يُعد التوهج الراقص لأضواء الشفق القطبي واحدًا من أجمل المشاهد الخاطفة للأنفاس التي يمكن أن تستجمعها سماؤنا، ومع ذلك ما تزال غير مفهومة تمامًا. نعلم أنه ينتج من جسيمات تتفجر بفعل عواصف شمسية ثم تتسارع على طول خطوط الحقل المغناطيسي للأرض إلى خطوط العرض العليا وتنهمر في الغلاف الجوي العلوي.

تولِّد التفاعلات مع الجسيمات في الغلاف الجوي ستائر ضوئية تومض عبر السماء.

أثبت العلماء الآن ولأول مرة الآلية التي يحدث وفقها تسارع الجسيمات وذلك بتكرار العملية في المختبر.

تمامًا كما ظن العلماء، فإن الأمواج الكهرومغناطيسية القوية المعروفة باسم موجات ألفين تُسرِّع الإلكترونات على طول خطوط الحقل المغناطيسي.

قال الفيزيائي كريغ كليتزينج من جامعة آيوا: «تعود فكرة قدرة هذه الأمواج على تنشيط الإلكترونات المسببة للشفق لأكثر من أربعة عقود، لكنها المرة الأولى التي نتمكن فيها من التأكيد تمامًا على عملها».

وأضاف: «تمكننا هذه التجارب من إجراء القياسات الرئيسية التي تبين أن القياسات والنظريات الفضائية تشرح حقًا طريقةً رئيسيةً ينشأ وفقها الشفق».

لدينا معلومات عن أمواج ألفين منذ وقت طويل، إذ وُصِفت لأول مرة من قبل المهندس الكهربائي السويدي هانس ألفين في عام 1942 على أنها أمواج عابرة في سائل كهربائي تنتشر على طول خطوط الحقل المغناطيسي.

تُعد هذه الأمواج مهمةً لنقل الطاقة والزخم في الأنظمة الهدروديناميكية المغناطيسية، إذ أنها تُسرِّع الجسيمات.

لوحظت أمواج ألفين في خطوط الحقل المغناطيسي الأرضي، ولاحظت المركبات الفضائية وجود أمواج ألفين من الفضاء فوق الشفق.

تؤدي أمواج ألفين دورًا في تسارع الإلكترون الشفقي، لكن تحديد دورها بالضبط كان معقدًا نوعًا ما.

لذا استعمل فريق من العلماء من جامعة ويتون بقيادة الفيزيائي جيم شرودر جهاز البلازما الضخم في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلس لإلقاء نظرة أقرب على هذه الظاهرة.

هذه غرفة فراغ أسطوانية بطول 20 مترًا وبقطر متر واحد، وتتمتع بحقل مغناطيسي قوي.

هذه غرفة فراغ أسطوانية بطول 20 مترًا وبقطر متر واحد، وتتمتع بحقل مغناطيسي قوي.

صرح الفيزيائي تروي كارتر من جامعة كاليفورنيا: «تطلبت هذه المهمة الصعبة قياس عدد قليل جدًا من الإلكترونات المتحركة أسفل غرفة جهاز البلازما الضخم بنفس سرعة أمواج ألفين تقريبًا، إذ يقل عددها عن واحد بالألف من الإلكترونات في البلازما».

ولَّد الفريق أمواج ألفين في البلازما داخل جهاز البلازما الضخم، وقاس توزيع سرعة الإلكترون في شروط مشابهة لشروط تشكل الشفق في الوقت ذاته. وجدوا أن أمواج ألفين نقلت الطاقة إلى الإلكترونات مع رنين للأمواج، وبسرعة مماثلة لسرعة الأمواج المرحلية.

قال الفيزيائي كريغ هاوز من جامعة آيوا: «كشفت القياسات خضوع الإلكترونات القليلة لتسارع رنيني بفعل الحقل الكهربائي لأمواج ألفين، تمامًا كراكب الأمواج الذي يمتطي موجةً فتزداد سرعتها مع تقدّمها».

تعرف هذه العملية بتخميد لانداو، لأن نقل الطاقة من الموجة إلى الجسيم يُخفض الموجة، والذي بدوره يمنع حدوث عدم الاستقرار.

تبعًا لتحليل الفريق، فإن الإشارة الناتجة عن سرعة الإلكترون هي الإشارة المعروفة لتخميد لانداو، مشيرةً لحدوث تسارع رنيني.

تمكن الفريق من إثبات اتساق معدل تنشيط الإلكترونات مع تخميد لانداو في الأمر الواقع بعد مقارنة نتائجهم مع نموذج للشفق.

كتب الباحثون: «إن التوافق في معدل نشاط كل إلكترون بين التجربة ونموذج الشفق؛ يُنشئ الصلة النهائية اللازمة لإظهار أننا قدمنا إثباتًا تجريبيًا مباشرًا بأن أمواج ألفين قادرة على تسريع الإلكترونات المترنحة إلى الغلاف الأيوني ومن ثم توليد التوهج الساحر للشفق القطبي».

اقرأ أيضًا:

نتائج جديدة من مصادم الهدرونات الكبير تتطلب فيزياء جديدة لتفسيرها

اكتشف العلماء أدلة لفيزياء جديدة وغريبة في إشعاع الخلفية الكونية

ترجمة: ربيع شحود

تدقيق: لبنى حمزة

المصدر