عُثر على فريق كرة قدمٍ للشباب مؤلفٍ من اثني عشر لاعبًا مع مدربهم كانوا قد اختفوا لتسعة أيام.

تُظهر الصورة الصادرة عن الجيش الملكي التايلاندي أعلاه اللحظات الأولى لعثور الغواصين عليهم في كهوف تام لوانغ الموجودة في تايلاند.

يبدو أن لهذه القصة نهاية سعيدة، عُثر على فريق الشباب لكرة القدم مع مدربهم بعد أن اختفوا في كهوف تام لوانغ لأكثر من أسبوع، في الوقت الذي ذهب فيه الفريق لاستكشاف الكهف، هطلت أمطارٌ غزيرةٌ وغمرت المناطق تحت الأرضية، لكن في يوم الإثنين (2 حزيران)، قامت فرق الإنقاذ بتحديد موقع الفريق حيث كانوا متجمعين في منطقةٍ غير مغمورة بالمياه داخل الكهف وذلك حسب BBC.

وكان كل ما على فريق الإنقاذ فعله هو إخراج الجميع، لكن بسبب الفيضان الحاصل -كما صرحت BBC- فمن الممكن أن تستمر هذه العملية عدة أشهر، لكن المجموعة كانت محاصرة داخل الكهف منذ عشرة أيام.

فما هي المدة التي يستطيع فيها البشر البقاء على قيد الحياة وهم محاصرون داخل كهف؟

يعتمد هذا على موقع ونوع الكهف، لكن عمومًا، لا يشكل انتهاء كمية الأكسجين مشكلة، هذا ما قاله عالم الكيمياء الحيوية في جامعة كالياري في إيطاليا أندريا رينالدي، والذي يقوم بإجراء أبحاث عن كيفية تأقلم الناس، ودرجة أدائهم الجسدي في بيئات الكهوف.

«تكون كمية الأكسجين عادةً غزيرة في الكهوف ولو لمئات الأمتار تحت الأرض» هذا ما أخبره رينالدي لـ Live Science عبر بريدٍ إلكتروني.

ينتشر الأكسجين عبر الشقوق في الصخور، وعبر أحجار الكلس المسامية، ولا بد من التنويه إلى أنه في حالاتٍ نادرة يمكن لغاز ثاني أكسيد الكربون أن يتجمع في بعض التجاويف الصخرية جاعلًا الهواء غير قابلٍ للتنفس، هذا ما قاله رينالدي المتخصص في المغاور.

وقال أيضًا إن هذه التجاويف مختلفة إلى حد بعيد عن التجويف الذي وجد فيه الفريق، فلا بد أن يكون هذا التجويف كبيرًا وذلك لتوافر كمية الأوكسجين الكافية للمجموعة المحاصرة ولفترةٍ طويلة أيضًا، وأضاف: «من المؤكد أن نوعية الهواء الموجود في التجويف تلعب دورًا هامًا ومغيرًا للظروف، لذلك على المنقذين أن يراقبوا هذا الأمر ويأخذوه بعين الاعتبار من الآن فصاعدًا».

فعلى سبيل المثال، إذا كان الكهف جافًا بشكلٍ كبير، فمن الممكن أن يحتوي الهواء على كمية كبيرة من الغبار، وفي بعض الكهوف المدارية يمكن لغائط الخفافيش أن يطلق غاز الأمونيا وأبواغ الفطور التي تسبب مشاكل تنفسية في حال استنشاقها، ويضيف رينالدي: «وبعيدًا عن هذه الحالات الخاصة، يعتبر الهواء ضمن الكهف مثاليًا للتنفس».

لا يمكن الاستغناء عن الاحتياجات الأساسية

فيما يتعلق بالضروريات الأخرى، يحتاج البشر إلى الطعام والماء من أجل البقاء على قيد الحياة في أي مكان يتواجدون فيه، كان الفريق المحاصر يمتلك كمية قليلة جدًا من الطعام قبل وصول طاقم الإنقاذ.

يقول رينالدي: «على أي حال، يمكن لأي شخص سليم أن ينجو لعدة أسابيع أو حتى لعدة أشهر دون أي طعام، وهذا أمر جيد، لأنه لا يوجد طعام للبشر داخل الكهف، وعلى الرغم من أن العديد من الكهوف مليئة بالخفافيش -وأحيانًا بالطيور والأسماك- لكن يكون الإمساك بها صعبًا جدًا».

أما موضوع الماء فهو أكثر حساسية عادة إذ توجد في الكهوف رطوبة عالية؛ ما يقلل الحاجة إلى شرب الماء، لكن بكل تأكيد لا يزال البشر بحاجة إلى الشرب يوميًا.

في الكهف التايلاندي، ستكون المياه على الأرجح موحلة، لذلك، إذا لم يمتلك الناس العاديون جهازًا لتصفية الماء، فسيكون شرب قطرات المياه المتساقطة من سقوف وجدران الكهف أكثر نظافة وأمانًا، بحسب رينالدي.

(قامت فرق الإنقاذ بتوفير الطعام والمياه لفريق كرة القدم التايلاندي).

يمكن لدرجة الحرارة أن تكون مشكلة في الكهوف، لكن ليس في هذه الحادثة، وكما قال رينالدي: «انخفاض درجة حرارة الجسم تشكل عدوًا خطيرًا آخر، لكن في هذه الحالة بالذات، فإننا نتعامل مع كهفٍ مداريّ حيث تتجاوز الحرارة بداخله 20 درجة سيليسيوس (68 درجة فهرنهايت)».

التحديات النفسية

بالإضافة إلى التحديات الجسدية التي يواجهها الشخص المحاصر في كهف، توجد أيضًا تحديات نفسية، يضيف رينالدي: «أن تكون محاصرًا في الظلام لـ 10 أيام تحت الأرض، مع كمية شبه معدومة من الطعام هو تجربة مروعة لأي أحد، حتى لشخص متمرس وخبير في الكهوف».

الصور الأولى الملتقطة من قبل فريق الإنقاذ تُظهر الأطفال المحاصرين كمجموعة واحدة هادئة، وهذا أمر مطمئن، وقد أضاف رينالدي أيضًا: «حقيقة أنهم محاصرون معًا كفريق سيجلب لهم على الأغلب بعض الراحة»، وبحسب الـ BBC، رُكّبت خطوط هاتفية داخل الكهف حتى يتمكن الأطفال من التواصل مع عائلاتهم.

استطاعت فرق الإنقاذ، بمشاركة 90 غواصًا، إخراج الأطفال الاثني عشر ومدربهم بعد 17 يومًا، عن طريق تعليم الأطفال الغوص.


  • ترجمة: داني قنيزح.
  • تدقيق: تسنيم المنجّد.
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر