ما هي الإباضة؟


تحدُث الإباضة «Ovulation» عندما تنتقل البويضة من المبيض، إلى الأنبوبَتَيْن الرّحميّتَيْن (قناتا فالوب؛ قناتان تَصِلان بين المبيض والرّحم(، وتصبح جاهزة لعمليّة الإخصاب، هذه العملية تحدُث عادةً في منتصف الدّورة الحيضيّة للمرأة، أو في اليوم الرّابع عشر من بداية دورة الحيض (هذا هو المُعدّل فقط)، إلّا أنّ التّوقيت يختلف من امرأة إلى أخرى.

الدّورة الحيضيّة «Menstrual cycle»

وفقًا لمركز الاضطرابات الحيضيّة، واختيار الإنجاب في الولايات المتحدة، في الأسبوع العشرين من الحياة الجنينيّة، يوجد في مبيض الجنين الأنثى 2 مليون بيضة غير ناضجة، تُدعى بالخلايا البيضيّة، لكنّها تخسر 75% من هذه الخلايا بحلول وقت الولادة، فهذا يترك أغلب النساء مع نصف مليون بيضة غير ناضجة، وهذه البيوض تنضج بشكلٍ كاملٍ في الوقت الّذي تصل فيه الأنثى إلى سنّ البلوغ.

عندما تتحرّك البيضة داخل أنبوب أو قناة فالوب، تستطيع الحيوانات المنوية إخصابها، وبعد ذلك من الممكن أن تنتقل إلى داخل الرحم وتنزرع لتتطوّر إلى جنين. خلال الإباضة، تصبح جدران المبيض أكثر سماكة؛ كي تتحضّر لاستقبال البويضة المُلقّحة، لكن إذا لم تُلقّح البويضة، فإنّ الرّحم يُسقط بطانته «طبقة الرّحم الوظيفيّة»، مسبّبًا النّزف الشّهريّ الخاصّ بالدّورة الحيضيّة، مع ذلك، فإنّ حدوث الحيض لا يعني دومًا حدوث إباضة.

وحول ذلك تقول الدّكتورة «ماري جين منكين-Mary Jane Minkin»، أستاذة طبّ التّوليد وأمراض النّساء والصّحّة الإنجابيّة في كلّيّة ييل الطّبّيّة في الولايات المتّحدة: «أكثر ما يُساء فهمه حول الإباضة، هو فكرة أن حدوث الحيض لدى المرأة يعني حدوث إباضة. في الواقع الأمر ليس كذلك على الإطلاق».

وتقول الدكتورة بأنّ العديد من النساء لديهنّ دورة إباضة -تثخن فيها بطانة الرحم- لأنّهنّ يقمن بإنتاج هرمون «الإستروجينEstrogen-»، ولكن، عندما ترتفع مستويات الإستروجين إلى حدٍّ معيّن، تنسلخ بطانة الرّحم، ومن الممكن وقتها أن تنزف المرأة بشكلٍ كبيرٍ، أمّا عندما تحدث الإباضة، تُفرِز النّساء هرمون «البروجستيرونProgesterone-»، والّذي يؤدّي إلى نزيفٍ أكثر ضبطًا.

عندما تحدث الدّورة لدى المرأة، ولا يحدث لديها حمل، فهذا يمكن أن يكون لعدم حدوث إباضة، جهاز الكشف عن الإباضة من الممكن أن يكون مفيدًا لمعرفة فيما إذا كانت المرأة في فترة الإباضة، وتقول الدكتورة مِنكين: «وإذا ما أظهر الجهاز بأنّ الإباضة لم تحدث، فهو الوقت المناسب لمراجعة الطّبيب النسائي؛ لأنّ جعل المرأة تبيض غالبًا ما يكون أمرًا بسيطًا جدًّا».

مشاكل الإباضة

وفقًا لإدارة الصّحّة والخدمات الإنسانيّة في الولايات المتحدة، فهنالك العديد من الأسباب لاحتمالية أن تعاني المرأة من مشاكل في الإباضة، فبعض النساء على سبيل المثال لديهنّ انسدادٌ في أنبوب فالوب بسبب: مرض التهابيّ حوضيّ، أو التهاب بطانة الرّحم، أو عمليّة جراحيّة لحملٍ خارج الرحم «الحمل الانتباذيّ». متلازمة المبيض مُتعدّد الكيسات (PCOS)، ومشاكل الغدّة الدّرقيّة، وغيرها من الظّروف الصحية الأخرى، من الممكن أن تُخفِّض من إنتاج المبيض للبويضات.

ووفقًا لمركز السّيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإنّ مشاكل الإباضة هي أحد الأسباب المحتملة للعقم، فنحو 12%من النّساء في الولايات المتّحدة بين عمري 15 و44 (أكثر من 6.1مليون امرأة) لديهنّ صعوبة في الحمل أو البقاء حوامل. من الممكن أن تكون المشاكل في بنية الرّحم، أو الأورام الليفية فيه، بعض الأسباب الأخرى للعقم.

التّوقيت

الكثير من النّاس لديهم اعتقاد خاطئ بأن الإباضة دائمًا ما تحدث في اليوم الرّابع عشر بالضّبط بعد آخر دورة للمرأة، إلّا أنّ توقيت الإباضة يختلف من امرأة إلى أخرى، وعادةً ما تحدث الإباضة بين اليومين الحادي عشر والحادي والعشرين من الدّورة الحيضية، وحول ذلك تقول الدّكتورة «كريستينا راميريز-Christina Ramirez»، وهي مُختصّة في النّسائيّة والتّوليد في جاردن سيتي في نيويورك: «معظم النّساء لا يعلمن توقيت حدوث الإباضة لديهنّ».

ووفقًا لدائرة المعارف البريطانية، فإن إناث الثّدْييّات الأخرى غير الإنسان والقرود، يحدث لديها ما يعرف باسم الدّورة الوداقيّة (أو دورة الشّبق)، بدلًا من الدّورة الحيضيّة، وفي هذه الدّورة تكون الإناث نشطة جنسيًّا أو مُثارة أو في حالة تهيّج جنسيّ، حيث تُهيَّأ مُعظم الإناث من الثّدْييّات للتّزاوج والحمل لاحقًا في هذه الدّورة. من الممكن أن تكون إناث البَشَر والقرود نشطة جنسيًّا خلال أيّ وقت في الدّورة، الثّدييّات الّتي لديها دورة وداقيّة، ليس لديها حيض؛ لأنّ الرّحم يمتصّ البطانة بدلًا من أن يسلخها.

غياب الدّورات

«انقطاع الطمث-Amenorrhea»، هو غياب دورة حيضيّة واحدة أو أكثر، وفي حين أنّ الحمل قد يكون هو أوّل أمرٍ يتبادر إلى الذّهن عندما تتأخّر الدّورة لدى الأنثى، إلّا أنّه ليس السّبب الوحيد الممكن لتأخُّر الدّورة، فهنالك العديد من العوامل الّتي تُؤدّي إلى اضطرابٍ في الدّورة الشّهريّة لدى المرأة.

تُنظَّم الدّورة الشهرية عن طريق جهاز الغدد الصّمّاء، الّذي يفرز هرموناتٍ في الجسم -بما في ذلك الهرمونات الجنسيّة؛ مثل الإستروجين والبروجسترون-، وهذه الهرمونات تلعب دورًا رئيسيًّا في جميع مراحل الدّورة الحيضيّة، حيث تمكّن البويضة من النّضج، وفي النّهاية تُمكِّنها من التّحرّر داخل الرّحم.

إلّا أنّ العديد من الاضطرابات المختلفة من المُمكن أن تَتَسبّب بخللٍ في التّوازن الهرمونيّ، وتُحدِث تأخيرًا في الدّورة الشّهرية، بما في ذلك قصور وفرط نشاط الغدّة الدّرقيّة، وورم الغدّة النّخاميّة (ورم غير سرطانيّ في نسيج الغدّة النّخامية)، وقصور الغدّة الكظريّة (وهو حالة لا تقوم فيها الغدد الكظريّة بإنتاج كمّيّات كافية من هرمونات معيّنة).

ومن المُمكن أن تُؤخِّر الضّغوط النّفسيّة والجسديّة الإباضة أيضًا، وبالتّالي تُؤخِّر الدّورة الحيضيّة. الضّغوط الشّديدة تسبّب انخفاضًا في كمّيّة الهرمون المُطلِق لمُوجِّهة الغدد التّناسليّة «GnRH»، المُفرَز من قِبَل الغدّة النخامية في الجسم، والّذي ينظّم عمل وإفراز هذه الغدد، وذلك وفقًا لجامعة بيركلي في كاليفورنيا.

الكمّيّة الصّحيحة من هرمون «GnRH» هي التي تضبط إفراز هرمونات مثل الهرمون المنبّه للجُريب «FSH»، والإستروجين. ومن الممكن أن تكون الضّغوط في الأسابيع الّتي تسبق الدّورة، مسؤولةً عن تأخُّر الدّورة لدى الأنثى. النساء اللواتي يشاركن في الأنشطة الرياضية التي تتطلب نشاطًا جسديًّا شديدًا، من الممكن أن يعانين من تأخُّرٍ في دورتهنّ، ومن الممكن أن لا يحدث لديهنّ دورة على الإطلاق.

الخبراء لديهم عدّة نظريّات تفسّر كيف أن النّشاط الجسديّ الشّديد، يعيق حدوث الدّورة الحيضية، ابتداءً من انخفاض نسبة الدّهون في الجسم (حيث يعمل هذا على التّقليل من الخصوبة في بدايات المُراهقة)، إلى سوء التغذية، وصولًا إلى الفقدان السّريع للوزن، ويُصرّح موقع «مايو كلينك-Mayo Clinic» أنّ الوزن المنخفض بشدّة، وهو الوزن الّذي يكون تحت المعدّل الطّبيعيّ بـ10%، يعيق العديد من الوظائف الهرمونيّة، ومن الممكن أن يُعيق الإباضة.

هذه النّظريّات نفسها من المُمكن أن تساعد على فهم كيف أنّ بعض الظّروف الصحيّة، مثل فقدان الشّهيّة، والسّمنة، ومتلازمة المبيض متعدّد الكيسات، من الممكن أن تؤدّي إلى تأخير الدّورة. يمكن لبعض العلاجات الطبية أن تُؤخِّر الدّورة الحيضيّة، بما في ذلك العلاج الكيميائيّ والشّعاعيّ. اكتُشف أيضًا أن بعض الأدوية تقوم بإعاقة الدورة الحيضية (مثل الباربيتورات «المهدّئات»، والستيرويدات القشريّة، ومانعات الحمل الفمويّة).

غالبًا ما يسأل المُختصّون عن موعد آخر دروة حيضية للمرأة؛ للمساعدة في تحديد ما إذا كان هنالك فرصة لأن تكون المرأة حاملًا، وغالبًا ما يكون لدينا التباس هنا حول ما يعنيه هذا الشّيء في الواقع، وحول ذلك تقول الدّكتورة راميريز: «معظم النّساء يعتقدن أنّ آخر دورة حيضية لهنّ تعني اليوم الأخير من فترة الحيض الأخيرة، إلّا أنّه في الحقيقة هو اليوم الأوّل من فترة الحيض الأخيرة».

سنّ الإياس

إذا انقطعت الدّورة لدى النّساء بين سنّي 45 و51 سنة، فذلك من الممكن أن يكون دليلًا على الوصول إلى سنّ الإياس، يبدأ سنّ الإياس عندما يفقد الجسم كلّ البيوض، وتتوقّف عمليّة الإباضة، وغالبًا ما يستمرّ حدوث الحيض لدى المرأة لسنواتٍ حتّى بعد توقُّف الإباضة، لكن تكون دورتهنّ الحيضيّة غير منتظمة.


إعداد: أنس حاج حسن
تدقيق: سارة عمّار
المصدر