ضمّت مدرسة فرانكفورت مجموعةً من المفكرين المعروفين بتطوير النظرية النقدية وتعميم المنهج الجدلي للتعلم، وذلك بدراسة تناقضات المجتمع الرأسمالي.

ترتبط المدرسة ارتباطًا وثيقًا بأعمال ماكس هوركهايمر وتيودور أدورنو وإريك فروم وهربرت ماركوز. لم تكن مدرسةً بالمعنى المادي، بل كانت مدرسةً فكريةً مرتبطةً بمفكرين في معهد البحوث الاجتماعية في جامعة فرانكفورت الألمانية.

ماكس هوركهايمر وثيودور أدورنو سنة 1964

ماكس هوركهايمر وثيودور أدورنو سنة 1964

سنة 1923، أسس الباحث الماركسي كارل غرونبرغ المعهد، الذي موّله في البداية الباحث فيليكس فيل. يُعرَف علماء مدرسة فرانكفورت بنظريتهم الماركسية الجديدة، التي ترتكز على الثقافة؛ إعادة التفكير في الماركسية الكلاسيكية لتلائم حقبتهم الاجتماعية والتاريخية، وقد ثبت أن لهذه النظرية ارتباطًا وثيقًا بمجالات علم الاجتماع والدراسات الثقافية والإعلامية.

ماكس هوركهايمر يتلقى وسامًا من رئيس الجامعة السابق الأستاذ راجوسكي

ماكس هوركهايمر يتلقى وسامًا من رئيس الجامعة السابق الأستاذ راجوسكي

أصول مدرسة فرانكفورت

سنة 1930 أصبح ماكس هوركهايمر مديرًا للمعهد، ووظّف العديد من العلماء الذين عُرفوا معًا باسم مدرسة فرانكفورت. عقب فشل ماركس في توقع الثورة، تخوّف هؤلاء من صعود الماركسية الحزبية الأرثوذكسية والشكل الديكتاتوري للشيوعية، ووجّهوا انتباههم إلى مشكلة الحكم من خلال الأيديولوجيا، أو بواسطة الثقافة، وأعربوا عن اعتقادهم بأن التقدم التكنولوجي في الاتصالات وإعادة إنتاج الأفكار يعزز هذا الشكل من الحكم.

ترتبط تلك الأفكار بنظرية الهيمنة الثقافية للباحث الإيطالي أنطونيو غرامشي. ومن بين الأعضاء الأوائل الآخرين في مدرسة فرانكفورت فريدريش بولوك، وأوتو كيرشيمر، وليو لوفينثال، وفرانز ليوبولد نيومان، وارتبط بها والتر بنجامين في أوجها الفكري في منتصف القرن العشرين.

من الاهتمامات الرئيسية لمفكري مدرسة فرانكفورت، خاصةً هوركهايمر وأدورنو وبنيامين وماركوز، صعود «الثقافة الجماهيرية». تشير هذه العبارة إلى التطورات التكنولوجية التي سمحت بتوزيع المنتجات الثقافية على نطاق واسع، مثل الموسيقى والأفلام والفنون. لاحظ أنه حين بدأ هؤلاء المفكرون بصياغة انتقاداتهم، كانت الإذاعة والسينما ما تزالان ظاهرتين جديدتين، ولم يكن التلفزيون موجودًا بعد.

اعترض هؤلاء على الكيفية التي أدت بها التكنولوجيا إلى التماثل في الإنتاج والخبرة الثقافية، إذ سمحت التكنولوجيا لعامة الناس بالجلوس بسلبية أمام المحتوى الثقافي بدلًا من الالتقاء ببعضهم من أجل قضاء الوقت كما حدث في الماضي، وقد زعم المفكرون أن هذه التجربة جعلت الناس سلبيين وكسولين على المستويين الفكري والسياسي، وسمحوا للأيديولوجيات والقيم المُنتَجة جماعيًا باجتياح وعيهم والتسلل إليه.

جادلت مدرسة فرانكفورت بأن هذه العملية كانت إحدى الحلقات المفقودة في نظرية ماركس عن هيمنة الرأسمالية، وتفسر لماذا لم تحدث الثورة قط. أخذ ماركوز هذا الإطار وطبقه على السلع الاستهلاكية ونمط الحياة الاستهلاكي الجديد، الذي أصبح سائدًا في البلدان الغربية منذ منتصف القرن التاسع عشر، وجادل بأن النزعة الاستهلاكية تعمل على نحو مماثل، لأنها تحافظ على نفسها بخلق احتياجات زائفة لا يمكن أن تلبيها إلا منتجات الرأسمالية.

نقل معهد البحوث الاجتماعية

نظرًا إلى وضع ألمانيا قبل الحرب العالمية الثانية، نقل هوركهايمر المعهد حفاظًا على سلامة أعضائه، إذ انتقل إلى جنيف سنة 1933، ثم بعد عامين إلى نيويورك، إذ أُلحِق بجامعة كولومبيا. وسنة 1953، بعد الحرب، أعيد تأسيس المعهد في فرانكفورت، وأصبح المنظّران يورغن هابرماس وأكسل هونيث نشطين في مدرسة فرانكفورت في أعوامها الأخيرة.

الفيلسوف هربرت ماركوز سنة 1968 عندما كان أستاذًا للفلسفة في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو

الفيلسوف هربرت ماركوز سنة 1968 عندما كان أستاذًا للفلسفة في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو

من أمثلة الأعمال الرئيسة لأعضاء مدرسة فرانكفورت:

  •  ماكس هوركهايمر، النظرية التقليدية والنقدية.
  •  ماكس هوركهايمر وتيودور أدورنو، جدلية التنوير.
  •  ماكس هوركهايمر، نقد العقل الآلي.
  •  تيودور أدورنو، الشخصية الاستبدادية.
  •  تيودور أدورنو، النظرية الجمالية.
  •  تيودور أدورنو، إعادة النظر في صناعة الثقافة.
  •  هربرت ماركوز، الإنسان ذو البعد الواحد.
  •  هربرت ماركوز، البعد الجمالي: نحو نقد النظرية الجمالية الماركسية.
  •  والتر بنيامين، العمل الفني في عصر إعادة الإنتاج الآلية.
  •  يورغن هابرماس، التحول الهيكلي والمجال العام.
  •  يورغن هابرماس، نحو مجتمع عقلاني.

اقرأ أيضًا:

الفيلسوفة الألمانية حنة آرنت: سيرة شخصية

جان بول سارتر: السيرة الذاتية

ترجمة: معتز حرامي

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر