المعالجة المثلية هي نظام طبي يعتقد بأن الجسم يستطيع علاج نفسه بنفسه، إذ يستخدم ممارسو هذه المعالجة كميات ضئيلة جدًا من المواد الطبيعية كالنباتات والمعادن ويعتقدون أنها تنشط عملية العلاج والشفاء.

أصدرت لجنة العلوم والتكنولوجيا في مجلس العموم البريطاني عام 2010 تقريرًا مفاده أن المعالجة المثلية لا تؤدي إلى نتائج علاجية أفضل من نتائج العلاج بالدواء الوهمي. وأن المبادئ التي تقوم عليها المعالجة المثلية غير مقبولة علميًا، وكان هذا أيضًا رأي كبير الأطباء في المكتب الطبي، الأستاذ ديم سالي ديفيز.

إن المعالجة المثلية علاج بديل أو متمم (CAM) ما يعني أنها تختلف عن العلاجات التي تشكل جزءًا من الطب الغربي التقليدي في عدة نواحٍ مهمة، وتعتمد على سلسلة من الأفكار التي طورها الطبيب الألماني صامويل هانيمان في تسعينيات القرن الثامن عشر.

ومن المبادئ الأساسية لهذا العلاج أن «المثيل يعالج مثيله»، بتعبير آخر أن المادة التي تسبب أعراضًا معينة تستطيع -وبكميات قليلة جدًا- أن تعالج أمراضًا بأعراضٍ مشابهة، والمقصود منه تفعيل نظام الدفاع الطبيعي في الجسم.

فمثلًا، يُدمِع البصل الأحمر عينيك بشدة، فلذلك يستخدمه العلاج المثلي لمعالجة الحالات التحسسية. أما العلاجات الأخرى فمصنوعة من اللبلاب السام والزرنيخ الأبيض والنحل الكامل المسحوق وعشبة تسمى آرنيكا.

يعمل المعالجون المثليون على تخفيف تركيز هذه المواد بإضافة الماء أو الكحول، ثم يخلطون المزيج بوصفه جزءًا من عملية التحضير المسماة بالتقوية، إذ يعتقدون أن هذه الخطوة تنقل الخلاصة العلاجية.

ويعتقد المعالجون المثليون أنه كلما قلت الجرعة -بسبب هذه الطريقة في التمديد- كان الدواء أقوى، وزادت قدرتها على معالجة الأعراض، ولكن في الحقيقة كثير من هذه العلاجات لم تعد تحوي أي جزيء من المادة الأساسية.

ما الحالات التي تعالجها المعالجة المثلية؟

تضم القائمة مجموعة واسعة من الحالات المرضية متضمنةً الأمراض المزمنة مثل:

  •  الحالات التحسسية
  •  آلام الشقيقة
  •  الاكتئاب والقلق
  •  متلازمة الكولون المتهيج
  •  التهاب المفاصل الروماتيدي
  •  متلازمة ما قبل الحيض
  •  متلازمة التعب المزمن
  •  ارتفاع ضغط الدم

ما هي المعالجة المثلية - هل يستطيع الجسم علاج نفسه بنفسه؟ - علاج بديل أو متمم - هل الطب البديل صحيح؟ - المواد الطبيعية كالنباتات والمعادن

إضافة إلى حالات صحية بسيطة أيضًا، مثل الكدمات والخدوش وآلام الأسنان وآلام الرأس والسعال والزكام والغثيان.

ولكن.. هل تنجح بذلك؟

جرت تحقيقات واسعة عن فعالية المعالجة المثلية، وأظهرت بعض الدراسات أنها فعالة ومساعدة بينما أظهرت دراسات أخرى العكس، فقد أرجع النقاد أسباب نجاحها إلى التأثيرات الوهمية، إذ تتحسن الأعراض بسبب اعتقادك أن العلاج فعال وليس لأنه فعال حقًا، ما سيدفع الدماغ لتحرير مواد كيميائية تخفف الألم والأعراض الأخرى قليلًا.

يدعي بعض الممارسون أن العلاج المثلي يستطيع أن يقي من الملاريا وغيرها من الأمراض، ولكن لا يوجد أي دليل يدعم هذا، ولا يوجد أي طريقة مقبولة علميًا تثبت أن هذا العلاج بمقدوره منع مثل هذه الأمراض.

هل توفر هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية هذه المعالجة؟

في الحقيقة ليس لها انتشار واسع، إذ أوصت هذه الهيئة في إنجلترا عام 2017 الخدمات الصيدلانية العامة وغيرها بإيقاف تقديم هذه المعالجة؛ لأنهم لم يجدوا أي دلائل واضحة أو سليمة تدعم استخدام العلاج المثلي في الخدمات الصحية الوطنية.

وغالبًا ما تُمارَس المعالجة المثلية بصورة خاصة ويمكن شراء هذه العلاجات من متاجر الغذاء الصحي والصيدليات دون الحاجة إلى وصفة طبية. وتعتمد الجرعة والفعالية لهذه المواد على الشركة المنتجة.

ماذا عليّ أن أتوقع عند تجربته؟

غالبًا عند رؤيتك لمعالجين مثليين، سيسألونك بعض الأسئلة حول حالتك الصحية الجسدية والنفسية والعاطفية عمومًا، وبناءً على ذلك، سيقرر المعالج مسير العلاج الذي سيكون غالبًا علاجات مثلية على شكل حبوب أو كبسولات أو محاليل.

وقد يوصيك المعالج بحضور واحدة أو أكثر من الجلسات لكي يتمكن من تقييم التأثيرات العلاجية للدواء على صحتك.

يشير المعهد الوطني للصحة وجودة الرعاية NICE على هيئة الصحة الوطنية بالاستعمال المناسب والملائم للعلاجات، وحاليًا لا ينصح المعهد الوطني NICE باستخدام المعالجة المثلية في علاج أي حالة صحية.

ما هي المسائل التنظيمية بهذا الخصوص؟

لا يوجد أي نظام قانوني لممارسة العلاج المثلي في المملكة المتحدة، ما يعني أن بوسع أي شخص ممارسة هذه المهنة، حتى وإن لم تكن لديه أي خبرات أو مؤهلات.

ويسعى التنظيم الطوعي لحماية سلامة المرضى، ولكن هذا لا يعني وجود دليل علمي على أن هذه المعالجة فعالة.

يوجد العديد من المؤسسات المهنية التي تساعد في البحث عن معالج مثلي يستطيع تقديم العلاج بطريقة تقبلها.

لدى مجتمع المعالجين المثليين واتحاد المعالجين الشموليين سِجلّ لممارسي المعالجة المثلية، تستطيع البحث فيه لإيجاد أحد المعالجين بمنطقة قريبة منك، وهذه السجلات تعتمدها هيئة المعايير المهنية.

هل هي آمنة؟

تشرف منظمة الغذاء والدواء FDA على العلاجات المثلية ولكنها لا تختبر أمانها أو فعاليتها. لكن المعالجات المثلية آمنة عمومًا، واحتمال حدوث المخاطر الناجمة عن الآثار الجانبية السلبية جراء تناول هذا العلاج قد يكون ضئيلًا جدًا بسبب تخفيفها بالماء.

لكن بعضها قد يحتوي على مواد غير آمنة -مثل بعض المعادن الثقيلة- التي قد تكون خطيرة أو تتداخل مع عمل أدوية أخرى، لذلك عليك التحدث مع طبيبك العام قبل التوقف عن تناول أي علاج يصفه لك الطبيب لأجل تناول العلاج المثلي.

حذرت منظمة الغذاء والدواء من استخدام الأدوية المثلية لمعالجة أعراض التسنين -نمو الأسنان عند الأطفال- كالحبوب أو الجِل بسبب مخاطرها الصحية الممكنة على الأطفال والرضع.

لا تستخدم هذه العلاجات لمعالجة الأمراض المزمنة مدى الحياة مثل الربو والسرطان وأمراض القلب والحالات الطارئة والإسعافية، وعليك تجنب استخدامها بدلًا من اللقاحات.

يوجد بعض المنتجات العلاجية المثلية المسماة (نوزودز)، ويُسوَّق لها بأنها بديل للقاحات، ولكن لا يوجد أي بحث يثبت فعاليتها بذلك.

ماذا نستنتج من هذه الأدلة؟

أُجريت عدة مراجعات على الدلائل العلمية حول فعالية المعالجة المثلية، وعلى ذلك قالت لجنة العلوم والتكنولوجيا في مجلس العموم أنه لا يوجد دليل يثبت أن المعالجة المثلية فعالة علاجًا لأي حالة صحية.

لا يوجد أي دليل يدعم فكرة أن المواد المسببة لأمراض محددة بإمكانها المساعدة في معالجتها أيضًا. ولا يوجد أي دليل يدعم فكرة أن عملية تخفيف المواد بالماء أو الكحول ومزجها تستطيع أن تحول هذه المواد إلى أدوية.

الأفكار التي تدعم المعالجة المثلية غير مقبولة في العلوم التقليدية السائدة، ولا تتلاءم مع المبادئ المقبولة منذ وقت طويل حول طريقة عمل العالم المادية أو الملموسة. إذ أشار تقرير اللجنة عام 2010 بما يخص المعالجة المثلية أن مبدأ «المثيل يعالج مثيله» ضعيف نظريًا، وهذه هي الرؤية الثابتة والراسخة للعلوم الطبية.

بعض العلاجات المثلية مميّهة لدرجة أنه من غير المحتمل أن يتبقى أي جزيء من المادة الأساسية. وفي هذه الحالة لا تتكون العلاجات المثلية إلا من الماء! ويقول تقرير عام 2010: «تُعد النظرية القائلة أن التخفيف الفائق يمكنه أن يترك أثرًا لمواد مذابة فيه سابقًا غير مقبولة عمليًا».

إن التحسن الذي يلاحظه بعض الأشخاص ممن يستخدمون العلاج المثلي يحدث نتيجة لظاهرة تعرف بالتأثير الوهمي. فإذا اخترت المعالجة الصحية التي تقدم تأثيرًا وهميًا فقط، قد تفوت على نفسك تجريب العلاج الذي أُثبتت فعاليته حقًا.

اقرأ أيضًا:

قانون جديد يكشف اذا ما كانت منتجات المعالجة ب المثل ( homeopathy ) مدعمة بادلة علمية ام لا !

الخطر الحقيقي للعلاجات الطبيعية مثل مستحضرات الشاي الأخضر

ترجمة: منى قرقوط

تدقيق: محمد حسان عجك

المصادر: webmd nhs