تزيد العديد من الأطعمة والمشروبات معدلات الاستقلاب، أي التفاعلات التي تزوّد الجسم بالطاقة. نتحرى في هذا المقال تأثيرات نظامنا الغذائي في عمليات الاستقلاب، وهل لأطعمة أو مشروبات بعينها تأثير واضح في معدلات الاستقلاب أم لا.

الاستقلاب هو مجموعة التفاعلات التي تجري داخل الخلايا لتؤمن الطاقة اللازمة لوظائف مختلفة مثل الحركة والنمو والتطور.

تؤثر العديد من العوامل في الاستقلاب، مثل العمر والنظام الغذائي والجنس والنشاط البدني والحالة الصحية.

معدل الاستقلاب الأساسي هو كمية الطاقة اللازمة للحفاظ على وظائف الجسم الأساسية، مثل التنفس في أثناء الراحة. وهو أكبر مساهم في حرق السعرات الحرارية يوميًا، ويسمى أيضًا «إجمالي استهلاك الطاقة».

تتطلب عملية هضم الطعام ومعالجته -الكربوهيدرات والبروتينات والدهون- الطاقة أيضًا، ما يسمى التأثير الحراري للغذاء. تتطلب بعض الأطعمة طاقة أكثر لهضمها، ما يزيد الاستقلاب قليلًا.

تتطلب الدهون مثلًا طاقة أقل للهضم مقارنةً بالبروتينات والكربوهيدرات، إذ تأتي البروتينات في المرتبة الأولى من حيث التأثير الحراري بين العناصر الغذائية الأساسية.

هل تسرع بعض الأطعمة الاستقلاب؟

يُعتقد أن أطعمة ومشروبات محددة تزيد معدل الاستقلاب لدينا، لكن هذا غير صحيح بالضرورة، فبعض الأطعمة تتطلب طاقة أكثر لتُهضَم، وقد يزيد بعضها معدل الاستقلاب بقدر طفيف.

العامل الأهم هو إجمالي المدخول الغذائي، إذ يختلف التأثير الحراري للغذاء -أي الطاقة اللازمة لهضم الطعام- اعتمادًا على العناصر الغذائية ضمن الوجبة.

ما يلي كميات الطاقة اللازمة لهضم العناصر الغذائية الأساسية:

  •  البروتينات: 10-30% من إجمالي طاقة البروتين المتناول.
  •  الكربوهيدرات: 5-10% من إجمالي الكربوهيدرات المتناولة.
  •  الدهون: 0-3% من إجمالي الدهون المتناولة.

يستهلك الجسم القدر الأكبر من الطاقة لهضم البروتينات وتخزينها، لذا تمتلك البروتينات التأثير الحراري الأعلى.

يمثل التأثير الحراري للغذاء نحو 10% من إجمالي الإنفاق اليومي من الطاقة، لذلك قد يساعد استهلاك المزيد من البروتين إجمالًا على حرق المزيد من السعرات الحرارية.

تظهر الدراسات أن تناول الكثير من الأطعمة المُعالَجة يقلل من الطاقة اللازمة لهضم الطعام، لانخفاض محتوى هذه الأطعمة من الألياف والبروتينات.

وتبين الدراسات أن النظام الغذائي عالي البروتين يزيد معدل الاستقلاب، ويزيد السعرات الحرارية المحترقة في أثناء الراحة.

وجدت دراسة أجريت عام 2015 على الأشخاص الذين يتبعون نظامًا غذائيًا غنيًا بالسعرات الحرارية، أن استهلاك المزيد من البروتينات يزيد من إنفاق الطاقة خلال اليوم، مقارنةً بتناول القليل البروتين.

ووجدت دراسة سنة 2021 أن نظامًا غذائيًا يتكون 40% منه من البروتين، ينتج عنه إنفاق طاقة أكبر وحرق مزيد من الدهون، مقارنةً بنظام يتكون 15% منه من البروتين. وبينت دراسات أخرى أن الأنظمة الغذائية عالية البروتين تزيد إنفاق الطاقة اليومي أكثر مقارنةً بالأنظمة قليلة البروتين.

هل تزيد أطعمة معينة الاستقلاب؟

من الواضح أن النظام الغذائي الغني بالبروتين يساعد على حرق المزيد من السعرات الحرارية يوميًّا، لكن ماذا عن أطعمة محددة؟

مكونات الفلفل الحار والشاي الأخضر والقهوة –مثلًا- قد تزيد الاستقلاب قليلًا.

يزيد الكافيين من إنفاق الطاقة، لذا فإن تناول المشروبات المحتوية على الكافيين -مثل القهوة والشاي الأخضر- يزيد الاستقلاب قليلًا.

أظهرت الدراسات أيضًا أن تناول منتجات تحوي مستخلص الكاتشين –من مكونات الشاي الأخضر- يزيد الإنفاق اليومي من السعرات الحرارية إلى 260 سعرة حرارية، إذا اقترنت بتمارين المقاومة. من الجدير بالذكر أن الدراسة تضمنت تناول جرعات عالية من مكملات خلاصة الشاي الأخضر، لذا قد لا تنطبق هذه النتائج على من يشربون الشاي الأخضر.

تشير بعض الدراسات إلى أن مركب «إيبيجالوكاتشين جاليت» -كاتشين يوجد في الشاي الأخضر- يزيد من إنفاق الطاقة عند تناول 300 مليغرام منه. (يحوي الشاي الأخضر 71 مليغرامًا من إيبيجالوكاتشين جاليت لكل 100 ميلليلتر).

يزيد الكابسيسين –الموجود في الفلفل الحار- معدل الاستقلاب عند تناول مكملات تحوي تركيزات عالية منه، إلا أن تناول كميات عادية منه في الطعام لا يؤثر تأثيرًا ملحوظًا في الاستقلاب.

أيضًا فإن تناول مشروب يحوي مسحوق الزنجبيل مع الوجبات يزيد التأثير الحراري للغذاء زيادةً طفيفة، بمعدل 43 سعرة حرارية يوميًّا. لكن ذلك لا يؤثر تأثيرًا ملحوظًا في إجمالي إنفاق الطاقة أو فقدان الوزن.

كيف نحقق وزنًا واستقلابًا صحيين؟

للمحافظة على وزن صحي، يجب التركيز على نوعية نظامنا الغذائي وغناه بالمكونات الغذائية الأساسية، بدلًا من دمج أغذية معينة أو إزالتها من نظامنا الغذائي.

تشير الدراسات إلى أن النظام الغذائي الغني بالبروتين والأطعمة الكاملة يزيد إنفاق الطاقة مقارنةً بالنظام الغذائي قليل البروتين كثير الطعام المُعالَج.

لا مانع من استهلاك كميات معتدلة من الأطعمة والمشروبات التي تحسن الاستقلاب، مثل الفلفل الحار والزنجبيل والشاي الأخضر، لكن لا تتوقع تأثيرًا كبيرًا فيما يتعلق بإنفاق الطاقة أو فقدان الوزن.

إن اتباع نظام غذائي متوازن غني بالألياف والبروتين، ويحتوي الخضر والفواكه والمكسرات والحبوب والبقوليات، يحقق استقلابًا صحيًا ويعزز الصحة.

أيضًا فإن النشاط البدني والحفاظ على الكتلة العضلية يساعد على تحسين إجمالي إنفاق الطاقة.

قد تكون تمارين المقاومة فعالة، إذ أظهرت دراسة أجريت سنة 2015 أن ممارسة تمارين المقاومة يسرع معدل الاستقلاب في أثناء الراحة بنسبة 5% لدى البالغين، ووُجد في بحث أجري عام 2020 أنه استنادًا إلى أن تمارين المقاومة تزيد معدل الاستقلاب في أثناء الراحة، فإن متوسط إنفاق السعرات الحرارية يزيد إلى 96 سعرة حرارية في اليوم مقارنةً بمجموعة مرجعية.

الخلاصة

لتسريع الاستقلاب، يفضل اتباع نظام غذائي متوازن، بدلًا من التركيز على أطعمة معينة. يزيد النظام الغذائي الغني بالبروتينات والأطعمة غير المعالجة من إنفاق الطاقة، ويسهم في الحفاظ على وزن صحي. وإجمالًا فإن اتباع نمط حياة صحي يتضمن نظامًا غذائيًا متوازنًا وتمارين رياضية هو الطريق الأمثل لتحقيق استقلاب صحي.

اقرأ أيضًا:

ما هو الأيض (معدل الاستقلاب) وكيف تتحكم به؟

كيف تعزز من عملية الاستقلاب لديك؟

ترجمة: كارمن صطوف

تدقيق: سمية بن لكحل

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر