تشير الهندسة الوراثية إلى التلاعب المباشر في الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين DNA في جينوم الكائن الحي لتغيير خصائص الكائن الحي (النمط الظاهري) بطريقة معينة.

ما هي الهندسة الوراثية ؟

الهندسة الوراثية -والتي تُسمى أحيانًا التعديل الوراثي- هي عملية تغيير الـ DNA في جينوم الكائن الحي. وهذا يعني تغيير زوج من الأسس (A-T أو G-C) وحذف منطقة كاملة من الـ DNA، أو إنتاج نسخة إضافية من الجين، وقد تعني أيضًا استخراج الـ DNA من جينوم كائن حي ودمجه مع DNA شخص آخر.

يستخدم العلماء الهندسة الوراثية لتعزيز أو تعديل خصائص الكائن الحي. يمكن تطبيق الهندسة الوراثية على أي كائن حي، بدءًا من الفيروس إلى الأغنام. على سبيل المثال، يمكن استخدام الهندسة الوراثية لإنتاج نباتات تحوي قيمًا غذائية عالية أو يمكنها تحمل التعرض لمبيدات الأعشاب.

كيف تعمل الهندسة الوراثية ؟

للمساعدة في شرح عملية الهندسة الوراثية، علينا أخذ الإنسولين كمثال؛ وهو بروتين يساعد على تنظيم مستويات السكر في الدم. يُنتج الإنسولين عادة في البنكرياس، ولكن لدى الأشخاص المصابين بالسكري من النوع الأول مشكلة في إنتاجه، لذلك يضطرون إلى حقن الإنسولين لضبط مستويات سكر الدم لديهم.

وقد استُخدمت الهندسة الوراثية لإنتاج نوع من الإنسولين يشبه إلى حد كبير الإنسولين الذي لدينا، وذلك من فطر الخميرة والبكتيريا مثل (E. coli – الإشريكية القولونية). رُخّص هذا الإنسولين المعدل وراثيًا Humulin)) للاستخدام البشري في عام 1982.

عملية الهندسة الوراثية

تُستخرج قطعة صغيرة من الـ DNA الدائري تُسمى (البلازميد – plasmid) من خلايا البكتيريا أو الخميرة. ثم يُقطع جزء صغير من البلازميد الدائري بواسطة إنزيمات قاطعة (مقص جزيئي).

يُدخل جين الإنسولين البشري في الفجوة الموجودة في البلازميد، من ثم يُعتبر هذا البلازميد معدلًا وراثيًا. ويُدخل البلازميد المعدل وراثيًا إلى بكتيريا جديدة أو خلية خميرة جديدة، إذ تنقسم هذه الخلية بسرعة وتبدأ في صنع الإنسولين.

ولإنتاج كميات كبيرة من هذه الخلايا، تُزرع البكتيريا أو الخميرة المعدلة وراثيًا في أوعية تخمير كبيرة تحتوي على كل المغذيات التي تحتاجها، وكلما انقسمت الخلايا أكثر، أنتجت المزيد من الإنسولين.

وعند اكتمال التخمر، يُصفّى الخليط لتحرير الإنسولين ثم يُنقّى ويُعبَّأ في زجاجات وأقلام الإنسولين لتوزيعها على مرضى السكري.

رسم يوضح كيفية استخدام التعديل الوراثي لإنتاج الإنسولين في البكتيريا.

رسم يوضح كيفية استخدام التعديل الوراثي لإنتاج الإنسولين في البكتيريا.

ما هي استخدامات الهندسة الوراثية الأخرى؟

  • أول كائن معدل وراثيًا أُنشئ كان بكتيريا في عام 1973.
  • في عام 1974، طُبّقت نفس التقنيات على الفئران.
  • في عام 1994، توفرت أول الأطعمة المعدلة وراثيًا.

للهندسة الوراثية عدد من التطبيقات المفيدة، بما في ذلك البحث العلمي والزراعة والتكنولوجيا.

وقد طُبّقت الهندسة الوراثية على النباتات أيضًا لتحسين القدرة على التحمل والقيمة الغذائية ومعدل نمو المحاصيل مثل البطاطا والطماطم والأرز.
أما لدى الحيوانات، فقد استُخدمت لتطوير أغنام تنتج بروتينًا علاجيًا في حليبها يمكن استخدامه لعلاج التليف الكيسي، بالإضافة إلى ديدان تتوهج في الظلام للسماح للعلماء بتعلم المزيد عن الأمراض مثل مرض ألزهايمر.

مرض ألزهايمر والدودة

لدى الدودة الخيطية C. elegans حوالي 300 خلية فقط في نظامها العصبي بأكمله؛ ما يجعلها نموذجًا بسيطًا للغاية لدراسة مرض ألزهايمر.
بالإضافة إلى أنّ هذه الدودة شفافة تقريبًا، فعندما توسَم خلاياها العصبية مع البروتين الفلوري الأخضر GFP، من الممكن أن نشاهد موقع ونشاط مختلف التراكيب والبروتينات تحت المجهر.

يمكن تعديل المادة الوراثية لـ C. elegans بسهولة لجعلها تنتج بروتينات معينة يرغب الباحثون في دراستها. عند البشر، يرمز الجين APP لبروتين يرتبط مع لويحات نشوانية مميزة للأشخاص الذين يعانون من مرض ألزهايمر.

لذلك، لدراسة الزهايمر، عدّل الباحثون وراثيًا الخلايا العصبية لدى الدودة لتحتوي على جين الـ APP، أي أصبحت مصابة بألزهايمر فعليًا.
ومن خلال وسم بروتين الـ APP المنتج في الدودة بالبروتين الفلوري الأخضر، كان من الممكن أن نرى موت جميع الخلايا المرتبطة ببروتين الـ APP مع تقدم عمر الدودة.

تمكن الباحثون بعد ذلك من مراقبة تطور مرض ألزهايمر عند الدودة وتطبيق نتائجهم من أجل فهم دور بروتين الـ APP عند البشر المصابين بمرض ألزهايمر.

اقرأ أيضًا

العلماء يقتربون من إعادة كتابة الشيفرة الوراثية
تعديل انزيمات الحمض النووي ممهدًا الطريق لعلاج الأمراض الوراثية

المصدر

ترجمة وفاء أبو الجدايل – تدقيق حسام التهامي