يعد بعض الناس الجزر غذاءً أساسيًا للصحة، وقد أخبر أجيال من الأهالي أطفالهم أن تناول الجزر يساعد على الرؤية في الظلام، فهل هذا صحيح؟ وما الفوائد الأخرى التي قد يمتلكها الجزر ؟

على الأرجح، بدأ الناس بزراعة الجزر أول مرة، منذ آلاف السنين، في المنطقة التي تُعرف الآن بأفغانستان. الجَذْر الأصلي الصغير المتشعب البنفسجي أو الأصفر، كان يملك طعمًا مرًا وخشبيًا ومختلفًا تمامًا عن الجزر الذي نعرفه اليوم.

أنبت المزارعون جزرًا بنفسجيًا وأحمر وأصفر وأبيض، وذلك قبل زمن طويل من ظهور الأنواع حلوة المذاق والمقرمشة والعطرية من الجزر التي توجد الآن، وقد يكون المزارعون الهولنديون من طوروا هذا النوع في القرن السادس عشر.

في هذه المقالة، سنتعلم أكثر عن العناصر الغذائية في الجزر وفوائده الصحية، وننظر أيضًا إلى النصائح التي تضيف الجزر إلى الحمية الغذائية، وأي احتياطات يجب أخذها، وطبعًا، السؤال الأزلي: هل يساعد الجزر حقًا على الرؤية في الظلام؟

الفوائد:

الجزر غني بالفيتامينات والمعادن والألياف، وهو أيضًا مصدر جيد لمضادات الأكسدة.

مضادات الأكسدة عناصر غذائية موجودة في الأطعمة النباتية، تساعد الجسم على إزالة الشوارد (الجذور) الحرة والجزيئات غير المستقلة، التي تسبب أذى للخلية إذا تراكمت بكميات كبيرة في الجسم.

تَنتج الشوارد الحرة من العمليات الطبيعية والضغوط البيئية، يستطيع الجسم القضاء على الكثير منها طبيعيًا، لكن مضادات الأكسدة المتعلقة بالحمية تستطيع المساعدة خاصة عندما يكون الحِمل المؤكسد عاليًا.

يوجد في الأسفل بعض الطرق عن كيفية دعم الجزر للصحة.

الرؤية:

هل يستطيع الجزر مساعدتك على الرؤية في الظلام؟ بطريقة ما، نعم.

يحتوي الجزر على فيتامين أ، الذي يؤدي نقصه إلى جفاف الملتحمة (مرض عيني متقدم). جفاف الملتحمة قد يسبب العمى الليلي أو صعوبة الرؤية عندما تكون مستويات الضوء منخفضة.

وفقًا لمكتب المكملات الغذائية، فإن نقص فيتامين أحد الأسباب الرئيسية -التي يمكن الوقاية منها- للعمى عند الأطفال.

إذن، بطريقة معينة، قد يساعدك الجزر على الرؤية في الظلام.

لكن من غير الشائع أن تتحسن الرؤية عند معظم الناس من طريق تناول الجزر إلا إذا كان لديهم نقص في فيتامين أ.

يحتوي الجزر أيضًا على مضادات الأكسدة اللوتين والزياكسانثين، التي قد يساعد اجتماعها على منع الضمور البقعي المرتبط بالعمر، وهو نمط من خسارة الرؤية.

السرطان:

العديد من الشوارد الحرة في الجسم قد تزيد خطر حدوث أنماط متنوعة من السرطان، وفقًا للمعهد الوطني للسرطان.

قد تقلل التأثيرات المضادة للأكسدة للكاروتينات المتعلقة بالحمية، مثل الأصبغة العضوية الصفراء والبرتقالية والحمراء الموجودة في الجزر والخضروات الأخرى من خطر حدوث السرطانات. اللوتين والزياكسانثين مثالان على هذه الكاروتينات.

قطعة متوسطة الحجم من الجزر الخام تزن ٦١ جرام تحتوي على ٥٠٩ ميكروجرام RAE)) من فيتامين أ.

هي أيضاً تؤمّن ٥٠٥٠ ميكروجرام من بيتا كاروتين و٢١٢٠ ميكروجرام من ألفا كاروتين (YB2)، وهما طليعتان للفيتامين أ مضادتان للأكسدة، يحولهما الجسم إلى المزيد من فيتامين أ حسب الحاجة.

وفقًا للقواعد الإرشادية المتعلقة بالحمية للأمريكيين ٢٠١٥-٢٠٢٠، فإن النساء البالغات يحتجن -على الأقل- إلى استهلاك ٧٠٠ ميكروجرام (RAE) من فيتامين أ كل يوم، في حين أن الرجال البالغين يحتاجون -على الأقل- إلى استهلاك ٩٠٠ ميكروجرام (RAE) فيتامين أ.

سرطان البروستاتا (الموثة): اقترحت مراجعة للدراسات عام ٢٠١٥، وجود رابط بين الحمية الغذائية الغنية بالكاروتينات وتقليل خطر حدوث سرطان البروستاتا، لكن يتطلب تأكيد هذا الرابط وتحديد سببه المزيد من البحث.

سرطان الدم: في عام ٢٠١١، وجد الباحثون دليلًا على أن العناصر الغذائية الموجودة في مستخلص عصير الجزر تستطيع أن تقتل خلايا الدم السرطانية وتبطئ أو توقف تقدمها.

سرطان الرئة: في عام ٢٠١١، استنتج الباحثون أيضًا أن شرب عصير الجزر قد يساعد على منع نوع الضرر الذي يؤدي إلى حدوث سرطان الرئة عند المدخنين.
سابقًا، أشارت عدة تحاليل في عام ٢٠٠٨ إلى أن المشاركين الذين لديهم استهلاك عالٍ من الكاروتينات المتنوعة يواجهون خطرًا أقل -بنسبة ٢١%- لحدوث سرطان الرئة بعد التكيف مع التدخين مقارنةً بالمشاركين الذين ليس لديهم هذا الاستهلاك.

صحة الجهاز الهضمي:

قد تقلل زيادة استهلاك الأطعمة الغنية بالكاروتينات خطر حدوث سرطان الكولون، وذلك وفقًا لبحث نشر في عام ٢٠١٤، وضم بيانات ٨٩٣ شخص.

تقترح نتائج دراسة نُشرت في عام ٢٠١٥، أن الذين يستهلكون غذاء يحتوي على كمية عالية من الألياف لديهم خطر أقل لحدوث سرطان المستقيم مقارنةً بالناس الذين يستهلكون أليافًا أقل.

تحتوي الجزرة المتوسطة ١.٧ جرام من الألياف أو بين ٥% و٧.٦% من الحاجة اليومية للشخص، وذلك بالاعتماد على عمر الشخص وجنسه، بينما يؤمن كوب واحد من الجزر المقطع ٣.٥٨ جرام من الألياف.

السيطرة على داء السكري:

للجزر طعم حلو ويحتوي على سكاكر طبيعية، ماذا يعني هذا للناس المصابة بداء السكري.

تشكل الكربوهيدرات نحو ١٠% من الجزرة، وقرابة نصف هذه الكمية هي سكر، ونحو ٣٠% من محتوى هذه الكربوهيدرات هي ألياف. إن قطعة جزر متوسطة تؤمن ٢٥ سعرة حرارية.

عمومًا، هذا يجعل الجزر طعامًا عالي الألياف قليل السعرات الحرارية، وهو نسبيًا قليل السكر. لهذا يسجل الجزر رقمًا منخفضًا على مؤشر نسبة السكر في الدم. قد يساعد هذا المؤشر الناس المصابين بالداء السكري على فهم أي من الأطعمة قد ترفع مستوى السكر في دمهم.

لدى الجزر المسلوق نحو ٣٩ نقطة على مؤشر نسبة السكر في الدم، ما يعني أنه من المستبعد أن يثير تصاعدًا في مستوى سكر الدم، لذا يعد آمنًا للأكل عند الأشخاص المصابين بالداء السكري.

في حين استنتج مؤلفو مراجعة -في عام ٢٠١٨- أن الحمية الغذائية عالية الألياف قد تساعد على منع تطور الداء السكري من النمط الثاني. قد يساعد الغذاء عالي المحتوى من الألياف الأشخاص المصابين بالداء السكري من النمط الثاني على التحكم بمستويات السكر في دمهم.

ضغط الدم وصحة الجهاز القلبي الوعائي:

قد تساعد الألياف والبوتاسيوم في الجزر على التحكم بضغط الدم.

تشجع جمعية القلب الأمريكية الناس على إضافة كمية أقل من الملح أو الصوديوم إلى وجباتهم، في حين تشجعهم على أكل المزيد من الطعام الحاوي على البوتاسيوم كالجزر. يساعد البوتاسيوم على استرخاء الأوعية الدموية ويقلل خطر ارتفاع ضغط الدم والمشكلات القلبية الوعائية الأخرى.

تؤمّن قطعة جزر متوسطة نحو ٤% من حاجة الشخص اليومية إلى البوتاسيوم.

استنتجت دراسة في عام ٢٠١٧ أن الناس الذين لديهم استهلاك عالٍ من الألياف لديهم احتمالية أقل لتطور مرض قلبي وعائي مقارنةً مع الناس الذين لديهم استهلاك أقل من الألياف. قد يساعد تناول العديد من الألياف أيضًا على تقليل مستويات البروتين الشحمي منخفض الكثافة أو الكولسترول الضار في الجسم.

الوظيفة المناعية والشفاء:

يؤمن الجزر مضاد أكسدة آخر وهو الفيتامين ج.

يساهم الفيتامين ج في إنتاج الكولاجين، الذي يعد مكونًا أساسيًا في النسيج الضام، وأساسيًا لشفاء الجروح وبقاء الجسم صحيًا.

يوجد هذا الفيتامين أيضًا في الخلايا المناعية التي تساعد الجسم على محاربة الأمراض.

قد يمنع الجهاز المناعي الصحي سلسلة من الأمراض تتضمن السرطان، وذلك وفقًا لدراسة أجريت في عام ٢٠١٧.

في حال كان الشخص مريضًا فإنه يجب على الجهاز المناعي أن يعمل بفعالية أكبر، وهذا قد يؤدي إلى مساومة على مستويات فيتامين ج في الجسم.

يعتقد بعض الخبراء أن تناول كمية إضافية من فيتامين ج قد يعزز وظيفة الجهاز المناعي عندما تكون تحت الضغط. يمكن لاستهلاك فيتامين ج مثلًا، أن يخفف بصورة طفيفة من شدة نزلة البرد ومدتها.

صحة العظم:

يحتوي الجزر على فيتامين ك وكميات قليلة من الكالسيوم والفوسفور. تساعد هذه العناصر في صحة العظم، وقد تمنع حدوث هشاشة العظام. قد يساعد الغذاء المتوازن على بقاء العظام صحية.

التغذية:

يُظهر الجدول في الأسفل كمية كل عنصر غذائي في قطعة جزر متوسطة الحجم تزن نحو ٦١ جرام، ويُظهر أيضًا الكمية اليومية الواجب استهلاكها من قبل الشخص البالغ لكل عنصر غذائي، وذلك وفقًا للمبادئ التوجيهية الغذائية للأمريكيين ٢٠١٥-٢٠٢٠. لكن تتغير الحاجة وفقًا للجنس والعمر.

يحتوي الجزر أيضًا على مجموعة متنوعة من الفيتامينات ب، وعلى كميات ضئيلة من الحديد والمعادن الأخرى.

مضادات الأكسدة ولون الجزر:

تعطي مضادات الأكسدة ألفا وبيتا كاروتين الجزر لونه البرتقالي اللامع، يمتص الجسم بيتا كاروتين عبر الأمعاء الدقيقة ويحولها إلى فيتامين أ في عملية الهضم، ولهذا تُصنف الكاروتينات على أنها طلائع فيتامينات.

تعرض أسواق المزارعين وبعض المتاجر الخاصة الأخرى الجزر في عدة ألوان، تتضمن البنفسجي والأصفر والأحمر، هذه الأصناف تحوي مركبات مختلفة بخصائصها المضادة للأكسدة فمثلًا: الجزر البنفسجي يحوي الأنثوسيانين، والجزر الأصفر يحوي الليوتين، أما الجزر الأحمر فهو غني بالليوبين.

الجزر في الحمية الغذائية:

هناك موسمين للجزر -الربيعي والخريفي- لكن يتوفر كلاهما عادةً في الأسواق طوال السنة. يستطيع الناس شراؤه طازجًا أو مجمدًا أو معلبًا أو مخللًا أو عصيرًا.

من الأفضل أن يُخزَّن الجزر في الثلاجة في كيس بلاستيكي مختوم ولكن يجب إزالة الجزء الأخضر من قمة الجزر قبل تخزينه وذلك لمنعه من سحب الرطوبة والمغذيات من الجذور.

نصائح لتحضير الجزر:

الجزر خضار متعدد الاستعمالات. يُأكل نيئًا أو مطبوخًا على البخار أو مسلوقًا أو محمصًا أو في الحساء والطبخ.

أولًا، يجب تقشيره وغسله، ثم:

  •  استخدام الجزر المبشور في سلطة الكرنب أو في اللف.
  •  إضافة الجزر المبشور إلى الأكلات المخبوزة كالكعك.
  •  تناول الجزر وجبة خفيفة ربما مع سوس كالحمص.
  •  إضافة الجزر إلى العصائر والمشاريب لتحصل على طعم حلو طبيعي ونكهة خفيفة.

قد تقلل الخضروات المسلوقة أو تزيل قليلًا من نسبة الفيتامينات، فالجزر النيء أو المطبوخ على البخار يؤمن قيمة غذائية أعلى.

إضافة إلى ذلك، قد تُمتص الكاروتينات والفيتامين أ بصورة أفضل بوجود الدهون. لهذا السبب، يجب على الناس تناول الجزر مع مصدر صحي من الدهون كالأفوكادو أو المكسرات أو البذور.

المخاطر:

الاستهلاك الزائد للفيتامين أ قد يكون سامًا أيضًا، وقد يضيف لونًا برتقاليًا خفيفًا إلى البشرة وهذا غير ضار بالصحة.

من المستبعد حدوث جرعة زائدة من الفيتامين أ من طريق الغذاء لوحده ولكن قد تنتج من استخدام المكملات.

تستخلص أيضًا بعض الأدوية من الفيتامين أ مثل ايزوتريتينوين الذي يستخدم لعلاج حب الشباب وأيضًا الأسيتريتين وهو علاج للصدفية. يجب على الناس الذين يتناولون هذه الأدوية أن يتناولوا الجزر باعتدال لتجنب حدوث جرعة زائدة من الفيتامين أ.

أي شخص سيبدأ بتناول دواء جديد يجب أن يتأكد من طبيبه حول أي نصائح بتغييرات غذائية.

بعض الأشخاص حساسون للمكونات في الجزر. يجب على أي شخص يصاب بالشرى أو التورم أو صعوبة التنفس بعد تناول الجزر أن يتلقى رعاية طبية عاجلة.

في حال أصبحت الأعراض شديدة، قد يدخل الشخص في حالة حساسية مفرطة وهي تفاعل محتمل أن يكون مهددًا للحياة ويستطيع التطور بسرعة.

في حال علم الشخص أن لديه حساسية ضد الجزر، يجب عليه أن يتأكد بدقة من مكونات العصائر وحساء الخضار وسلسلة من المنتجات الأخرى.

اقرأ أيضًا:

حمية باليو أو حمية رجل الكهف: ما هي مكوناتها وفوائدها ومضارها

فطر عيش الغراب: ما هو؟ وما هي فوائده؟

ترجمة: عمار يوسف

تدقيق: حسين جرود

مراجعة: نغم رابي

المصدر