يزيد التدخين من مخاطر الإصابة بـ 56 مرضًا ويُسبب الوفاة لأكثر من مليون بالغ في الصين كل عام، من 22 سببًا مختلفًا، وفقًا لبحث جديد نُشر في The Lancet Public Health.

من المُتوقع أن يتسبب تدخين التبغ في وفاة مليار شخص في جميع أنحاء العالم هذا القرن، وخاصة في البلدان مُنخفضة الدخل ومتوسطة الدخل (LMICs) مثل الصين.

تُظهر الدراسة أن ثلثي الرجال البالغين في الصين هم مدخنون، إذ تتبّعت الدراسة لباحثين من أكسفورد الصحة السكانية بالمملكة المتحدة وجامعة بكين والأكاديمية الصينية للعلوم الطبية، ونصّت على أن حوالي نصف أولئك الذين بدأوا في تدخين السجائر عندما كانوا شُبانًا -قبل سن 18- سوف يتعرضون للوفاة المبكرة بسبب التبغ، في حال لم يتوقفوا عن التدخين.

يزيد التدخين أيضًا من مخاطر الإصابة بمجموعة واسعة من الأمراض، مثل الربو والقرحة الهضمية وإعتام عدسة العين والسكري.

عُرِفَت الآثار الضارة للتدخين منذ سنوات عديدة، وقيّمت دراسات قليلة جدًا منهجيًا -حتى في البلدان الغربية ذات الدخل المرتفع- تأثير التدخين على مجموعة واسعة من الأمراض عند نفس السكان.

استخدم الباحثون بيانات من China Kadoorie Biobank لتقييم الآثار الصحية الشاملة لتدخين التبغ، على الوفاة المُبكرة والاستشفاء من مجموعة من الأمراض وفحص فائدة الإقلاع عن التدخين.

شملت الدراسة أكثر من 512000 بالغ من 10 مناطق حضرية وريفية متنوعة في جميع أنحاء الصين، إذ تمت مقابلتهم لمعرفة نمط الحياة وعوامل السلوك المسببة، بما في ذلك معلومات تفصيلية عن مسيرتهم في التدخين، مثل الأعمار التي بدأوا فيها التدخين ونوع منتجات التبغ التي استخدموها.

تم التحقق من صحة إجاباتهم بقياس غاز أول أكسيد الكربون، بجهاز خاص يقيس مستوى الغاز في الزفير ونسبة الهيموغلوبين الذي يحمل هذا الغاز في الدم وهو مؤشر جيد لمتابعة المدخنين لمعرفة ما إن دخنوا أو تعرضوا الى التدخين خلال 24 ساعة السابقة كما أن المستوى العادي في الرئتين 0 – 5 جزء من المليون، وتكون النسبة الطبيعية في الدم 0-0.96 ٪.

من بين جميع المشاركين، كان 32.4٪ يدخنون بانتظام؛ وكان هذا أعلى بكثير لدى الرجال (74٪؜) من النساء (3٪؜). تمت متابعة المشاركين لمدة 11 عامًا، توفي خلالها أكثر من 48800 مشارك وحصل حوالي 1.14 مليون مرض جديد. وتم تعديل التحليلات لعوامل أخرى مثل العمر والتعليم وشرب الكحول.

النتائج الرئيسية:

  •  من بين 85 سببًا للوفاة تقريبًا و 480 مرضًا تمت دراسته، ارتبط التدخين بارتفاع مخاطر حدوث 22 سببًا للوفاة (17 للرجال و 9 للنساء) و 56 مرضًا فرديًا (50 للرجال و 24 للنساء).
  •  بالمقارنة مع الأشخاص الذين لم يدخنوا قط، الرجال الذين كانوا يدخنون بانتظام أكثر عرضة للإصابة بأي مرض، 6٪ أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري، و 216% لسرطان الحنجرة. كما عانوا أيضًا من فترات بقاء أكثر تواترًا وأطول في المستشفى، لا سيما بسبب السرطانات وأمراض الجهاز التنفسي.
  •  الرجال الذين كانوا يدخنون بانتظام ويعيشون في المناطق الحضرية يميلون إلى بدء التدخين في سن أصغر ويدخنون بكميات أكبر من أولئك الموجودين في المناطق الريفية؛ فقد كانوا أكثر عرضة للوفاة، وخاصة أولئك الذين بدأوا التدخين تحت سن 18.
  •  تبين أنّ الأشخاص الذين توقفوا عن التدخين طواعية -أي قبل الإصابة بأمراض- لديهم مستويات مماثلة من خطر الإصابة بالأمراض مثل الأشخاص الذين لم يدخنوا قط، بعد حوالي 10 سنوات من الإقلاع عن التدخين.
  •  على الرغم من انخفاض معدل انتشار التدخين وشدته بين المدخنات، فإنهن يواجهن مخاطر نسبية مماثلة للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الرئيسية، ما يدل على تعرضهن بشكل خاص لضرر التبغ مقارنة بالرجال.
  •  كان من المحتمل أن يموت المدخنون من الجنسين بمتوسط 3-5 سنوات قبل ذلك، ومن المرجّح أن تزداد فجوة البقاء على قيد الحياة بين المدخنين وغير المدخنين بشكل كبير في العقود القادمة.

قالت كا هونغ تشان، الباحثة في أكسفورد للصحة السكانية والمؤلفة الرئيسية للبحث: «إن النتائج هي تذكير صارخ بالعواقب الوخيمة للتدخين وفوائد الإقلاع عنه وضرورة التوقف قبل ظهور أي مرض خطير. على الرغم من أن بعض التجمعات كانت أقل من تلك التي شوهدت في مناطق السكان ذوي الدخل المرتفع، فمن المحتمل أن يتم تفسيرها من خلال الاستيعاب الأكثر انتشارًا للتدخين في الصين».

قال البروفيسور ليمينغ لي، كبير المؤلفين من جامعة بكين: «أصبح نحو ثلثي الشباب الصينيين مدخنين للسجائر، ويبدأ معظمهم قبل سن 20. ما لم يتوقفوا، سيموت نصفهم تقريبًا».

وفقًا للبروفيسور تشين وانغ، كبير المؤلفين من الأكاديمية الصينية للعلوم الطبية، في بكين، الصين «دون إجراءات سريعة وملتزمة وواسعة النطاق لتقليل مستويات التدخين في الصين، ستواجه البلاد عبئًا صحيًا واقتصاديًا هائلًا من الوفيات المبكرة والأمراض الخطيرة المنسوبة إلى التدخين».

قال تشنغمينغ تشين، أستاذ علم الأوبئة في جامعة أكسفورد للصحة السكانية وأحد كبار المؤلفين: «نحو 40٪ من التبغ في العالم يستهلكه الناس في الصين، بشكل حصري تقريبًا من قبل الرجال. بالنسبة للصين، يمكن أن تنقذ الزيادة الكبيرة في أسعار السجائر والتحذير الفعال من العبوات عشرات الملايين من الأرواح».

حدّت بعض الأساطير حول استخدام التبغ من فعالية رسائل التثقيف الصحي في الصين. وهذا يشمل الاعتقاد بأنّ التدخين أقل خطورة على السكان الآسيويين، والإقلاع عن التدخين قد يكون له عواقب صحية غير مرغوب فيها، واستخدام التبغ جزء جوهري وتقليدي من الثقافة الصينية.

تُبيّن الدراسة الجديدة بوضوح، العواقب الصحية الوخيمة لتدخين التبغ بما يتجاوز الوفيات المبكرة، مع مخاطر مماثلة لكل مدخن لدى الرجال والنساء.

تتوقع الدراسة أن تكون مخاطر التبغ المستقبلية هي الأكبر بين الرجال الذين وُلدوا بعد السبعينيات والذين يبدأ معظمهم في تدخين السجائر قبل سن الـ 20، وستتفوّق المخاطر التي يُواجهها الرجال الريفيون تدريجيًا على الرجال في المناطق الحضرية بسبب ارتفاع معدل انتشار التدخين.

يجب أن تستمر الأبحاث المستقبلية في مراقبة العبء المتزايد للتدخين في الصين، وفي البلدان متوسطة الدخل الأخرى التي تواجه أوبئة تبغ مماثلة.

اقرأ أيضًا:

هل يمكن للسجائر الإلكترونية أن تساعد المدخنين على الإقلاع عن التدخين؟

خبر سعيد للمدخنين، لم يفت الأوان بعد

ترجمة: كلوديا قرقوط

تدقيق:لين الشيخ عبيد

المصدر