لا تتحرك كل الأجسام الموجودة في نظامنا الشمسي بانتظام. فحركة الأجسام في المناطق البعيدة غريبة حقًا. تدور مجموعة من الصخور موجودة خارج مدار نبتون في حركة غير منتظمة حول الشمس، لا تشبه الحركة المنتظمة للأجسام القريبة منها. تسمى هذه الأجسام الجليدية والمظلمة بالأجسام المنفصلة، بسبب انفصالها الواضح عن بقية أجسام نظامنا الشمسي. ويجتهد الفلكيون في البحث عن تفسير لهذا الاختلاف الغريب.

Steven Burrows/JILA

Steven Burrows/JILA

يفترض التفسير الشائع وجود كوكب تاسع كبير مخفي في أطراف نظامنا الشمسي، ويُؤثر ثقاليًا في حركة هذه الأجسام المنفصلة وعلى هذا يتسبب في تشكل مداراتها الغريبة.

لكنه ليس التفسير الوحيد، فقد اقترح عالمان في الفيزياء الفلكية تفسيرًا آخر يظنان أنه الأفضل. وجدا بعد تحليلهما أن الجاذبية الكلية للأجسام المنفصلة تتسبب خلال ملايين السنين في عدم انتظام مدارات هذه الأجسام.

تقول عالمة الفيزياء الفلكية آن ماري ماديجان من جامعة كولورادو بولدر: «لا نعرف الكثير عن هذه المنطقة من الفضاء، مع أنها قريبة جدًا منا مقارنةً بالنجوم البعيدة في مجرتنا والأجسام الأخرى التي نرصدها بصعوبة»، وتُضيف: «نحن أول فريق يستطيع نمذجة كل المدارات الغريبة التي شاهدها العلماء طوال السنين الماضية».

يصعب رصد المناطق الأبعد من نبتون -حتى بكيلومترات قليلة- بسبب وصول القليل من الضوء إليها، لكن هناك الكثير من الأدلة التي تشير إلى وجود عدد معقول من الأجسام هناك.

ولا يقصد بالأجسام المنفصلة تلك الموجودة في حزام كويبر ذات السلوك المفهوم، الذي يمتد حتى نحو 30 وحدة فلكية وراء مدار كوكب نبتون مباشرةً، وبعيدًا نحو 55 وحدة فلكية عن أبعد موضع في مدار كوكب بلوتو.

الأجسام المنفصلة المقصودة بعيدة جدًا عن الشمس. ولتوضيح الأمر نذكر أن الكويكب لاليأكيوهينوا يبعد نحو 65 وحدة فلكية في أقرب موضع له من الشمس أي الحضيض، ويقدر أوج مداره نحو 2106 وحدة فلكية. أما كوكيب سيدنا فيبعد نحو 76 إلى 937 وحدة فلكية عن الشمس. في المقابل يبعد كوكيب فار فار آوت نحو 140 وحدة فلكية من الشمس.

لا تكمن الغرابة في هذه المسافات فقط. فمدارات الأجسام المنفصلة إهليلجية بنسبة كبيرة، وكذلك مائلة بالنسبة لمستوى النظام الشمسي. وتبدو حركتها في بعض الأحيان منتظمة ما يدل على وجود محرض مشترك يؤثر فيهم جميعًا ويتسبب في هذا السلوك الغريب.

حاكت ماديجان وزميلها ألكسندر زديريك عالم الفيزياء الفلكية من جامعة كولورادو بولدر، النظام الشمسي الخارجي للوصول إلى تفسير واضح، باستخدام كمبيوتر خارق بحسابات مكثفة لكتل الأجسام الموجودة في النظام الشمسي الخارجي، فردية ومجتمعة.

وهذا يشبه البحث الذي أجرياه ونشراه سنة 2018، يختلف الجديد فقط في تطويرهما للمحاكاة لتصبح أكثر واقعية.

يقول زديريك: «حاكينا كل ما يُفترض أن يوجد في النظام الشمسي الخارجي، وأضفنا تأثيرًا ثقاليًا كالذي تنتجه الكواكب العملاقة مثل المشتري».

غطت المحاكاة منطقةً بين مئة إلى ألف وحدة فلكية، واحتوت مجموعات متنوعة من الكتل والتكوينات الفضائية، مع تحديد نقطة بداية لمدارات منتظمة حول الشمس. لكن لم تحافظ الأجسام المنفصلة على هذا الانتظام طويلًا، خاصةً الأجسام ذات الكتل العالية، فتفاعلت بينها في أثناء سير المحاكاة بالسحب والدفع حتى غيرت من مداراتها.

ووصلت المحاكاة في الأخير إلى تجسيد مطابق لمدارات الأجسام المنفصلة التي رصدت، لكن مع وجوب أن توجد كتل إضافية في النظام الشمسي الخارجي.

قالت ماديجان: «يجب إضافة نحو 20 كتلة أرضية حتى تنجح المحاكاة. وهذا ممكن نظريًا، لكن بالتأكيد سيتصادم مع المعتقدات السائدة».

تنافس نتيجة الكتل الإضافية فرضية وجود كوكب تاسع في مجموعتنا الشمسية، خاصةً وأنها مُثبتة من عدة فرق أخرى.

إضافةً إلى هذا، فقد وجدت عمليتا مسح منفصلتين أسرابًا جديدةً من الأجسام المنفصلة -أضيفت بياناتها إلى هذه المحاكاة- ولم يظهر أي دليل على توافق ظاهري قد يشير إلى وجود كوكب تاسع.

يقول زديريك: «ترتبط العديد من النتائج المذهلة الأخيرة عن النظام الشمسي الخارجي بالتقدم التكنولوجي»، ويضيف: «نحن بحاجة إلى جيل محدث من التلسكوبات لرصد هذه الأجسام».

نشر البحث في المجلة الفلكية.

اقرأ أيضًا:

الكوكب التاسع المفترض في نظامنا الشمسي قد لا يكون موجودًا!

تعرف معنا على حزام كويبر

ترجمة: صابر مخلوف

تدقيق: جعفر الجزيري

المصدر