قبل البدء بممارسة أي عمل، علينا تعلم الأساسيات، ففي بداية تعلم الكيمياء علينا دراسة الجدول الدوري للعناصر، ويجب تعلم السلم الموسيقي إذا أردت العزف على البيانو، أما إذا أردنا دراسة الفنون والتصميم فسنحتاج حتمًا إلى فهم «عجلة الألوان».

عجلة الألوان أداة تُستعمل في نظرية الألوان للمساعدة على فهم العلاقات بين الألوان المفردة، كي نجيد استعمالها.

تقول مارسي كوبرمان مؤلفة كتاب «اللون: كيف نستعمله؟»: «أحيانًا تدخل إلى غرفة ما وتقول لنفسك: أنا أكره هذه الغرفة، لكني لا أعرف السبب».

عندما نفهم العلاقات بين الألوان، يمكننا تحسين مظهر منازلنا أو ملابسنا، وتصميم شعارات جذابة، أما الجهل بعجلة الألوان فقد يؤدي بنا إلى صنع أشياء قبيحة.

إسحاق نيوتن

من المؤكد أن جميعنا رأى عجلة الألوان: إنها مجرد دائرة تبدو كأن أحدهم ألصق عليها طرفي قوس قزح الأحمر والبنفسجي، وهو ما فعله إسحاق نيوتن بالفعل عندما صمم أول عجلة ألوان عام 1666. أراد نيوتن أن يكتشف المنشأ الحقيقي للألوان، إذ عرف أن مرور الضوء الأبيض عبر موشور سينتج ألوان قوس قزح التي نعرفها على الجانب الآخر، وهي: أحمر، وبرتقالي، وأصفر، وأخضر، وأزرق، ونيلي، وبنفسجي، ألوان الطيف اختصارًا.

لكن نيوتن لم يفهم سبب حدوث ذلك، لذا فقد جعل شعاعًا ضوئيًّا صغيرًا يمر من شق في ستار غرفة مظلمة عبر موشور، ثم مرر الألوان الناتجة عبر موشور كل على حدة، ما قاده إلى استنتاج أن ضوء الشمس الأبيض ليس أبيض على الإطلاق، بل مزيج من كل الألوان المفردة.

لاحظ أن الأحمر والبنفسجي متشابهان، فكلاهما يتضمن الأحمر، لذا فقد ثنى حزمة الألوان لتشكل دائرة، وأصبحت الكثير من العلاقات الرياضية بين الألوان واضحة حينئذ.

الألوان المتكاملة

حاول الكثيرون وصف طبيعة الضوء بعد نيوتن، لكن عجلة الألوان ذات الاثني عشر لونًا المستخدمة في نظرية الألوان الحديثة هي العجلة ذاتها التي ابتكرها نيوتن.

تتضمن العجلة:

  •  الألوان الأساسية: الأحمر والأصفر والأزرق.
  •  الألوان الثانوية: الأخضر والبرتقالي والبنفسجي، كل منها ناتج عن مزج لونين أساسيين.
  •  الألوان الثلاثية، التي تنتج عن مزج لونين أساسيين مع لون ثانوي، مثل: أحمر برتقالي وأزرق مخضر وأصفر مخضر، إلخ.

تقول كوبرمان: «تملك الألوان المتقابلة على عجلة الألوان -الألوان المتممة- علاقة قوية خصوصًا: الأحمر والأخضر، الأزرق والبرتقالي، الأصفر والبنفسجي، كلها مختلفة عن بعضها أكثر ما يمكن».

تبدو الألوان المتقابلة واضحة أكثر ما يمكن عندما تكون متجاورة. فإذا وُضع الأزرق بجوار الأصفر مثلًا، سيبدو الأصفر برتقاليًّا أكثر ما يمكن لأنه بجوار الأزرق.

المثلثات هي الألوان التي يفصل بينها 60 درجة على عجلة الألوان، كالألوان الأساسية والثانوية. المتماثلات هي ألوان متجاورة على عجلة الألوان، لذا تشكل عائلات لونية، مثلًا: يملك الأحمر والبرتقالي والبنفسجي قاسمًا مشتركًا هو الأحمر، لذلك تُستخدم معًا في الفن والتصميم بطريقة مختلفة عن الألوان المثلثية التي لا تملك صبغة مشتركة.

لغة اللون

تملك الألوان علاقات فيما بينها، لكن شرح الألوان ليس أمرًا سهلًا. قد تخبر صديقك أنك ابتعت قميصًا أحمر، لكن اللون الذي سيتخيله قد يكون في أي منطقة من طيف الأحمر. إذن كيف نصف لونًا محددًا؟

إليكم بعض المصطلحات التي تساعد الفنانين والمصممين على وصف الألوان:

الصبغة

الصبغة اسم اللون فحسب: أحمر، أصفر، أخضر، إلخ.

تقول كوبرمان: «عندما نرغب في وصف لون ما بدقة، لا نستخدم كلمات مثل «خاكي» أو «خوخي»، لأن من الصعب توخي الدقة مع أسماء كهذه. الخاكي قد يكون مائلًا إلى الأخضر بالنسبة إلي، وإلى الرمادي بالنسبة إلى شخص آخر، والخوخي قد يكون ورديًّا أو برتقاليًّا».

يتحاشى العاملون في مجال اللون استخدام أسماء الألوان التي قد نجدها في مجلات الأزياء، ويستخدمون أوصافًا يسهل التوافق عليها، كالأزرق المخضر والأصفر البرتقالي.

القيمة

القيمة مقدار سطوع اللون أو قتامته، فالأزرق الكحلي لون قاتم جدًا، أي إنه منخفض القيمة اللونية. أما الأزرق السماوي فهو ساطع، إذن فهو عالي القيمة اللونية.

تقول كوبرمان: «إذا قلت لمصمم إن لونًا أزرق منخفض القيمة قد أعجبك، فسيفهم أنك تقصد الكحلي».

الكثافة

تعني الكثافة مقدار وضوح اللون، الترابي أو الرمادي مثلًا ألوان منخفضة الكثافة. الألوان الأعلى كثافة هي ألوان الطيف الشمسي السبعة، فجميعها عالية الكثافة ولافتة للانتباه.

تعتمد الأزياء العسكرية المموهة على اختيار ألوان منخفضة الكثافة، مثل البني والرمادي.

التباين المتزامن

عند الحديث عن اللون، يجب أن نأخذ في الحسبان أيضًا أن استيعابنا للون يختلف باختلاف الألوان المجاورة له.

في منتصف القرن التاسع عشر، كان الكيميائي ميشيل شيفرول يصنع صبغات لمصنع غوبلنز للسجاد في باريس. وجد أن الزبائن كانوا يتذمرون بخصوص ألوان السجاد، لأن الأبيض كان مصفرًّا مثلًا.

بدأ شيفرول بوضع الألوان بجوار بعضها، واكتشف أن الأبيض عند وضعه قرب البنفسجي، بدا أصفر، أي أبعد ما يمكن عن البنفسجي، لأن الأصفر هو اللون المقابل للبنفسجي على عجلة الألوان. ذلك تأثير بصري، إذ تتأثر الألوان ببعضها. وصف شيفرول ذلك بالتباين المتزامن، إذ يتضح الفارق بين اللونين إذا نظرت إليهما معًا.

اقرأ أيضًا:

العلم وراء الألوان الساحرة للشروق والغروب

20 معلومة لم تكن تعرفها عن الألوان

ترجمة: إيهاب عيسى

تدقيق: دوري شديد

المصدر