يشير مصطلح متلازمة ما بعد الفيروس أو تعب ما بعد الفيروس إلى الشعور بالتعب والوهن الذي يستمر بعد التعرُّض لإصابة فيروسية، وقد ترافق أعراض هذه المتلازمة بعض الأشخاص حتى بعد الشفاء من الأمراض الفيروسية الشائعة مثل الإنفلونزا.

يعاني البعض أعراض متلازمة ما بعد الفيروس، مثل التعب الذي قد يستمر أسابيع أو شهورًا بعد الإصابة، لكن يمكن استخدام بعض الأدوية والعلاجات المنزلية للتخفيف من التعب ومساعدة المصابين على استعادة طاقتهم.

تشبه أعراض متلازمة ما بعد الفيروس أعراضًا لأمراض أخرى، ومن الضروري الاستعانة بالطبيب لعلاج هذه المشكلة إن استمرَّت الأعراض طويلًا.

تلقي هذه المقالة الضوء على متلازمة ما بعد الفيروس، وأسبابها وأعراضها وطرق علاجها ومتى تجب استشارة الطبيب.

يعاني المصابون بمتلازمة ما بعد الفيروس أحيانًا الصداع وصعوبات في التركيز

ما متلازمة ما بعد الفيروس؟

تحدث متلازمة ما بعد الفيروس -كما يدل الاسم- بعد الإصابة بأعراض الفيروس، وقد تحدث بعد إصابة خفيفة بالإنفلونزا أو بنزلة برد. وبعد تخلُّص جسم المصاب من الفيروس، يُصاب بمتلازمة ما بعد الفيروس، فيشعر بالتوعك وفقدان الطاقة. وقد يستمر هذا الشعور أيامًا أو شهورًا بعد الإصابة الفيروسية، ويبدو أن استجابة الجسم للفيروس تحفِّز هذه المتلازمة.

يعالج عدد كبير من الأطباء متلازمة ما بعد الفيروس بنفس طريقة علاج متلازمة التعب المزمن (CFS)، لتشابه أعراض كل منهما.

لا يعرف العلماء سببًا واضحًا لمتلازمة التعب المزمن، أما أسباب متلازمة ما بعد الفيروس فلها علاقة بالإصابة الفيروسية نفسها، وإن كان الأطباء غير متيقنين من سبب ظهور أعراضها. إذ يرى بعض الخبراء أنها قد تكون مرتبطة بآثار متبقية من الفيروس نفسه ما زال الجسم يحاول التخلص منها.

تقترح دراسة نُشِرت في مجلة Frontiers in Pediatrics نظرية أخرى، تقول إن الفيروس يرهق الجهاز المناعي مسببًا استجابة تحفِّز أعراضًا شبيهة بأعراض متلازمة التعب المزمن. واقترحت دراسة سابقة أن أعراض التعب بعد الإصابة الفيروسية سببها وجود التهاب في الدماغ.

تحفِّز الفيروسات استجابة الجهاز المناعي، وتسبب هذه الاستجابة الإجهاد والالتهاب في الجسم، وتؤدي إلى شعور المصابين بالإحباط والتعب والاكتئاب أحيانًا.

قد تؤدي كل أنواع الالتهابات الفيروسية تقريبًا إلى الإصابة بمتلازمة ما بعد الفيروس، ويشمل ذلك:

  •  نزلات البرد.
  •  الإنفلونزا.
  •  الالتهاب الرئوي.
  •  فيروس إبشتاين-بار.
  •  الهربس.
  •  فيروس العوز المناعي البشري.

ويزيد احتمال حدوث متلازمة ما بعد الفيروس عند الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة.

الأعراض

تختلف أعراض متلازمة ما بعد الفيروس بين شخص وآخر، لكن معظم المصابين يقولون إن أعراضهم تتضمن الشعور بالتعب والوهن العام. ويستمر وجود الأعراض مهما زاد عدد ساعات نومهم أو اعتنوا بأنفسهم.

وقد تسبب متلازمة ما بعد الفيروس بعض هذه الأعراض الإضافية:

  •  تشوش ذهني.
  •  صعوبة في التركيز.
  •  صداع.
  •  أوجاع وآلام في العضلات.
  •  تيبُّس المفاصل.
  •  ألم في الحلق.
  •  تضخُّم الغدد اللمفاوية.

يكون سبب هذه الأعراض أحيانًا أن جسم المصاب يستغرق وقتًا أطول للتخلص من الفيروس تمامًا. لكن إن استمرت الأعراض أكثر من بضعة أسابيع تجب استشارة الطبيب.

الأدوية والعلاجات

يختلف الأطباء حول أسباب متلازمة ما بعد الفيروس، ويصعب لهذا أن يتفقوا على علاج محدد لها. لا يحتاج المصابون في بعض الحالات إلى العلاج إذ يستطيعون تحمُّل الأعراض إلى أن تختفي تدريجيًا. وقد يصف الأطباء بعض الأدوية لتساعد على التخفيف من الأعراض البسيطة، مثل مسكنات الألم التي تُصرَف دون وصفة طبية لعلاج الصداع والآلام العامة الأخرى.

العلاجات المنزلية:

تساعد بعض الممارسات الصحية على تقوية الجسم في مواجهة متلازمة ما بعد الفيروس، مثل:

  •  النوم 7-9 ساعات يوميًا.
  •  أخذ قيلولة عدة مرات في اليوم عند الحاجة.
  •  الراحة والحفاظ على الطاقة.
  •  شرب الكثير من الماء.
  •  ممارسة تمارين رياضية خفيفة.
  •  الحفاظ على نظام غذائي متوازن وصحي يحتوي على الكثير من الفواكه والخضراوات الطازجة والأغذية المضادة للالتهابات.
  •  تجنُّب الوجبات الدسمة والمشبعة بالدهون مثل الأطعمة المقلية والسريعة.

يشعر بعض الأشخاص براحة أكبر بعد تجربة العلاجات المُخفِّفة للتوتر، تقول الجمعية الأمريكية لالتهاب الدماغ والنخاع المؤلم للعضلات ومتلازمة التعب المزمن إن نحو 50% من المصابين بالتهاب الدماغ والنخاع المؤلم ومتلازمة التعب المزمن -اللتين تسببان أعراضًا مشابهة لأعراض متلازمة ما بعد الفيروس- يلجؤون إلى علاجات بديلة، مثل ممارسة التأمُّل واليوغا والعلاج بالإبر الصينية، لمساعدتهم على تحمل آلامهم، وقد يساعد الحصول على جلسة تدليك على الاسترخاء وتخفيف الآلام العضلية.

تقوي هذه العلاجات الجسم وتساعده على مواجهة متلازمة ما بعد الفيروس، وتقلِّل الوقت اللازم للتعافي.

الوقت اللازم للتعافي

يختلف الزمن اللازم للتعافي من متلازمة ما بعد الفيروس بين شخص وآخر، أشارت دراسة أُجريَت سنة 2017 إلى أن زمن التعافي يقل بعد تشخيص حالة المصاب.

تُعَد الإصابة بمتلازمة ما بعد الفيروس مؤقتة رغم أن أعراضها قد تطول قليلًا، ويُشفى معظم المصابين بها بعد عدة أسابيع من إصابتهم.

لكن تطول مدة ظهور الأعراض عند بعض المصابين لتصل إلى بضعة أشهر. تقول دراسة صغيرة نُشرت في مجلة Viral Immunology إن 31% من المصابين بعدوى فيروس غرب النيل عانوا الإرهاق مدةً تزيد على 6 أشهر بعد شفائهم من الفيروس، وبلغ متوسط الإصابة بهذه الأعراض بين المتعافين 5 سنوات.

يشخص الأطباء المرضى المصابين بمتلازمة ما بعد الفيروس -إن طالت أعراضها- بتشخيصات أخرى، مثل متلازمة التعب المزمن. ويصفون عندها العلاجات اللازمة، وقد تختلف النصائح المُعطاة إلى كل مريض حسب حالته.

ملخص

ترهق معركة التعافي من العدوى الفيروسية الجسم، لكن قد تستمر أعراض التعب والوهن حتى بعد تخلُّص الجسم من الفيروس.

لا يعرف الأطباء تمامًا السبب الحقيقي لمتلازمة ما بعد الفيروس. إذ يرى بعضهم أنها حالة طبية مستقلة، في حين يرى آخرون أن آثار الفيروس قد تحفِّز أعراضًا أخرى مثل متلازمة التعب المزمن والاكتئاب.

يتعافى المصابون بمتلازمة ما بعد الفيروس -خاصةً من تُشخَّص حالتهم باكرًا- خلال بضعة أسابيع. لكن قد تستمر حالات أخرى شهورًا عدة، ويصف الأطباء خيارات علاجية مختلفة لمن يعانون أعراضًا مزعجة تستمر فترات أطول.

استشر طبيبك إن عانيت أعراضًا تستمر أكثر من بضعة أسابيع بعد تعافيك من عدوى فيروسية، للحصول على التشخيص المناسب.

اقرأ أيضًا:

متلازمة التعب المزمن: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

هل يخفي الشعور الدائم بالتعب مشكلة صحية خطيرة؟

ترجمة: آية وقاف

تدقيق: وئام سليمان

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر