي، وأُعطيت المجموعة الثانية مضاد التهاب ستيرويدي «ديكساميثازون»، وأُعطيت المجموعة الثالثة عقارًا وهميًا.

بعد عدة أيام، وُجد أن فئران المجموعتين الأولى والثانية زال الألم لديها مؤقتًا، لكنه استغرق وقتًا أطول -عدة أشهر- للشفاء التام، على عكس مجموعة العقار الوهمي.

بعد البحث في أكبر قاعدة بيانات طبية في المملكة المتحدة، وجد الباحثون أن 76% من المصابين بآلام أسفل الظهر، الذين أخذوا أدوية مضادة للالتهاب، قد تطور لديهم ألم ظهر مزمن، على عكس المصابين الذين أخذوا أدوية لا تؤثر في الالتهاب.

تشير الدراسة إلى خطورة العلاج المبكر باستخدام مضادات الالتهاب، لكنها لا تخلو من عيوب، إذ لم تشمل إلا مرضى مصابين بآلام أسفل الظهر فقط. إضافةً إلى أن نتائج الاختبارات على الفئران قد لا تنطبق على البشر. أيضًا فإن المعلومات الواردة في قاعدة البيانات تخضع لمتغيرات عدة، مثل أن المرضى الذين تلقوا علاجًا لألم أسفل الظهر كان الألم لديهم أشد مقارنةً بالمرضى الذين لم يتلقوا أي علاج، من ثم كانوا أكثر عرضة لتطور الألم المزمن.

يسبب الالتهاب احمرارًا وتورمًا وألمًا في المنطقة المصابة، وكلها علامات على زيادة جريان الدم إلى المنطقة، ما يجلب عددًا أكبر من الخلايا المناعية التي تخلص الجسم من الجراثيم والخلايا الميتة. استمرار الالتهاب مدةً طويلة يؤذي الجسم على المدى البعيد، لذلك يحدد الأطباء المدة الزمنية المناسبة لوصف الأدوية المضادة للالتهاب.

يوجد فرق كبير بين الالتهاب الحاد الآني -مثلًا بعد جرح- والالتهاب المزمن -مثلًا بسبب السمنة المفرطة- فالأول جيد والأخير سيئ. تقترح الدراسات أن على الأطباء التمهل قبل وصف مضادات الالتهاب، للسماح للجسم بالدفاع عن نفسه، وتقترح استخدام الباراسيتامول بدلًا من الأيبوبروفين لمعالجة الألم.

يخطط الباحثون لإجراء دراسات سريرية على البشر مباشرةً، لمقارنة مدى الألم المزمن لدى مرضى يتلقون أدويةً مضادة للالتهاب، مقارنةً بمن يتلقون أدوية لا تؤثر في الالتهاب.

اقرأ أيضًا:

ما العلاقة بين الالتهاب وآلام الظهر المزمنة؟

ألم الظهر: الأسباب والعلاج

ترجمة: غند ضرغام

تدقيق: رغد أبو الراغب

المصدر