متلازمة أجيناس اضطراب نادر يوصف على أنه ضعف تدفق الصفراء من الكبد ما يؤدي إلى الإصابة بالركود الصفراوي. يؤدي كبت الإفراز الصفراوي (ركود صفراوي كبدي) إلى تورّم واحتباس السوائل (وذمة لمفية) في الأطراف السفلية. يضعف الركود الصفراوي الولادي لدى المرضى المصابين بالمتلازمة خلال مرحلة الطفولة المبكرة لكنه يبقى متقطعًا في الحالة الطبيعية.

غالبًا ما تتطور المتلازمة تدريجيًا إلى تشمع كبدي والتهاب كبدي مصحوب بتندّب أنسجة السبيل البابي. ويشار إلى الاضطراب أيضًا على أنه متلازمة وذمة لمفية وركود صفراوي (LSC1) أو متلازمة الركود الصفراوي-الوذمة اللمفية (CLS).

سُميَّت المتلازمة بهذا الاسم نسبةً إلى أوستن أجيناس، وهو طبيب أطفال نرويجي وصف هذه المتلازمة لأول مرة في عام 1968.

في جميع أنحاء العالم، شُخِّص فقط 100 مريض قبل عام 2014.

يؤثر نقص تنسّج اللمفاويات الخلقي في الأوعية اللمفية بسبب الركود الصفراوي داخل الكبد، الذي يعدُّ هو الحالة الفيزيولوجية المرضية ويتطور هنا لكونه مرتبطًا مع الإفراز الضعيف للصفراء من الكبد وتراكمها داخل الكبد.

يُعد تطور الركود الصفراوي واحدًا من العوامل الأساسية التي تحدّد خطورة متلازمة أجيناس. قد يبدي المرضى الذين يستطيعون النجاة لفترة مطوّلة من الركود الصفراوي في المرحلة الأولية من المرض، مرضًا كبديًا مستقرًا ذا إنذار أفضل. يملك أكثر من 50% من الأفراد المصابين بهذه المتلازمة مدة حياة طبيعية.

أعراض متلازمة أجيناس:

تتضمن الأعراض العامة الألم البطني، تورم الساقين، برازًا فاتح اللون قد يتحول إلى زفتي بسبب النزف الهضمي، بولًا داكن اللون، تضخم الطحال، اضطرابات هضمية، التعب، تصبغات جلدية شاذّة، ألمًا في المفاصل والعظام.

تتطور الأعراض تدريجيًا ومن الممكن تصنيفها إلى مرحلتين من الحياة: المرحلة الباكرة وما بعد سن المراهقة.

في المرحلة الباكرة من الحياة:

يكون الوزن عند الولادة والشهية طبيعيين، لكن لوحظ وجود كميات كبيرة من البراز الدهني فاتح اللون وبول بلون غامق. تصبح أعراض اليرقان بارزة خلال الأسابيع 2-4 من الولادة، وتتضمن اصفرار لون الجلد والعيون والبراز غامق اللون والضعف الشديد والتشنج البطني والغثيان والإقياء.

يصاب الرّضّع بحكة تستمر غالبًا كمشكلة جلدية، ويسبب سوء امتصاص الدسم المحرّض بالركود الصفراوي تأخرًا في النمو.

يُعد عوز الفيتامينات A وD وE (فيتامينات منحلة بالدسم) من الأعراض الشائعة، ويزيد تركها دون علاج خطر الإصابة بالكساح وفقر الدم والميل للنزف واعتلال الأعصاب المحيطي، وقد يسبب النزف موتًا عند حديثي الولادة. يقود تطور الحالة لهذا المرض مع تقدم العمر إلى حصول الوذمة اللمفية في الأطراف السفلية بسبب الركود الصفراوي الناكس. يصاب عادةً الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6-7 سنوات بالوذمة اللمفية.

الوذمة اللمفية هي حالة تتعلق بنقص تنسج اللمفاويات وتؤدي إلى تورم مزمن للساقين. اعتمادًا على خطورة المتلازمة يمكن أن تمتد الوذمة اللمفية إلى الذراعين والأنسجة الملساء المحيطة بالحجاج والمتموضعة حول العينين والقفص الصدري وجدار الأمعاء. مع تقدم العمر، تبدأ الأعراض المرتبطة مع الوذمة اللمفية المزمنة بالظهور بالتدريج كالألم في عضلات الساقين وثقل في الساقين وصعوبات في الحركة وشد أنسجة الجلد وتصلبها في المنطقة المصابة.

تبدأ الحكة الجلدية وتستمر غالبًا كمشكلة من الشهر السادس من العمر. على الرغم من أنَّ المصابين بالمتلازمة يملكون تطورًا عقليًا وحركيًا طبيعيًا فإنه من الممكن ملاحظة ضعف القدرة على التعلم بسبب الحكّة أو النعاس. قد يتغيّب بعض الأطفال المصابين عن المدرسة لمدة تتراوح بين ستة أشهر إلى السنة خلال فترات الركود الصفراوي.

في مرحلة البلوغ:

يسبب الركود الصفراوي غالبًا تضخّمًا في الكبد ويحفّز التغيّرات الهرمونية خلال البلوغ ويزيد خطر الإصابة بالإنتان ويؤدي إلى ارتفاع مستويات الشحوم في الدم. قد يعاني بعض المراهقين المصابين بالمتلازمة وذمة لمفية قبل البلوغ، ومن الممكن أن يواجه المصابون نتائج اجتماعية عديدة بسبب الوذمة اللمفية والإنتان الجلدي الجرثومي المتكرر كالحُمْرَة التي تسبب بقع حمراء على الجلد، وتكون الوذمة اللمفية الشديدة لدى البالغين سببًا للإعاقة.

قد يسبب ارتفاع الضغط البابي نزفًا مريئيًا دوالي المنشأ بسبب تضخم الوريد في المريء وتراكم السوائل في التجويف الصفّاقي وزيادة نشاط الطحال، ويمكن أن يسبب الركود الصفراوي المتكرر الإصابة بالاكتئاب وبتشمّع الكبد عند البالغين، وتزيد المتلازمة لدى الحوامل خطر الولادة لأطفال خدّج والإملاص بسبب الركود الصفراوي.

إنذار متلازمة أجيناس:

يُعد الاضطراب عائليًا ومجهول السبب، وما يزال السبب الوراثي الدقيق غير محسوم. المرض وراثي متنحٍٍّ ويتموضع الجين على الصبغي 15q. تلاحظ الحالة غالبًا لدى الرضع ذوي الأصل النرويجي، حيث رُصدت أكثر من 50% من الحالات في شمال النرويج. لكنه منتشر أيضًا في المناطق الأوروبية الأخرى وفي الولايات المتحدة.

بحث حول متلازمة أجيناس:

حُدَّدت المناطق التي تعتبر متشابهة عند المرضى المصابين بالمتلازمة في تحليل مسح لكامل الجينوم عام 2000. وحُدَّدت أكثر المناطق الواعدة في مجموعات أضخم من الأفراد النرويجيين، وقُيِّمت عينات الـDNA المأخوذة من 8 مرضى و7 من أقربائهم من نفس سلالة الأجداد.

بيّنت النتائج تشابهًا كبيرًا في الألّيلات (alleles) والنمط الوراثي الفرداني للمرضى على امتداد المنطقة على الصبغي 15q بين الواسمات D15S979 وD15S652، وهي الميزة التي كانت غائبة لدى الأقارب غير المصابين.

أشارت النتائج إلى أنَّ كل المرضى النرويجيين المصابين بالمتلازمة قد يكونون متماثلي الزيجوت مع وجود طفرة وراثية متماثلة موروثة بالشكل الهاجع بواسطة جد مشترك.

تدبير متلازمة أجيناس:

لا توجد خيارات علاجية مؤكّدة متوفرة من أجل علاج هذا الاضطراب. تستهدف العلاجات بشكل أساسي الأعراض النوعية خاصة المتعلّقة بالوذمة اللمفية.

قد يؤثر التعايش مع مرض وراثي أو نادر بشكل كبير في الحياة اليومية للمرضى وعائلاتهم. تعدُّ مجموعات رعاية ودعم المجتمع ذات أهمية محورية نظرًا لوجود مجال كبير لإجراء أبحاث إضافية لإيجاد علاج نهائي لهذا الداء.

قد تساعد مجموعات الدعم والتأييد المرضى في التواصل مع الأفراد الآخرين المصابين بحالة مُشابِهة. تؤمّن هذه المجموعات معلومات تتمحور حول المريض وتعدُّ القوة الدافعة للبحث من أجل علاجات أفضل . يساعد المستشارون في هذه المجموعات في توجيه المرضى وأفراد عائلاتهم للبحث والمصادر والخدمات المتعلقة بهذا الاضطراب.

تشخيص متلازمة أجيناس:

تُعد المتلازمة مرضًا نادرًا، والوذمة اللمفية الوراثية المحددة هي الوحيدة التي تُبطئ أو توقف تدفق الصفراء، ما يسبب الركود الصفراوي. على أي حال قد تتطور الوذمة اللمفية بحدّ ذاتها إلى أمراض كبدية ضمنية أو اضطرابات جهازية لمفية. قد تُشخَّص خطأً بسهولة على أنها رَتَق صفراوي، ما يؤدي إلى إجراء تدخل جراحي غير ضروري. على هذا يكون وضع التشخيص المناسب أمرًا إلزاميًا للبدء بعلاج سريري صحيح للمتلازمة.

يُعد تشخيص المتلازمة تحديًا لأن العلامات الباكرة للوذمة اللمفية تكون صعبة الكشف إلى أن تظهر أعراض الوذمة اللمفية ما يؤخّر بدء التداخل الطبي لعلاج هذه المتلازمة، ومن الصعب تشخيص الإصابة بمتلازمة أجيناس عند إصابة شخص ما بها لأول مرة في تاريخ العائلة ما لم تظهر أعراض الوذمة اللمفية. من الممكن تشخيص الركود الصفراوي خلال السنة الأولى من الحياة، إلّا أن الوذمة اللمفية تتطور تدريجيًا مع العمر عند بعض المرضى المصابين بالمتلازمة.

التشخيص المعتمد على التقييم السريري:

يُعد اليرقان والبول غامق اللون والبراز فاتح اللون والتعب والحكّة العلامات السريرية المشتركة لكل من الركود الصفراوي داخل وخارج الكبدي، ما يجعل من الصعب تحديد السبب الضّمني الفعليّ.

يُعد التقييم الشامل لتاريخ المريض والفحص الفيزيائي الدقيق أمرًا أساسيًا لتشخيص المتلازمة، فوجود المتلازمة في تاريخ العائلة نتيجة رئيسية في التحرّي السريري للمرض، ومن الممكن تصنيف الوذمة اللمفية اعتمادًا على بدايتها إلى ثلاث فئات هي الخلقية والباكرة والمتأخرة.

تظهر أعراض الوذمة اللمفية الخلقية خلال أول سنتين من العمر. بينما تبدأ أعراض الوذمة اللمفية الباكرة بين 2-35 سنة من العمر، لكنها تظهر في أغلب الحالات بالقرب من مرحلة البلوغ. يُعد الشكل الأخير نوعًا موروثًا من الوذمة اللمفية يحدث بعد 35 سنة من العمر.

واسمات متلازمة أجيناس:

يُتلَى كشف اليرقان بتحديد هوية واسمات معينة تُشخص باختبارات دموية. تصبح تراكيز بيليروبين المصل مرتفعة خلال الشهر الأول من الولادة عند الأطفال المصابين بالمتلازمة، وقد تصبح سوية بالتدريج بعد 3-4 سنوات من العمر.

تُلاحظ مستويات مرتفعة من الحمض الصفراوي (أكثر من 40μmol/L) خلال 6 أشهر من الولادة وتنخفض تدريجيًا إلى حدّ معين وتصل إلى مستوى عالٍ باعتدال خلال 6 سنوات من العمر.

أسبارتات ترانسأميناز ALT وآلانين ترنسأميناز هما إنزيمان كبديان ترتفع مستوياتهما بشدّة في الدم خلال الشهر الأول من الولادة ثم تنخفض إلى مستويات معتدلة بين 2-3 سنوات، يكون الحدّ الأعلى لمستويات غاما غلوتاميل ترنسببتيداز ضعفي الحدّ الطبيعي تقريبًا. قد يزيد استعمال الفينوباربيتال مستويات هذا الإنزيم خاصّة عند المرضى المصابين بالمتلازمة.

توجد بعض التحريات الأساسية لتقييم حالة الكبد، إذ تستخدم تقنيتان من أجل تشخيص المتلازمة هما: تخطيط الصدى للبطن وتخطيط الصدى القولنجي البنكرياسي بالرنين المغناطيسي. قد تكون نتائج هذه الاختبارات غير واضحة لدى بعض المرضى، وفي هذه الحالات يتم تحليل مصل المريض من أجل إيجاد أضداد مضادة للمتقدرات (AMA) أو تؤخذ خزعة كبدية.

يُستخدم التصوير الومضاني اللمفاوي Lymphoscintigraphy لتحديد التشريح اللمفاوي، وتُحدّد الوذمة اللمفية بالطرق التالية: التصوير الومضاني اللمفاوي والتصوير المقطعي المحوسب والتصوير بالرنين المغنطيسي والأمواج فوق الصوتية المضاعفة.

النتائج الوراثية:

لم تُوضَّح بعد الطفرة الجينية المُحدّدة التي تسبب المتلازمة، وقد كُشِف النمط الوراثي الجسمي المتنحي في هذه المتلازمة وعُزِيَ الذراع الطويل للصبغي 15q إلى السبب الوراثي في بعض الحالات إلّا أن هذا لم يثبت في كل الحالات.

اقرأ أيضًا:

متلازمة بيكويث ويدمان: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

متلازمة ويليام: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

ترجمة: ليليان عازار

تدقيق: مهدي أعور

المصدر