إنها حقيقة، وشائعة أيضًا، لكننا ما زلنا نجهل الكثير عنها. على الرغم من شيوع الفكرة التي تزعم انخفاض اهتمام النساء بالجنس أكثر من شركائهم الذكور، إلا أن الدراسات تبين شيوع الحالة العكسية بالدرجة نفسها، وأن من الشائع أن يبدي الرجال في العلاقات المغايرة رغبة أقل بالجنس، ويواجه العديد من الرجال والنساء نقصًا في الرغبة الجنسية يعدونه محنة يقاسونها مع أنفسهم وفي علاقاتهم الحميمية، لكن انخفاض الرغبة الجنسية لا يعني بالضرورة أنه نقص مؤذ أو خطير. لماذا إذن نميل للاعتقاد بأن نقصان الرغبة الجنسية عند الرجال ـ غير موجود؟ ولم نتجنب الحديث عنه؟

تميل أفكارنا عن الأدوار الخاصة بالجنسين للاختباء عميقًا، فحتى عندما نشهد ازدياد عدد الرجال الذين يعبّرون عن نقص رغبتهم بالجنس مؤقتًا أو لفترة طويلة، نجد أن ما يهيمن على هذه الحقائق هو الاعتقاد السائد بما يفترض أن يكون الرجل عليه، الذي يقترح وجوب إخفاء الرجال لما يعانونه من نقص رغبتهم بالجنس. لندع جانبًا هذه الصور النمطية والأعراف التقليدية ولننتبه إلى حقيقة ما تقوله الأبحاث عن نقص الرغبة الجنسية لدى الرجال.

كم رجلًا يعاني انخفاض الرغبة الجنسية؟

يختلف عدد الرجال الذين يصرحون عن انخفاض مقلق في رغبتهم الجنسية اعتمادًا على تعريفهم لهذا الانخفاض، والمقاييس التي يستخدمها الباحثون في ذلك.

مثلًا، عند استجوابهم عن تجربتهم مع انخفاض الرغبة الجنسية فيما لو كانت أليمة، خلال الاثني عشر شهرًا الماضية، أعرب 8% من الرجال النرويجيين ممن تتراوح أعمارهم بين 22 و67 أنهم شعروا بذلك تقريبًا طوال الوقت أو في أغلب الأحيان.

وفي دراسة وطنية أجريت على الرجال الأمريكيين، خلص الباحثون إلى أن 15% من تعداد الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و59 عانوا انخفاضًا مستمرًا بالرغبة الجنسية.

وبعد الاقتراح الذي تقدمه الدراستان السابقتان بوجود عدد كبير من الرجال ممن يختبرون نقصًا مقلقًا في الرغبة الجنسية، أُعلن عن أن 14 إلى 19% من الرجال قد عبّروا بانتظام وثقة عن معاناتهم انخفاضًا مقلقًا في رغبتهم الجنسية، وذلك في مقالة موجزة تتناول معدلات انتشار انخفاض الرغبة الجنسية لدى الرجال في بلدان ودراسات عدة.

ماذا يحدث عندما يفقد الرجل الرغبة الجنسية - ما أسباب انخفاض الرغبة الجنسية عند الرجال ؟ - كيف يمكن معالجة حالات نقصان الرغبة الجنسية عند الذكور

ما أسباب انخفاض الرغبة الجنسية عند الرجال ؟

تساهم عوامل عدة في إنقاص الاهتمام بالجنس لدى الرجال وفي هذا البحث كانت الأسباب الثلاثة ـ المتفق عليها والأكثر شيوعًا ـ هي ما يلي:

الرفض الجنسي ونقص التواصل العاطفي مع الشريك والمشاكل الصحية أو الاعتلالات الجسدية، لكن الرجال في هذا البحث لم يواجهوا نقصًا في الرغبة الجنسية مقلقًا أو خطيرًا، فما الذي يقود إذن إلى مشكلة نقص الرغبة الحقيقية أو الجادة لدى الرجال؟

غالبًا ما يشير الرجال -ممن يصرحون عن محنة نقص الرغبة الجنسية لديهم- إلى أسباب طبية أو بيولوجية مثل تناول أدوية محددة كبعض مضادات الاكتئاب أو عقابيل الاعتلالات الخطيرة أو العمليات الجراحية كسرطان البروستات. وفي الدراسة التي أجريت على الرجال النرويجيين كان السبب الثالث الأكثر شيوعًا وراء انخفاض اهتمامهم بالجنس هو الأمراض. وفي الدراسة الأمريكية أُشير إلى الصعوبات الصحية على أنها واحدة من المسببين الأكثر شيوعًا في القضايا المرتبطة بمحنة انخفاض الرغبة الجنسية. ووُجد بانتظام أن هذه المحنة كانت أيضًا استجابةً تكيفية تجاه الاضطرابات الجنسية الأخرى لدى الذكور مثل ضعف الانتصاب أو القذف المبكر .

وقد تؤثر عوامل اجتماعية مرتبطة أخرى في الرغبة الجنسية للرجال وعوامل مقترنةً أخرى كتربية الأطفال وضغوطات العمل والزواج.

تسهم هذه الضغوطات بدور حاسم في خفض الرغبة الجنسية، فقد نوه الرجال في إحدى الدراسات إلى الضغط أو التوتر بوصفه السبب الغالب وراء محنتهم بدرجة تفوق حتى المشاكل الصحية والأمراض.

تتضمن العوامل الأخرى المرتبطة بهذه المحنة ما يلي: المواقف المقيدة حيال النشاط الجنسي، وغياب الأفكار المغرية أو الشبقة خلال العملية الجنسية والقلق حيال حدوث الانتصاب ومشاعر الحزن والعار. وهناك من يقترح أن انخفاض رغبة الرجال الجنسية ما هو إلا قناع تختبئ خلفه نوايا أخرى مثل محاولات إخفاء أساليب تحرش شاذة، والاستمناء القسري خلال مشاهدة الأفلام الإباحية ومشاكل مكبوتة تتعلق بالميول الجنسية للفرد أو صدمةً جنسيةً في الماضي.

كيف يمكننا مساعدة الرجال في هذه الحالات؟

الإجابة على هذا السؤال أكثر تعقيدًا لأنها تعتمد على تحديد السبب الأساسي وراء محنة انخفاض الرغبة الجنسية. فإذا كانت الأسباب طبية مثل تناول أدوية معينة أو مرض جسدي فغالبًا ما يُفضل الاستمرار بالعلاج مع المختص الصحي للتخلص من المشكلة والتحكم بها بصورة مناسبة.

يقترح المعالجون أن الشعور بالعار والآليات المتعلقة به قد تمنع الرجال نهائيًا من الانفتاح (مشاركة دواخلهم) ومناقشة الكثير من القضايا السابقة، خصوصًا فيما يتعلق بالعنف الجنسي وأساليب التحرش أو الاستثارة الشاذة واستخدام الصور الإباحية والاستمناء القسري.

ويقترح إمكانية تخفيض آثار نقص الرغبة عبر التواصل الجيد والدعم العائلي.

ما نجهله عن الموضوع حتى الآن

لا يرغب الرجال دائمًا بالاعتراف حين يعتريهم اهتمام أقل بالجنس بدلًا من رغبة كبيرة ومستمرة، ويعود ذلك للأسف إلى وجود إحساسٍ بأن ما يشعرون به سيُظهرهم بصورة أقل رجولة، ونتيجة لذلك، من الصعب أن نعرف عدد الرجال الذين يرغبون حقًا بمناقشة نقص رغبتهم الجنسية، وفيما لو كانت أصواتهم (تجاربهم) تُعكس أو تُسجل بصورة كافية في الأبحاث ومراكز العلاج.

قد لا نعرف أبدًا المعدلات الحقيقية لنقص الرغبة الجنسية عند الرجال ، أو ما يسببها، حتى نصل إلى النقطة التي يصبح فيها تنوع الرغبات الجنسية للرجال مقبولًا اجتماعيًا.

لكن رغم هذه القيود، من الواضح أن نقص الرغبة الجنسية لدى الرجال موجود، وأن هذا النقص ربما يكون أكثر شيوعًا مما يلاحظه معظمنا.

اقرأ أيضًا:

تحديد الجين المسؤول عن تنظيم الرغبة الجنسية لدى الرجال

الرغبة الجنسية العالية: الأسباب والعلاج

ترجمة: حيدر بوبو

تدقيق:أحمد الحميّد

المصدر