القلب العملاق (Giant Heart): حالة غير عادية تعني بأن القلب يشغل ما نسبته 80% من القفص الصدري للرجل.

قد يكون انزعاج الرجل -البالغ من العمر 57 عامًا- من انتفاخ وتورم أطرافه هو ما دفعه للذهاب إلى غرفة الطوارئ، ولكن أمرًا لم يكن بالحسبان لذلك الرجل هو أن تلك الأعراض ما هي إلا نتيجة حالة غير عادية يعاني فيها من تضخم هائلٍ في إحدى حجرات القلب.

فقد كشفت الفحوصات التصويرية بأن هذا الرجل يعاني من ما وصفه الأطباء “بالأذين الأيمن العملاق giant right atrium”، والأذين الأيمن هو أحد حجرات القلب إذ يتكون القلب من أربعة حجرات أذنين وبطينين، ونتيجة لذلك فإن النسبة القلبية-الصدرية «cardiothoracic ratio» لذلك الرجل تساوي ما مقداره 0.82.

تعرف النسبة القلبية-الصدرية بأنها النسبة بين عرض القلب إلى عرض الصدر، إذ تُقدَر النسبة الطبيعية بأقل من 0.5 مما يعني بأنَ القلب يشغَل ما نسبته 50% من عرض الصدر، أما في الحالة السابقة فقد كان القلب يشغَل ما نسبته 82% من عرض التجويف الصدري له وهي نسبة لا يستهان بها. ومما يجب التنويه إليه بأنَ حالة تضخّم الأذين الأيمن للقلب هي حالة نادرة جدًا.

الأذين الأيمن:

يعتبر الأذين الأيمن للقلب مسؤولًا عن استقبال الدم العائد من رحلته حول الجسم باستثناء الرئتين، وعند امتلائه بشكل كامل يُضَخُ الدم منه نزولًا إلى البطين الأيمن ليضخ ثانيةً عبر الشرايين الرئوية في رحلة باتجاه الرئتين، للتزود بالأكسجين. تعرف هذه الرحلة بالدورة الدمويةالصغرى «Pulmonary circulation».

وبالعودة إلى حالة الرجل السابقة، فإنَ الأطباء يتوقعون بأنه وُلِد بهذه الحالة، ورغم ذلك فإن هناك العديد من مشاكل القلب التي تسبب تضخمًا في الأذين الأيمن، فمثلًا عند تدفق كمية كبيرة من الدم إلى الأذين الأيمن جراء ظروف معينة؛ يؤدي ذلك إلى تضخّم الأخير كنتيجة لحاجته إلى توفير مساحة أكبر لاستيعاب الدم الفائض، إضافة إلى مساهمة الضغط المرتفع في الجزء الأيمن من القلب في تضخّم الأذين الأيمن.

وبتعدد الأسباب فإن وجود مشكلات في صمامات القلب كتضيّق أوتسرّب في الصمام الرئوي أوالصمام ثلاثي الشرفات، أو وجود ثقب بين حجرات القلب، أو تصريف غير طبيعي للأوعية الدموية في الأذين الايمن، هذه جميعها قد تؤدي إلى تدفّق كمية كبيرة من الدم إلى الأخير مسببًا زيادة في الضغط داخله أو في حجم الحجرة.

ولكن ما الذي ينتج عن تضخّم الأذين الأيمن؟

عند تضخّم الأذين الأيمن وازدياد الضغط داخله بشكل أكبر من ضغط الدم في الوريد الأجوف العلوي ونظيره السفلي؛ لا يعود الدم إلى القلب بشكل فعّال إضافة إلى بطء تدفقه في الأوعية، مما يسبب تجمعه في الأطراف لا سيما القدمين، مؤديًا لانتفاخهما كما حصل في الحالة السابقة.

مشكلة أخرى ناتجة عن بطء تدفّق الدم هي خطر تكون الخثرات، من المعروف بأن الدم يميل إلى التخثّر عند عدم حركته، إذ يمكن أن تتكون تلك الخثرات في القدمين أو الأذين الأيمن، وتكمن الخطورة عند انتقالها باتجاه الرئتين مسببة حالة طارئة ومهددة للحياة تعرف بالاحتشاء الرئوي «Pulmonary Infarction»، أما في حالة وجود ثقب بين الأذينين الأيمن والأيسر، فإن هذه الخثرة تنتقل إلى الدماغ مسببة حالة طبية خطرة تعرف بالسكتة الدماغية «stroke».

العلاج:

توجد العديد من الطرق المستخدمة في معالجة شخص مصاب بتضخّم في الأذين الأيمن، إذ قد يعتمد العلاج على الأعراض لدى المريض، أو قد يعتمد على المسبب الأولي، فمثلًا إذا كان التضخّم بسبب مشكلة في الصمام أو تدفّق زائد للدم للأذين الأيمن، يقوم الجراحون بإصلاح الصمام أو إعادة توجيه تدفّق الدم، أما إذا كان السبب راجعًا إلى مشكلة في ضربات القلب «Heart’s Rhythm»، فإنَ المشكلة قد تعالج عن طريق الجراحة لتصحيح ذلك، وفي حالات أخرى قد يلجأ الجراحون لإجراء الجراحة للتقليل من حجم الأذين.

أما في الحالة المذكورة هنا، فقد قام الاطباء بمعالجة الرجل بمعزل عن أي عملية جراحية، إضافة إلى وصف أدوية مضادات التخثر «Anticoagulants» لمنع تخثّر الدم، وختامًا يمكن القول بأنه ولحسن حظ هذا الرجل فإنّ حالته لم تسوء خلال السنوات الماضية.

Screenshot (29)

هذه الصورة هي لصدر المريض، إذ يوجد القلب فيها ككتلة ذات لون رمادي فاتح في منتصف الصدر، أما الرئتين فتظهران باللون الرمادي الغامق حوله، ويشير الحرفان RA إلى الأذين الأيمن (Right Atrium).


  • إعداد: سيرين خضر
  • تدقيق: دانه أبو فرحة
  • المصدر