مع انشغال البشرية بمكافحة فيروس كورونا المستجد واستحواذه على جل اهتمامها، يتضاءل التركيز على أخطار أخرى تبدو لنا -على خطورتها- بعيدة الحدوث في الوقت الحالي. ومن هذه التهديدات خطر اصطدام كويكب بالأرض.

يشكل هذا السيناريو -على قلة احتماليته- تهديدًا حقيقيًّا، وقد يتسبب -إن حصل- في فناء البشرية، لهذا تعمل وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية على وضع خطة لحمايتنا من هذا التهديد.

من المقرر إطلاق اختبار إعادة توجيه الكويكبات المزدوجة التابع لناسا، المعروف اختصارًا باسم DART في 22 يوليو 2021، وهو يمثل مهمةً إيضاحية لدراسة استخدام التصادم الحركي في تغيير مسار الكويكبات. ستتجه البعثة نحو نظام الكويكبات المزدوجة الصغير المسمى ديديموس، الذي لا يمثل تهديدًا للأرض.

يبلغ طول أكبر الكويكبين الزوجين ديديموس (أ) نحو 780 مترًا، في حين يبلغ طول الكويكب الأصغر ديديموس (ب) نحو 160 مترًا، وسيصطدم المسبار بكويكب ديديموس (ب) الذي يقارب في حجمه أحجام الكويكبات المُهدّدة للأرض.

صورة محاكية لنظام ديديموس الثنائي

صورة محاكية لنظام ديديموس الثنائي

سيقطع المسبار مسافةً كبيرة في الفضاء قبل الوصول إلى ديديموس، إذ من المقرر أن تبدأ رحلته في يوليو 2021، وأن يصل إلى هدفه في 22 سبتمبر، عندما يكون الكويكب المزدوج على بُعد 11 مليون كيلومتر من الأرض.

للوصول إلى هناك، ستعتمد البعثة على محرك أيوني قوي يُسمى (محرك الزينون التطوري NEXT-C) التابع لناسا. يتألف المحرك من مكونين أساسيين، هما منظومة الدفع ووحدة معالجة الطاقة. ويُجهز المحرك للمهمة عبر سلسلة من الاختبارات الأدائية والبيئية.

ستمر منظومة الدفع عبر اختبارات الاهتزاز والفراغ الحراري والأداء قبل دمجها مع وحدة معالجة الطاقة الخاصة بها. وقد أُخضعت أيضًا لمحاكاة تماثل ظروف رحلات الفضاء، مثل الاهتزاز الشديد في أثناء الإطلاق، والبرودة الشديدة في الفضاء.

إزالة وحدة معالجة الطاقة من غرفة فراغ بعد اختبار ناجح

إزالة وحدة معالجة الطاقة من غرفة فراغ بعد اختبار ناجح

إنه محرك قوي.، لكنه لا يشبه الصاروخ الذي يتطلب قدرًا هائلًا من الدفع لرفع الأجسام بعيدًا عن جاذبية الأرض. وهو أقوى بثلاث مرات من نظام الدفع الأيوني NSTAR الذي يحرك مركبتي الفضاء DAWN وDeep Space One التابعتين لناسا.

يُنتج المحرك طاقة دفع تبلغ 6.9 كيلوواط، وقوة دفع تبلغ 236 مليون نيوتن. وقد أنتج دفعةً إجمالية هي الأعلى لأي محرك أيوني، بلغت 17 مليون نيوتن بالثانية. يملك المحرك أيضًا دفعةً محددة، هي مقياس مدى كفاءة استخدامه للوقود الدافع، وبلغت 4190 ثانية، مقابل 3120 لمحرك NSTAR.

لا تحرق المحركات الأيونية الوقود مثل الصواريخ، مع أنها تستخدم الوقود الدافع وهو الزينون غالبًا، وكذلك المحرك المستخدم في هذه المهمة، الذي يُعَد نظامًا مزدوج الشبكة.

يُملأ الزينون في حجرة، حيث يعبر من خلال الشبكة الأولى (المنبع). توفر المصفوفات الشمسية الكهرباء، وتكتسب الشبكة الأولى شحنةً موجبة، فتُشحن أيونات الزينون بشحنة موجبة عندما تمر عبر شبكة المنبع.

ثم تُوجّه نحو الشبكة الثانية (المُسرِّع) سالبة الشحنة، فتندفع إلى خارج المحرك، ما يولد قوة الدفع، ويكون الدفع مساويًا للقوة بين أيونات المنبع وشبكة التسريع.

اختبار محرك الزينون التطوري في غرفة فراغ بوكالة ناسا

اختبار محرك الزينون التطوري في غرفة فراغ بوكالة ناسا

لن يكون المسبار وحيدًا حين يصل إلى كويكب ديديموس الثنائي، إذ ستزود وكالة الفضاء الإيطالية البعثة بستة من الأقمار الصناعية المكعبة الصغيرة Cubesat التي ستنفصل عن المسبار قبل اصطدامه بديديموس (ب). وذلك لتصوير التصادم والحطام الناتج، وإرسال الصور إلى الأرض.

من المتوقع أن يغير التصادم من السرعة المدارية لديديموس (ب) بنحو نصف ملليمتر في الثانية، وسيغير ذلك مدة دورانه بما يكفي كي تلاحظه التلسكوبات الأرضية، وسيخلف حفرةً في سطحه عرضها نحو 20 مترًا.

ومع أن المسبار سيُدمّر عند التصادم، تخطط وكالة الفضاء الأوروبية لمهمة متابعة للبعثة، وهي المهمة (هيرا) المقرر إطلاقها سنة 2024 ووصولها سنة 2027، لن يدرس مسبار هيرا أثر تصادم البعثة السابقة فحسب، بل سيحمل أيضًا مجموعة من الأدوات لمعرفة المزيد عن الكويكبات الثنائية وما بداخلها.

اقرأ أيضًا:

ما هو حزام الكويكبات

اكتشاف كويكب غريب يطلق الجسيمات إلى الفضاء

ترجمة: هاني عبد الفتاح

تدقيق: وئام سليمان

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر