البندقية في حالة الطوارئ، إذ تتعامل المدينة الإيطالية مع عواقب واحد من أسوء الفيضانات في تاريخها. في وقت متأخر من الثلاثاء الموافق 12-11-2019 تدفَّقَ المد والجزر العاليان من البحيرة المحيطة على أكثر من 100 جزيرة تتكون منها مدينة البندقية، إذ غمر الفيضان 85% من المدينة مدمرًا الأعمال الفنية والمواقع التاريخية، هكذا غرد عمدة المدينة Luigi Brugnaro على موقع التواصل الاجتماعي تويتر.

أوضحت الصور ومقاطع الفيديو التي نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي كيف حوَّل الفيضان العنيف الأزقة إلى أنهار مندفعة، تاركًا العبارات المائية الكبيرة في الساحات العامة، ومبللًا بعض أشهر المعالم التاريخية في المدينة، ومنها كاتدرائية القديس Mark التي اكتمل بناؤها عام 1092.

وفقًا لمركز مراقبة المد والجزر المحلي، بلغت مستويات الماء ذروتها عند 6.1 قدم (1.87 متر)، وهذا أعلى مستوى لمياه فيضان منذ أكثر من 50 عامًا، وثاني أعلى مستوى لمياه فيضان في تاريخ المدينة (إذ بلغ 6.3 أقدام أو 1.94 متر في نوفمبر من عام 1966).

مع العلم بأن مدينة البندقية معرضة لبعض الفيضانات الأخرى، أو ما يُعرف محليًّا بـ Aqua Alta، وذلك في كل عام عندما يترافق المد العالي مع الأمطار الغزيرة والرياح القوية.

وأشار Brugnaro إلى أن هذا الفيضان العنيف كان استثنائيًّا، وبلا شك له صلة بالعواصف القوية التي أثارها الاحتباس الحراري.

وقال Brugnaro مغردًا: «إن هذه الفيضانات من الآثار الناجمة عن التغير المناخي، وستكلفنا ثمنًا باهظًا».

وفقًا لـ Nikki Berry وهو خبير أرصاد جوية في BBC، فإنه من بين أعلى 10 مستويات للمد والجزر في البندقية منذ البدء بحفظ السجلات في عام 1923،حدث خمس منها خلال الـ20 سنة الماضية، منها الفيضان الحالي والفيضان الذي حدث في عام 2018.

مدينة البندقية تخضع لأسوء فيضان منذ 50 عامًا.. وعمدة المدينة يلوم التغير المناخي - ما تأثير الاحتباس الحراري على المدن الساحلية

وقد رُبط كلا الفيضانين بعواصف عنيفة تهب من اتجاه الشمال الشرقي عبر البحر الأدرياتيكي (حيث تقع البندقية على ساحل البحر الشمالي)، ويعود ذلك جزئيًّا لتغير وتيرة التيارات المتدفقة، وكتب Berryأنه من المحتمل أن يستمر ذلك مؤديًا إلى عواصف أكثر شدةً وتواترًا مع تزايد التغير المناخي.

يضع كلُّ هذا المدينةَ -التي تغرق بالفعل سنويًّا بمعدل عدة ميليمترات- على شفا خطر حدوث المزيد من الأضرار السنوية المتكررة.

ولتخفيف هذه الأضرار طورت الحكومة الإيطالية مجموعة من الحواجز المائية ومسربات الفيضان المعروفة باسم مشروع Mose منذ الثمانينيات، واخُتبر المشروع للمرة الأولى عام 2013، وقد كلف مليارات اليوروات، ومن المحتمل أن يكون جاهزًا للتنفيذ عام 2021 بحسب BBC.

أُبلغ عن مصرع شخصين بسبب الحوادث المرتبطة بالفيضانات منذ الثلاثاء، وتوفي رجل يعيش في Pellestrina (واحدة من الجزر الكثيرة التي تكوِّن مدينة البندقية) نتيجة صعق كهربائي وهو يحاول أن يشغل مضخة المياه في منزله، وأُبلغ عن وفاة شخص آخر في منزله بسبب حادث ليس له علاقة بالفيضان.

غرقت كاتدرائية القديس Mark -الكاتدرائية الشهيرة الموجودة في الساحة المركزية في المدينة- للمرة السادسة منذ 1200 عام، ووفقًا لما ذكرته الغارديان فإن أربعة من هذه الفيضانات حدثت خلال الـ20 سنة الماضية.

وبحسب Brugnaro فإن هذا المعلَم التاريخي عانى أضرارًا جسيمة في أعمدته الهيكلية، وغُمرت السراديب أسفل الأرض بالكامل، وتظهر أضرار المياه المنتشرة في المدينة في الكثير من متاجرها وفنادقها ومعالمها التاريخية.

قال مركز الطقس في المدينة: «من المحتمل حدوث المزيد من الفيضانات والمد والجزر العاليين خلال الأسبوع المقبل».

اقرأ أيضًا:

ما الفرق بين الاحتباس الحراري و التغير المناخي ؟

التغير المناخي يسبب اضطراب الرحلات الجوية

ترجمة: يزن باسل دبجن

تدقيق: زيد الخطيب

مراجعة: صالح عثمان

المصدر