يُشار إلى شلل الكولون المفاجئ بمتلازمة أوغليفي أو انسداد الكولون الكاذب الحاد ACPO، وفيها يبدو الكولون وكأنه مسدود بشيء ما (انسداد كاذب)، لكن لا شيء يسده فيزيائيًا. تكمن المشكلة في نظام حركة الكولون، إذ تتوقف حركة الطعام على طول الكولون ما يسمح للطعام بالتراكم في داخله ويتسبب في تمدد جدرانه توسعها.

كيف نُميز متلازمة أوغليفي من الأنواع الأخرى من الانسدادات الكاذبة المعوية؟

تُعد متلازمة أوغليفي حالة حادة، ما يعني أنها مفاجئة ومؤقتة، وتؤثر فقط في الكولون (الأمعاء الغليظة)، يُعد الانسداد الكاذب المعوي أكثر من مصطلح شامل يشير إلى أي شلل في الأمعاء لا ينجم عن انسداد ميكانيكي. يصاب بعض الأشخاص بالانسداد الكاذب المعوي المزمن بسبب المرض المزمن، أو الحالة الخلقية.

ما الفرق بين متلازمة أوغليفي والعلوص الشللي؟

يُعد انسداد الأمعاء الشللي نوعًا حادًا من الانسداد الكاذب المعوي الذي يؤثر عادةً في كلا الأمعاء، وهو شائع جدًا بعد جراحة البطن حين تكون عودة حركة الأمعاء لعملها بطيئة بعض الشيء، وتُعالج عادةً من تلقاء نفسها في غضون أيام قليلة. بينما توثر متلازمة أوغليفي في الكولون، وعلى وجه التحديد وفي الجزء الأول منه (المعي الأعور)، لكنها غير شائعة وتميل لأن تكون أكثر تعقيدًا من العلوص الشللي.

من الأشخاص الذين تؤثر فيهم متلازمة أوغليفي؟

غالبًا ما تؤثر متلازمة أوغليفي في البالغين الأكبر سنًا المصابين بحالات صحية كامنة عدة، لكنها قد تصيب أي شخص. ومن الممكن للجراحة، والرضح، والأمراض القلبية الوعائية، والإنتانات الشديدة تحفيزها. ومن عوامل الخطورة للإصابة بهذه المتلازمة: عدم توازن الكهارل، والأمراض العصبية، وتناول أدوية عدة، إذ تُؤثر كل هذه العوامل في الجهاز العصبي، وهو ما يُعطي الأوامر لعضلات الكولون لتحريك الطعام على طوله.

تُفيد التقارير الطبية أنه نحو 1 من بين كل 1000 حالة دخول إلى المستشفى هي لأشخاص مصابين بمتلازمة أوغليفي، ويُعد متوسط العمر للأشخاص المصابين 60 سنة.

أعراض متلازمة أوغليفي وأسبابها

قد ينتج عن تراكم الطعام المهضوم جزئيًا والغاز المتراكم في الكولون، أعراض عدة منها: انتفاخ في البطن، وألم بطني، وفقدان الشهية، وغثيان وإقياء، والنفخة والغازات، وإمساك أو إسهال.

السبب الدقيق لمتلازمة أوغليفي غير مفهوم تمامًا، لكن يظن العلماء أنه ناجم عن اعتلال في وظيفة الجهاز العصبي اللاإرادي، وهو الجزء من الجهاز العصبي الذي يتحكم في الحركات العضلية اللاإرادية التي تُنظم الأمعاء (التمعج). ولأن هذه المتلازمة حالة حادة، فمن المحتمل أن تتهيج بسبب بعض حالات الإجهاد الشديد للجهاز العصبي اللاإرادي، ومن الممكن أيضًا أن تؤثر عوامل صحية أخرى في تفاقم الحالة.

ومن الحالات الصحية الحادة التي تُعرَف بأنها تحفز متلازمة أوغليفي: النوبة القلبية، وقصور القلب الاحتقاني، والإصابة الرضحية، والإنتان الشديد (مثل ذات الرئة أو الإنتان الدموي)، وجراحة البطن المفتوح، وجراحة القلب المفتوح، والجراحة العظمية (مثل استبدال مفصل الورك)، والولادة القيصرية.

بالإضافة إلى ذلك، توجد عوامل قد تزيد أيضًا من خطر الإصابة بمتلازمة أوغليفي ومنها: قصور الكلية، وفشل تنفسي، والأمراض العصبية، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والسرطان، والأمراض الاستقلابية، واضطراب الكهارل، وتقدم العمر، والوهن البدني، وتناول أدوية عدة.

ومن الأدوية المرتبطة بمتلازمة أوغليفي: الأدوية المضادة للذهان، والأمفيتامينات، والستيروئيدات القشرية، والأفيونات، ومثبطات المناعة، والمخدرات الشوكية.

ما المضاعفات المحتملة لمتلازمة أوغليفي؟

غالبًا ما يُشفَى الشخص من متلازمة أوغليفي دون علاج، أو بالعناية الطبية الداعمة، لكنها تحتاج أحيانًا إلى تدخلٍ طبي. وإن لم تُشخص الحالة واستمر الوضع في التفاقم مدة طويلة، فمن الممكن أن تُسبب بعض المضاعفات الخطِرة. تُشير الدراسات إلى أنه من المحتمل أن تحدث الاختلاطات على نحوٍ أكبر عندما يتمدد الكولون أكثر من 12 سم؛ إذ إن القطر الطبيعي هو 8 سم، ويزداد الخطر بازدياد التمدد. تشمل عوامل الخطورة ما يأتي:

  •  الإقفار: قد ينتج عن الضغط الشديد على جدران الكولون قطع التزود بالدم، ما يعني بالنتيجة احتمال حدوث التهاب شديد (التهاب كولون إقفاري)، ويُفضي عدم علاجه إلى موت الأنسجة (نخر).
  •  الانثقاب: إن الأنسجة النخرية خاصًة مُعرضة لخطر التمزق؛ فمن الممكن لثُقبٍ في الكولون (انثقاب هضمي) السماح للذيفانات والبكتيريا بالدخول إلى التجويف البطني (التهاب الصفاق).
  •  إنتان الدم: قد يصل انتشار التهاب الصفاق بسهولة إلى مجرى الدم (تسمم الدم) وهي حالة طارئة، وقد ينتج عن العدوى الجهازية إنتان في الدم، وصدمة إنتانية قد تسبب بدورها فشلَ أعضاءٍ عدة.

الفحوصات لتشخيص متلازمة أوغليفي

يستند تشخيص متلازمة أوغليفي إلى ما تُظهره الأشعة لكيفية تضخم الكولون دون وجود انسدادٍ معوي فيزيائي، بالإضافة إلى بعض الاختبارات المحددة لاستبعاد الأسباب الأخرى المحتملة للحالة.

لرؤية الجزء الداخلي للكولون مفصلًا، يستعمل الأطباء نوعًا من التصوير يجمع بين الأشعة وعامل التباين الداخلي، إذ تُغطي مادة التباين الجزء الداخلي من الكولون لإبراز السمات على نحوٍ أوضح باللونين الأبيض والأسود. بإمكان المريض ابتلاع مادة التباين، أو قد يتلقاها بحقنة شرجية، أو بالحقن الوريدي، إذ يلجأ الأطباء إلى طريقتين: المسح بالتصوير المقطعي المحوسب المتباين، والتنظير الفلوري المتباين.

يتضمن فحص الحقنة الشرجية بالجاستروجرافين محلول تباين منحل بالماء (جاستروجرافين)، تُحقن داخل الكولون عبر الشرج ثم تؤخذ صورة بالأشعة السينية بالتنظير الفلوري (تصوير بالفيديو بالأشعة السينية يتتبع مسار المحلول في أثناء انتقاله عبر الكولون). قد يعمل الجاستروجرافين عمل المُلين في الكولون بوصفه عَرضًا جانبيًا، وقد يساعد في تحريكه مرة ثانية.

ما التدابير والعلاج لمتلازمة أوغليفي؟

يعتمد علاج متلازمة أوغليفي على مدى تضخم الكولون وعلى احتمالية إصابة الشخص بمضاعفاته. فيلجأ الطبيب بدايةً لتقديم العلاج المحافظ بالإضافة إلى العناية الداعمة والمراقبة الشديدة. لكن عند الضرورة سيُقدم الأطباء أدوية أو إجراءات من شأنها تخفيف الضغط عن الكولون وتقليل خطر المضاعفات. يتطلب الأمر عناية مستعجلة لدى ظهور المضاعفات.

تتضمن المعالجة المحافظ:

  •  علاج الأمراض الكامنة التي قد تُفاقم الحالة.
  •  إيقاف الأدوية التي قد تُفاقم الحالة.
  •  راحة الأمعاء وعدم تناول الطعام فمويًا لتخفيف الضغط.
  •  السوائل الوريدية للمحافظة على الترطيب، وتصحيح عدم توازن السوائل.
  •  المشي أو التحرك في أوضاع مختلفة لزيادة حركة الأمعاء.
  •  استعمال الأنبوب المعدي الأنفي لشفط الهواء الزائد والسوائل من المعدة.
  •  استعمال الأنبوب الشرجي لتصريف الهواء والسوائل بفعل الجاذبية، وهو قثطرة تُدخَل في الشرج.
  •  المراقبة بالتصوير المنتظم، والاختبارات الدموية لتحري تقدم المضاعفات.

لدى تمدد الكولون أكثر من 12 سم أو عدم نجاح العلاج المحافظ بعد 72 ساعة، يسعى الطبيب للتدخل للمساعدة في تسكين ألم الكولون، وتتضمن التداخلات:

  •  تخفيف الضغط بتنظير الكولون: يُعد تنظير الكولون إجراءً تشخيصيًا وعلاجيًا يتضمن إدخال منظار الكولون (وهو كاميرا دقيقة في نهاية قثطار طويل) عبر فتحة الشرج. والغرض من تنظير الكولون المزيل للضغط شفط الهواء الزائد من الكولون عبر قثطار، ومن ثم إعطاء حقنة شرجية عن طريق القثطار. قد يساعد ذلك في تخفيف الانسداد الكاذب لدى فشل العلاج الطبي المحافظ أو عدم كونه آمنًا، لكن الطبيب يستعمله بحذر لأنه من الصعب إجراؤه، ويحمل خطرًا منخفضًا يؤدي إلى حدوث المضاعفات. من الممكن أن يسبب تنظير الكولون انثقاب الأمعاء في ظروف معينة.
  •  الحقن بالنيوستيجمين: يُعطى هذا العلاج بالحقن الوريدي وهو منشط للعضلات؛ إذ يُستعمل غالبًا لتنشيط العضلات بعد جرعة مخدر لإرخائها. أظهر النيوستيجمين نتائج جيدة لتنشيط العضلات في الكولون، وإعادة تفعيل التمعج لدى الأشخاص المصابين بمتلازمة أوغليفي. لكنه دواء فعال يعطى فقط تحت المراقبة الشديدة في وحدات العناية المركزة، ويراقب الأطباء القلب للتأكد من عدم تباطئه كثيرًا في الوقت الذي يتلقى به المريض النيوستيجمين.
  •  استئصال الكولون/ فغر الكولون: لدى استمرار الكولون بالتمدد مع كل التدخلات، أو لدى تطور المضاعفات مثل الانثقاب أو النخر، فقد يحتاج المريض إلى الجراحة لإزالة الجزء المصاب من الكولون، وهي الملجأ الأخير. عند استئصال الكولون، قد يحتاج المريض أيضًا إلى فغر الكولون الدائم أو المؤقت (فتحة بديلة لخروج البراز). في بعض الأحيان قد يحتاج المريض إلى عكس فغر الكولون بعد الشفاء من الجراحة.

هل تعدُ متلازمة أوغليفي مميتة؟

قد تكون مضاعفات هذه المتلازمة قاتلة، إذ يصل معدل الوفيات بوجود المضاعفات (كالانثقاب أو الإقفار) إلى 40%، ولكن يصاب أقل من 15% من الأشخاص بهذه المضاعفات. وفي حال عدم حدوث مضاعفات يبلغ معدل الوفيات بمتلازمة أوغليفي نحو 15%، ومن المحتمل أن هذه النسبة لا تُمثل متلازمة أوغليفي وحدها، إذ يعاني أغلب الأشخاص المصابين بمتلازمة أوغليفي حالات صحية أخرى تؤثر في معدل الوفيات لديهم.

إن انسداد الكولون الكاذب الحاد هو عامل غير متوقع قد يؤدي إلى مضاعفات جديدة للأشخاص الذين يعانون حالات صحية أخرى. لا أحد يتوقع متلازمة أوغليفي لكن يجب على كل شخص أن يأخذ الأعراض على محمل الجد. يُعد الكشف المبكر أمرًا أساسيًا لمنع المضاعفات الخطِرة لمتلازمة أوغليفي. ومن المحتمل أن تشفى قريبًا بالعلاج المحافظ من دون حدوث مضاعفات.

اقرأ أيضًا:

متلازمة أوغيلفي: انسداد القولون الكاذب الحاد – الأعراض والوقاية وطرق العلاج

التصاقات البطن: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

ترجمة: ليليان عازار

تدقيق: ريمي سليمان

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر