يتغير ما يشكل مستوى غلوكوز الدم الطبيعي بالنسبة للفرد اعتمادًا على مجموعة من العوامل، متضمنة: العمر، ووجود حالة صحية مستبطنة، والأدوية التي يأخذونها، ويعتمد أيضًا على متى تناولوا آخر وجبة من الطعام.

سكر الدم أو الجلوكوز هو شكل من السكر، ويعد مصدرًا رئيسيًا للطاقة في الجسم. نحصل على الجلوكوز من الطعام الذي نتناوله، غالبًا من الطعام الغني بالكربوهيدرات مثل البطاطا والأرز والخبز. تُنظم عملية الامتصاص والتخزين للجلوكوز باستمرار بواسطة عمليات معقدة تحدث في الجهاز الهضمي.

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، تختلف نسبة سكر الدم الطبيعية من شخص إلى آخر، لكن النسبة الطبيعية لسكر الدم الصيامي (كمية الجلوكوز في الدم بعد ثماني ساعات على الأقل من تناول الوجبة) تكون بين 70 إلى 100 مغم/دل.

يلاحظ معظم الناس ارتفاع مستوى سكر الدم لديهم بعد الطعام. وفقًا للجمعية الأمريكية للسكري (ADA)، فإن مستوى سكر الدم الطبيعي بعد ساعتين من تناول الطعام عمومًا هو أقل من 140 مغم/دل، ولكن عند غير المصابين بمرض السكري تكون نسبة سكر الدم عادةً أقل مما تشير إليه هذه الإرشادات.

وجدت دراسة أجريت عام 2007 في مجلة Diabetes Science and Technology، التي تقيس باستمرار نسبة الجلوكوز في الدم لدى الأشخاص، أن متوسط معدل جلوكوز الدم لدى معظم الناس نحو 82 مغم/دل في أثناء الليل، ونحو 93 مغم/دل في أثناء النهار، وارتفع إلى حد أقصى 132 مغم/دل بعد ساعة من الوجبة.

الاختلافات في مستويات سكر الدم بعد الطعام وقبله طبيعية، وتعكس الطريقة التي يُمتص ويُخزن بها الجلوكوز ضمن الجسم. بعد الأكل تُحطم إنزيمات المعدة الكربوهيدرات الموجودة في الطعام إلى أجزاء أصغر، وتطلق الجلوكوز الذي يمكن امتصاصه من قبل المعي الدقيق ونقله في النهاية إلى مجرى الدم.

عندما يصل الجلوكوز إلى الدم، يفرز البنكرياس هرمون الإنسولين الذي ينقله من الدم إلى الخلايا لتزويدها بالطاقة اللازمة.

عمومًا، أجسامنا مصممة للحفاظ على ثبات نسبة الجلوكوز في الدم، لذلك بعد استهلاك الطاقة اللازمة، تُخزن بقايا الجلوكوز أساسًا في الكبد والعضلات في شكل مركب يسمى الغليكوجين مخزونًا احتياطيًا للطاقة في حال انخفاض مستويات سكر الدم عن المستوى الأمثل.

يستطيع الجسم أن ينتج الجلوكوز الخاص به عندما لا يكون هناك ما يكفي من الجلوكوز المخزن للحفاظ على مستويات طبيعية من سكر الدم، من مصادر غير الكربوهيدرات (مثل الأحماض الأمينية والغليسيرول). هذه المصادر تعرف باستحداث السكر، ويحدث غالبًا في أثناء التمارين القاسية أو الجوع.

ومع أن الأمر يبدو معقدًا (وهو كذلك)، فهناك سبب وجيه لتحافظ أجسامنا على هذه الحلقة غير المنتهية مع الجلوكوز؛ فالكثير أو القليل من الجلوكوز في الدم يمكن أن يؤدي إلى مشكلات صحية خطيرة.

الإفراط في تناول الجلوكوز على المدى الطويل (فرط سكر الدم)، يمكن أن يسبب إنهيارًا في الأعصاب وانخفاض المقاومة للعدوى وأمراض القلب والكلية.

من ناحية أخرى، عدم وجود ما يكفي من الجلوكوز في الدم من عدة دقائق إلى ساعات (نقص سكر الدم)، يمكن أن يؤثر في وظيفة الدماغ مسببًا الإرهاق والإغماء، وسرعة الانفعال، وفي بعض الحالات نوبة، وغيبوبة وحتى الموت.

تكون نسبة سكر الدم لدى المصابين بالسكري مرتفعةً للغاية، إما لأن الفرد لا يصنع الإنسولين (النمط الأول من الداء السكري)، أو يكون غير قادر على صنع الأنسولين أو استخدامه بكفاءة (النمط الثاني من الداء السكري). نتيجة لذلك تبقى مستويات الجلوكوز مرتفعة في الدم ولا تستطيع الدخول إلى الخلايا وتزويدها بالطاقة.

تعتمد مستويات سكر الدم المستهدفة لمرضى السكري على مدة الإصابة بداء السكري والعمر والحالات الطبية المستبطنة ونمط الحياة المتبع.

وفقًا لـ ADA بالنسبة للنساء غير الحوامل المصابين بمرض السكري، فإن مستوى السكر الصيامي المستهدف يجب أن يكون في المجال 80 إلى 130 مغم/دل. في الوقت نفسه اقترحت ADA أن يكون المستوى المستهدف ما بعد الوجبة أي بعد ساعتين تقريبًا من تناول الطعام لنفس المجموعة الفرعية من المرضى أقل من 180 مغم/دل.

عمومًا، تناول الكثير من الفواكه والخضروات، والحفاظ على وزن صحي، والحصول على نشاط بدني منتظم إلى جانب الأدوية يمكن أن يساعد على الحفاظ على مستويات سكر الدم طبيعية لدى المصابين بالنمط الثاني من الداء السكري.

بالنسبة للنساء الحوامل المصابات بداء السكري سابقًا أو اللاتي أصبن بالسكري خلال الحمل، فإن إرشادات ADA تكون أقل، مستوى الجلوكوز الصيامي المستهدف لهذه الفئة يجب أن يكون أقل من 95 مغم/دل، وأن يكون المستوى المستهدف بعد الوجبة أي بعد ساعتين تقريبًا من تناول الطعام أقل من 120 مغم/دل.

وفقًا لمركز السيطرة على الأمراض CDC، يعد A1C لدى الشخص مقياسًا لمتوسط مستويات السكر في الدم خلال شهرين أو ثلاثة أشهر سابقة، ويقاس بفحص الدم. النتيجة الطبيعية لشخص لا يعاني داء السكري أقل من 5.7%. يشير A1C بين 5.7% و 6.4% إلى بوادر الداء السكري. وإذا كان مستوى A1C أعلى من 6.4% سوف يُشخّص المرء مريضًا بالسكري.

يعد اختبار A1C مقياسًا لنسبة كريات الدم الحمراء الحاوية على الهيموغلوبين المغطى بالسكر المرتبط بها. يلتصق الجلوكوز الذي يدخل مجرى الدم -من الكربوهيدرات التي تناولتها- بجزيئات الهيموغلوبين على خلايا الدم الحمراء، وكلما زادت كمية الجلوكوز في مجرى الدم (ارتفاع مستويات السكر في الدم)، زادت كمية الهيموغلوبين في الدم المغطاة بالسكر، وارتفع مستوى A1C.

على هذا النحو، بالنسبة للمصابين بداء السكري (نمط 1 و 2)، يمكن أن يمنح المقياس المريض وطبيبه فكرةً عن مدى التحكم في السكريات.

توصي ADA معظم البالغين المصابين بالسكري بالحفاظ على مستوى A1C أقل من 7% لتقليل مخاطر حدوث مضاعفات مرتبطة بمرض السكري. المستويات المستهدفة عامةً هي نفسها للعديد من الأطفال المصابين بالسكري. أما المستويات المستهدفة لكبار السن المصابين بداء السكري تكون أقل صرامة قليلًا. بالنسبة للأصحاء مع وجود عدد قليل من الأمراض المزمنة والوظائف الإدراكية السليمة، توصي ADA بأقل من 7.5%.

وفقًا لمايو كلينك، أرقام A1C المرتفعة مرتبطة بخطر أكبر للإصابة بمضاعفات مرض السكري، بينما يرتبط انخفاض A1C بانخفاض مخاطر هذه المضاعفات، مثل أمراض القلب والكلى ومشاكل الرؤية.

اقرأ أيضًا:

بروتين في الجسم له دور في تنظيم سكر الدم

كيف يؤثر ما نتناوله من سكر على الجسم والدماغ؟

ترجمة: فاطمة الرقماني

تدقيق: محمد الشعراني

المصدر