هي العوامل التي تمنع أو تعيق الوافدين الجدد من دخول سوق ما أو قطاع صناعي، ما يحد من المنافسة. وتتضمن تكاليف التأسيس الباهظة والعقبات التنظيمية، وغيرها من العوائق التي تمنع المنافسين الجدد دخول مجال أعمال ما بسهولة. تحمي عوائق دخول السوق الحصة السوقية للشركات القائمة وقدرتها على تحقيق الأرباح والإيرادات.

تتضمن عوائق دخول السوق الشائعة: مزايا ضريبية خاصة للشركات الحالية وأنظمة حماية براءات الاختراع، وقوة العلامة التجارية وولاء العملاء، وارتفاع تكاليف التحويل (تكاليف يتكبدها المستهلك عند تغيير العلامة التجارية أو المنتج)، وعوائق أخرى مثل: التراخيص والتصريحات التنظيمية التي يجب على الشركة الحصول عليها قبل البدء بالتشغيل.

فهم عوائق دخول السوق

تنشأ بعض عوائق دخول السوق بسبب القيود الحكومية المفروضة، وينشأ بعضها الآخر في الأسواق الحرة.

تضغط الشركات على الحكومة لوضع عوائق أو شروط جديدة لدخول السوق، ويكون هدفها -ظاهريًّا- ضمان سلامة الصناعة ومنع الصناعيين الجدد من طرح منتجات رديئة في السوق.

تفضل الشركات عوائق دخول السوق؛ لأنها تحد من المنافسة وتوسع حصتها السوقية، ما يتيح لها التركيز بنحو أفضل على الصناعة.

تتطور عوائق دخول السوق بمرور الوقت نتيجة هيمنة أحد الفاعلين الصناعيين.

يعد عائق دخول السوق (تكاليف التأسيس الباهظة) العائق الأساس، ولا تعد العوائق الإضافية عوائق بحد ذاتها، إنما تعمل معًا وتعزز عمل بعضها، إذ تضعف قدرة الشركات المحتملة على دخول السوق.

معلومة مهمة: قد تكون عوائق دخول السوق طبيعية (ارتفاع تكاليف حفر بئر نفط جديد)، أو حكومية (رسوم التراخيص وبراءات الاختراع)، أو من قطاع الأعمال (الميزات الاحتكارية التي تعيق عمل الشركات الناشئة).

عوائق دخول السوق الحكومية

يصعب الدخول في الصناعات التي تخضع لرقابة شديدة من قبل الحكومة، مثل: شركات الطيران التجاري وشركات الكابلات ومقاولي الدفاع (أي شركة أو مؤسسة أو فرد يبرم عقدًا مع وزارة الدفاع لتقديم الخدمات والإمدادات والبناء).

تختلف الأسباب التي تدفع الحكومة لوضع عوائق لدخول السوق؛ في حالة شركات الطيران الهدف من العوائق هو الحد من الحركة الجوية وتسهيل المراقبة، أما شركات الكابلات فإن بنيتها التحتية تتطلب استخدامًا واسعًا للأراضي العامة.

تفرض الحكومة بعض العوائق -أحيانًا- نتيجة الضغط من الشركات المحلية، مثلًا: كي تصبح بائع زهور أو مصمم ديكور في بعض الولايات أنت بحاجة لتصريح حكومي، ويرى النقاد أنه لا داعي لقيود لمثل هذه الأعمال، لأنها تحد من المنافسة وتقضي على ريادة الأعمال.

عوائق دخول السوق الطبيعية

تنشأ عوائق دخول السوق بنحو طبيعي تبعًا لطبيعة الصناعة، مثل: هوية العلامة التجارية وولاء العملاء. تمتلك بعض العلامات التجارية هويةً قويةً جدًا، مثل كلينيكس – Kleenex وجيليه – Jell-O، إذ أصبحت أسماؤهم مرادفةً لأسماء منتجاتهم.

تواجه الشركات الناشئة صعوبةً كبيرةً في إقناع المستهلكين بالتحويل إلى منتجاتهم، نظرًا لارتفاع تكاليف التحويل التي تعد أحد عوائق دخول السوق.

عوائق دخول السوق الخاصة بالصناعة

تمتلك القطاعات الصناعية عوائق دخول إلى السوق خاصة بها تنشأ من طبيعة الأعمال التجارية ومناصب الفاعلين الكبار فيها.

الصناعات الدوائية

يجب أن تحصل الشركات في الولايات المتحدة على تصريح خاص (طلب تصنيع دواء جديد) من إدارة الغذاء والدواء FDA لتتمكن من إنتاج وتسويق عقار دوائي عام.

في عام 2017 كان متوسط الحصول على التصريح من تاريخ تقديم الطلب 37 شهرًا، ومن الصعب الحصول على التصريح لارتفاع تكلفته وصعوبة الموافقة عليه، إذ وُوفق على 18% فقط من الطلبات المقدمة في الدورة الأولى، في هذه الأثناء، تنسخ شركات الأدوية الدواء الذي ينتظر المراجعة وتقدم براءة اختراع مؤقتة لمدة 180 يومًا، ما يعد سرقةً ويخلق احتكارًا مؤقتًا.

إن طرح دواء جديد في السوق يُكلف بالمتوسط 2.6 مليار دولار، وقد تستغرق الموافقة على تشريع دواء ما نحو عشر سنوات، ما يعني أنه حتى لو امتلكت الشركات الناشئة تكاليف إنتاج الدواء واختباره تبعًا لقوانين FDA، قد لا تحقق أرباحًا لمدة عشر سنوات، توافق FDA عادةً على دواء واحد من كل عشرة أدوية مختبرة سريريًا.

الصناعات الإلكترونية

تؤثر اقتصاديات الحجم في السلع الإلكترونية الاستهلاكية وتعد أحد عوائق دخول السوق؛ إذ تستطيع الشركات القائمة زيادة إنتاجها الحالي بتكلفة منخفضة بسبب توزع التكاليف الثابتة على حجم إنتاج ضخم، مثل: تكاليف الإدارة وثمن العقارات الموزعة على عدد كبير من الوحدات المنتجة، أما في حالة الشركات الناشئة تتوزع التكاليف الثابتة على كمية إنتاجها القليلة نسبيًا، ما يجعل كلفة الإنتاج باهظة.

تزيد الشركات الإلكترونية القائمة مثل أبل APPLE من كلفة التحويل على المستهلكين للإبقاء على عملائها، عبر إبرام عقود مكلفة يصعب إنهاؤها، أو الحد من قدرة المستهلكين على نقل بياناتهم إلى جهاز إلكتروني آخر، يعد هذا الأمر منتشرًا في صناعة الهواتف الذكية؛ قد يتكلف المستهلكون أموالًا إضافية من أجل نقل ملفاتهم من جهاز إلى آخر واستعادة تطبيقاتهم.

صناعة النفط والغاز

تعد عوائق دخول سوق الغاز والنفط قويةً جدًا، وتتضمن: ملكية الموارد وتكاليف التأسيس المرتفعة، وحقوق الملكية وبراءات الاختراع المرتبطة بتقنية التملك، والقيود الحكومية والبيئية، وارتفاع تكاليف التشغيل الثابتة.

إن محاولات دخول هذا القطاع محدودة للغاية بسبب ارتفاع تكاليف بدء التشغيل، ما يقلل المنافسة المحتملة، وتواجه الشركات -بما فيها ذات رأس المال الكبير- عائقًا تشغيليًا مباشرةً عند دخول هذا القطاع بسبب تقنية التملك.

تدفع التكاليف الثابتة المرتفعة الشركات للقلق من دخول هذا القطاع، وتُجبَر الحكومات المحلية والأجنبية الشركات على الامتثال للقوانين البيئية، ويعد الامتثال لهذه القوانين مكلفًا، ما يجبر الشركات الصغيرة على الانسحاب.

الخدمات المالية

يعد تأسيس شركة خدمات مالية جديدة مكلفًا جدًا، وتصعب المنافسة على الشركات الناشئة بسبب التكاليف الثابتة المرتفعة والتكاليف الغارقة (تكاليف تدفع في تنفيذ المشروع ولا يمكن استردادها)، بالإضافة إلى خبرة الشركات القائمة الواسعة.

توجد عوائق تنظيمية بين المؤسسات المالية المختلفة، وفي كثير من الحالات، تكفي تكاليف الامتثال والتهديد القضائي لردع الشركات والمنتجات الجديدة من دخول السوق.

تُلحِق تكاليف الامتثال والترخيص الضرر بالشركات الصغيرة؛ فالشركات الكبيرة ليست بحاجة إلى تخصيص نسبة كبيرة من مواردها لتضمن عدم مواجهة مشكلات مع هيئة الأسواق والأوراق المالية، وقانون تيلا TILA (هو قانون يفرض الإفصاح عن كافة تفاصيل القرض مثل الشروط والفوائد والتكلفة)، وقانون إجراءات تحصيل الديون العادلة FDCBA (هو قانون يمنع الأطراف الثالثة من تحصيل الديون نيابة عن شخص أو كيان آخر، ويحدد الطرق المتاحة التي يمكن للمحصلين عبرها التواصل مع المدينين، ويعطي الحق للمدين بمقاضاة شركة تحصيل الديون في حال انتهكت القانون)، ومكتب حماية المستهلك CFPB، ومؤسسة التأمين الفيدرالية FDIC أو أي قوانين ومكاتب أخرى.

اقرأ أيضًا:

دمج الديون: تعريفه وأنواعه وأمثلة عليه

كل ما تود معرفته عن التمويل اللامركزي

هل يحفز الإنفاق على البنية التحتية الاقتصاد؟

ترجمة: محمد الشيخ عبيد

تدقيق: عبد المنعم الحسين

المصدر