متلازمة كابغراس التي تعرف أيضًا باسم وهم كابغرا، هي اضطراب وُهامي يجعل الشخص يعتقد اعتقادًا خاطئًا أن دجالًا ما قد انتحل شخصية أحدٍ ما يعرفه. ويندرج هذا الاضطراب تحت فئة الحالات العقلية التي تسمى متلازمات سوء التعرف الوهمي (DMSs).

متلازمات سوء التعرف الوهمي هي اضطرابات تتميز بالأوهام التي تجعل الناس يخطئون في التعريف عن أنفسهم أو المقربين منهم. وثمة عدة أنواع فرعية منها، لكن متلازمة كابغراس هي الأكثر شيوعًا.

يعتقد المُصاب بمتلازمة كابغراس بطريقة منافية للمنطق أن مُنتحلًا متطابق المظهر مع أحد أفراد أسرته قد انتحل شخصيته، وقد يعتقد أحيانًا أن كائنًا آخر مثل الحيوان مَن قام بهذا أو حتى كائنًا غير حي.

مثلًا قد تتهم المرأة فجأةً طفلها بأنه منتحل، وتبدأ بمضايقته وتطالبه بالكشف عن نفسه أو الكشف عن مكان الشخص الذي ينتحل شخصيته.

قد تصيب متلازمة كابغراس الرجال والنساء من جميع الأعمار. مع ذلك، من المرجح أن تصيب النساء أكثر من الرجال. وتُعد حالةً نادرةً تؤثر على ما بين 1% إلى 4.1% من الأشخاص المصابين بحالات صحية نفسية.

أعراض متلازمة كابغراس:

من الممكن أن تسبب متلازمة كابغراس مجموعةً مزعجةً من الأعراض التي تؤثر بشدة على جودة حياة المُصاب وعائلته وأصدقائه. تُعد أكثر العلامات وضوحًا على هذا الاضطراب هي اعتقاد المُصاب بأن هناك من انتحل شخصية أحد أفراد أسرته، وهو فقط من يمكنه أن يرى ما يخفيه المُنتَحِل.

عادةً ما يُظهر المُصاب بهذه الحالة أعراضًا حول شخص ما يقع عليه الاعتقاد وقد تشمل هذه الأعراض:

  •  الشعور بالتوتر والقلق عند الوجود حول المُنتَحِل، والتصرف بعنف تجاهه.
  •  التغيّرات السلوكية.
  •  تزايد خطر التصرف بعنف تجاه المُنتَحِل.

تُعَد متلازمة كابغراس حالةً متفرّدةً للغاية، ما يعني تفاوت الأعراض بين المُصابين. ففي الحالات التي رُبطت فيها متلازمة كابغراس بحالة عصبية أو عقلية أخرى، ظهرت على الشخص أيضًا علامات هذه الحالة.

تشخيص المتلازمة:

شُخصت الحالة لأول مرّة من قبل طبيب نفسي فرنسي يدعى جوزيف كابغراس في عام 1923، الذي صنّفها على أنها من متلازمات سوء التعرف الوهمي. مع ذلك، فإن تشخيص الحالة يمثّل تحديًا اليوم، ما يخلق صعوبةً في تصنيف الاضطراب.

لم يكن العلماء متأكدين مما إذا كانت ستُصَنّف على أنها اضطراب عصبي أو نفسي. إذ يعتقد بعض الناس أنها سمة من سمات اضطرابات التوهم الأخرى، وفي المقابل يعتقد آخرون أنها حالة مختلفة يجب تحديدها بشكل مناسب في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية.

لا يَنُصّ الدليل التشخيصي والإحصائي (DSM-5) حاليًا على متلازمة كابغراس بشكل صريح، تاركًا التشخيص لتقدير وخبرة المهنيين الطبيين.

عند إجراء التشخيص، سوف يستفسر طبيبك عن التاريخ الطبي والعائلي وأي دواء يتناوله المريض، وأيضًا سيُجري فحصًا جسديًا شاملًا وسلسلةً من الاختبارات لاستبعاد الحالات الأخرى.

أسباب متلازمة كابغراس:

ليس واضحًا ما يسبب متلازمة كابغراس، مع ذلك طوّر الباحثون العديد من النظريات لفهم الحالة بشكل أفضل. وكان الرأي الأكثر شيوعًا أن الاضطراب مرتبط بحالات مُسببة للأوهام، مثل مرض ألزهايمر والخرف. إذ رُبطت حالات عصبية أخرى مثل باركنسون والفصام والاضطرابات الفصامية العاطفية بمتلازمة كابغراس.

في مراجعة عام 2019 على 255 حالةً منشورةً عن متلازمة كابغراس، وجد الباحثون أنه في 32% من الحالات كان المصابون بالمتلازمة أيضا مصابين بالفصام، و15% منهم يعانون من شكل من أشكال الخرف، و6% منهم مصابون باضطراب فصامي عاطفي.

قد يُسبب تلف الدماغ بخاصة في المناطق الصدغية والجبهية الإصابة بمتلازمة كابغراس، ذلك لأن الضرر الذي يلحق بهذه المناطق قد يؤدي إلى العجز، ما يجعل التعرف على الوجه ومعالجة المشاعر أكثر صعوبةً.

العلاج:

لسوء الحظ، لا يوجد حتى الآن علاج لمتلازمة كابغراس، وحتى احتمالية العلاج قد تكون صعبةً.

في حال كان المُصاب يعاني اضطرابًا عقليًا آخر، وارتبطت الإصابة به مع الإصابة بمتلازمة كابغراس، فإن علاج الاضطراب العقلي هذا قد يخفف أحيانًا من أعراض المتلازمة.

على سبيل المثال، ارتبط مرض الفصام تاريخيًا مع متلازمة كابغراس وبالتالي فإن علاجه المُعتمد عادةً على مزيج من العلاجات والأدوية المضادة للذهان قد يخفف من أعراض المتلازمة.

علاج التوجه الواقعي:

يُعد هذا شكلًا من أشكال العلاجات المستخدمة للاضطرابات الوهامية. إذ يركّز هذا النوع من العلاج على دفع الشخص الذي يعاني من الأوهام إلى مواجهة الواقع بتوظيف البيئة المحيطة، إذ يُشار بتكرار إلى أشياء مثل التاريخ والوقت الموافقين لليوم، وأسماء الأشخاص والأماكن لتذكير الشخص بواقعه.

التأقلم وتقديم الرعاية:

لأحباء الشخص المصاب بهذه الحالة دور مهم في تدبير متلازمة كابغراس، لكن الشيء الأكثر أهميةً هو التحلي بالصبر معهم وفهم أن أية سلوكيات أو حالات مزاجية غريبة هي سلوكيات ناتجة عن الحالة وخارجة عن سيطرتهم.

تشمل الطرق الأخرى التي يمكن من خلالها المساعدة على التعامل مع هذه الحالة ما يأتي:

  •  إبعاد الشخص الذي يعتقد المُصاب بأنه المُنتَحِل عندما تبدأ الحالة بالتفاقم.
  •  تشجيعهم على طلب المساعدة من أخصائي طبي أو متخصص في أمراض الصحة العقلية.
  •  تهدئتهم عندما يصل الأمر بهم حد الهياج.
  •  الاعتراف بمشاعرهم وعواطفهم بدلًا من تجاهلها عند حدوث النوبة.
  •  منحهم شعورًا مطمئنًا بوجودك القريب منهم في أثناء حدوث النوبة.

إن التأثيرات المُجهدة لمتلازمة كابغراس على الأشخاص المحيطين بالشخص المصاب أمر يمكن استيعابه، لذلك فإنه من المفيد إجراء بعض الأبحاث للمساعدة في فهم أعراض وتأثيرات الحالة.

قد يكون تشخيص الحالة وتدبيرها صعبًا مثل العديد من حالات اضطرابات الصحة العقلية، ومن أهم الأمور التي يجب فهمها هو أن الأشخاص المصابين ليس لديهم سيطرة على أفكارهم وسلوكياتهم.

قد تسبب متلازمة كابغراس ضيقًا شديدًا للشخص المُصاب وللشخص الذي يعتقد بأنه مُنتحل، وبخاصة عندما يكون أحد أفراد أسرته مثل الزوج أو الطفل.

من الضروري طلب المساعدة الطبية في أسرع وقت ممكن في حال ظهرت الأعراض سواء عليك أم على أحد أفراد أسرتك. ومن الضروري تقبّل حقيقة أن الشخص المصاب قد لا يتعافى منه تمامًا.

أخيرًا يُعد البحث عن علاجات مشتركة عاملًا مساعدًا يساهم في قطع شوط طويل في مساعدتك ومساعدتهم على التعامل مع الحالة.

اقرأ أيضًا:

وهم كوتار أو متلازمة الجثة الحية

أغرب 7 حالات و متلازمات نفسية

ترجمة: سنا أحمد

تدقيق: منال توفيق الضللي

المصدر