يناقش كتاب تشاك كلوستيرمان ( ولكن ماذا لو كنا مخطئين؟ )، حقيقة إظهار مسيرة التاريخ، وهي أننا دائمًا مخطئون، فأرسطو على سبيل المثال عُرِف بأنه أذكى إنسان على سطح الأرض، ولكن تم التشكيك في حقيقة الأمر عن طريق جاليليو، الذي كذبه نيوتن، إلى أن سيطر أينشتاين على الساحة، وفي ذلك الحين، وُجدت تلميحاتٌ لإثبات أن أينشتاين مخطئ، ولا وجود لأي ثوابت، فالحقائق العلمية ستبقى حقائق، حتى يُثبت خطؤها.

يحاول كلوستيرمان في كتابه، أن يتخيل العالم اليوم من وجه نظر الماضي للمستقبل البعيد، ويحاول اكتشاف أين أخطأ البشر، ويتساءل ما إن كان إيماننا بالديمقراطية سيؤدي لفشل المجتمعات، ويخمن بوجود كاتبٍ لم يولد بعد، سيكون بأهمية همنغواي، أو ميلفيل، أو كافكا.

تواصل موقع (Live science) مع كلوستيرمان؛ لاستعراض أفكار كتابه، وفيما يلي أسئلةٌ وُجِّهت له، وأجوبةٌ تم تعديلها للاختصار:

Live sciences – : تقول أنه ليس كتابًا عن العلوم، بل عن الاستمرارية، ما الذي تعنيه بذلك؟

– كلوستيرمان: من السهل شرح الجزء الأول من السؤال، فهو ليس عن العلم، العلم جزء صغير منه، ولكنه من المستحيل عدم الكتابة عن العلم في هذا الموضوع؛ بسبب أطروحة الكتاب الإجمالية، وما أعنيه بالاستمرارية، أنني لا أتعامل مع أي مشكلةٍ على وجه الخصوص، خاصةً إن كانت تلك المشكلة تتعلق بالعلم، والأمر ليس أني لا أشعر بالجدارة للكتابة عن أمرٍ معينٍ في العلم، والقول:

“إذًا، هذا شيءٌ مخطئين حوله”، ليس لدي المؤهلات لذلك، ولكني مهتمٌ باحتمالية أننا مخطئين أو سنخطئ بالطريقة نفسها التي أثبت بها التاريخ أنه لطالما كان الجنس البشري مخطئًا، ويبدو كأن تاريخ الأفكار هو تاريخ الخطأ، وبالنسبة لي هذا نوعٌ من الاستمرارية، فهو طريقٌ مستمر يُبيِّن أننا لسنا دائمًا نعرف حقيقة الأشياء، ولكننا نغير مسارنا؛ كي نشعر أكثر بالراحة في الوقت الحالي، حتى لو كان ذلك التغيير خاطئًا، ومن المقدَّر أن تحدث التغييرات الجديدة مرةً أخرى.

:Live sciences -ما الذي أثار اهتمامك حول موضوع ( قد نكون مخطئين)؟

– كلوستيرمان: جزءٌ مما أثار انتباهي للموضوع، هو مشاهدتي إعادة عرض المسلسل التلفزيوني الوثائقي ( Cosmos )، الذي يقدمه نيل ديغراس تايسون، إذ دائمًا ما فتنتني فكرة ظهور من كان لديهم أفكارًا خلاقةً ولامعةً في الماضي وأنهم على خطأ، فخطر لي أن هذا لايزال يحدث في الحاضر، بيد أننا في الحاضر لا نستطيع أن نرى الأمر، مع أنه يحدث دائمًا، ومن ثم لا يمكننا ملاحظة خطئنا حتى نخرج من إطار الزمن.

Live sciences -: كنت قد حدَّثت برين جريين ونيل ديغراس عن هذا الكتاب، كيف استجابوا لكتابك؟

– كلوستيرمان: أعتقد أن تايسون شكَّك بدوافعي، وكان مرتابًا حول السبب الحقيقي الذي دفعني لكتابة كتابٍ كهذا، لا أعرف إن كان هذا بسبب اعتياده على تشكيك بعض الأشخاص في صحة العلم، أوربما بسبب طريقتي في توجيه الأسئلة، ولكن كل ما كنت أحاول قوله هو: “أنا لا أحاول أن أعارض ما تؤمن به، لأني أؤمن به أيضًا في جميع الاحتمالات، ولكني أحاول فقط أن أعرف إن كان يوجد احتمالية أن ما نؤمن به هو خاطئٌ بالأساس”، ولكنه لم يقتنع، وأعتقد أنه يشعر بأننا نعزز فهمنا للعلم فقط منذ الثورة الكوبرنيكية؛ بسبب استخدام الطريقة العلمية، كما أن العلم متشابكٌ مع الرياضيات في الحاضر عوضًا عن الفلسفة، لن أبالغ بالأمر وأقول إنه رأى تساؤلاتي (خطرة)، وسأعتقد أنه رآها غير مجدية.

قال جرين: إن “هذا افتراضٌ مجنون! لقد أحببته!”، أما تايسون فهو راضٍ قليلًا عن الأمر، كما أنه رد بإجاباتٍ ذكية باستمرار، ومن المحتمل أنه أكثر من اقتبست عنه في كتابي.
(الثورة الكوبرنيكية تعرف بتحولنا من اعتقاد أن الأرض هي مركز الكون، إلى وجهة النظر الحالية أن الشمس هي المركز، وتدور الكواكب حولها).

كلوستيرمان: تبدو لي فكرة العيش في محاكاةٍ منطقيةٌ جدًا، وستتفسر أشياءٌ كثيرةٌ في الحياة بالنسبة لي إن كان هذا صحيحًا، وإن قبلنا بفكرة أننا نعيش في واقعِ محاكاةٍ يُدار بواسطة شخصٍ في المستقبل، وأن كل شيءٍ نعرفه عن أنفسنا والكون هي أشياءٌ مخزنةٌ على حاسوبٍ عملاقٍ فحسب، وأشعر أن تلك هي الحقيقة لأسبابٍ عدة، ولكني لا أملك حجةً مقنعةً، ولا دليلًا لإقناع الناس بذلك، وليس بيدي إلا أن أعرض الفكرة وأدعوهم للتفكير بها، وإن كان لدينا دليلٌ، كم سيكون ذلك تلفيقًا من رغباتنا الخاصة؟ وهل سيبدو ذلك كدليلٍ فقط لأننا نريده أن يكون صحيحًا؟.

Live Sciences -: عند التكلم عن جدل المحاكاة، ذكرت 20 رقمًا تقريبًا، التي يبدو أنها ستقود الكون، كثابت الجاذبية، وكتلة الإلكترون وما إلى ذلك، وفي الحقيقة يبدو كل هذا الجدل كأنه حوارُ زميل سكنٍ منتشٍ، ولكن أشياءٌ كهذه تشير إلى أن الواقع مبرمجٌ، فهل تعتقد أن تلك الأرقام الـ 20 تعطي جدلًا كهذا بعض المصداقية؟

– كلوستيرمان: أعتقد أنه يوجد أشياءٌ كثيرةٌ معقولةٌ حول جدل المحاكاة، ولا أعرف إن كانت الأرقام الـ 20 معقولةٌ كذلك؛ لأن عكس هذا الجدل (بأن كل ما نعيشه هو نوعٌ من محاكاةٍ إلكترونية)، هي فكرة الأبدية، وفي الأبدية كل الأشياء التي من الممكن حدوثها ستحدث، وإن كان الكون أبديًا بحق، ستحدث كل احتماليةٍ موجودةٍ، ولكنني لا أعرف إن كنا بصفتنا بشرًا بسطاء نملك القدرة لفهم الأبدية، إذ يمكننا شرحها، وحتى يمكننا شرحها لطفلٍ عمره خمس سنواتٍ، ولكن لا يمكننا إدراك حجم الأبدية.

Live Sciences -: لتبسيط الأمور أكثر، إن اضطررت لاختيار فرقة روكٍ واحدة لتعزف بعد 200 سنة، أي واحدة ستكون؟

– كلوستيرمان: في عالمٍ عقلاني، ستكون الإجابة فرقة البيتلز، فآداؤهم في برنامج إيد سوليفان وحده ترك أثرًا قويًا جدًا في الحضارة، وبقي صداه قائمًا فيما بعد، كما أن البيتلز وضعوا المعيار الذي يجب أن تكون عليه الفرق الموسيقية، وكل فرقةٍ موسيقيةٍ بعدهم قلدوهم لحدٍ ما لا شعوريًا، وأشبه ذلك بالرؤساء، وكيف أننا دائمًا ما نعيد تصنيفهم وترتيبهم، ولكن بغض النظر كم مرة نقوم بها بإعادة ترتبيهم، سيكون الرؤساء الأفضل بعد 200 سنة، لا يزالون هم: واشنطن ولينكلون وجيفيرسون؛ لأنهم عرفوا حرفيًا ما يجب أن يكون الرئيس عليه، – فهم الفكرة ولا يمكنك أن تكون أفضل من الفكرة-، والبيتلز هم فكرة ما يجب أن تكون فرقة الروك عليه، والآن هل ستكون البيتلز هي إجابتي؟

 

في الحقيقة كل شيءٍ أعرفه عن تاريخ الأفكار يخبرني عكس ذلك، ولكن إن كانت الأمور تجري بمنطقية، فهم إجابتي على الأرجح.

Live Sciences -: ما الذي تعلمته أثناء بحثك وكتابتك لهذا الكتاب؟

– كلوستيرمان: لقد تناولت مواضيع وأفكار كثيرة في كتابي، فهو يتحدث عن الأدب، والروك، والعلم، وكرة القدم، والسياسة، وما أجده أمرًا متوقعًا جدًا، أن أي أحد خبير بالتلفاز، سيملك مشاكل حول قسم التلفاز، ولكنه سيفترض أن كل الأقسام الأخرى منطقية، أو ناقدٌ في موسيقى الروك بالتأكيد سيملك مشاكل حول قسم الروك، ولكنه سيتقبل أي شيءٍ آخر تمامًا؛ لذلك أدرك أن كل العلماء سيرون في قسم العلم بساطة تفكيري، وبساطة الأدلة الموجودة في رأسي، ولكني سأطلب من الناس أن يبقوا في عقولهم فكرة أنك عندما تفهم شيئًا ما جيدًا، من المهم أن تشكك في كونه صوابًا أم خطأً.


  • ترجمة: قصي أبوشامة.
  • تدقيق: رجاء العطاونة.
  • تحرير: ياسمين عمر.
  • المصدر