يصيب مرضا نادر يُشبه الانفلونزا الرجال بعد هزة الجماع، لكن العلماء يعتقدون أنّ انتشاره أكبر مما نعتقد بسبب عدم وجود تشخيص واضح للمرض.

تم الإبلاغ عن هذه الحالة – والتي تسمى متلازمة مرض ما بعد هزة الجماع (Post-Orgasmic Illness Syndrome – POIS)  أول مرة في عام 2002، ومنذ ذلك الحين تم توثيق ما يقرُب من 50 حالة عانى فيها الرجال بعد القذف من أعراض حساسية وأعراض تشبه الانفلونزا.

قد تظهر هذه الأعراض بعد القذف بثواني أو دقائق أو ساعات، وهي تشمل التعب الشديد والوهن العضلي والحمى والتعرق وتعكر المزاج وحِدّته بالإضافة إلى صعوبة في التذكُّر والتركيز والكلام غير المفهوم.

بحسب مراجعة جديدة لمتلازمة POIS أجراها الباحثون في جامعة تولان Tulane University فإنّ هذا الداء المزمن يستطيع إحداث هذه الأعراض حتّى أسبوع بعد القذف، لكن على الرغم من خطورة تأثيرات هذه المتلازمة، فنحن نعرف القليل جدًا عنها.

أحد الأسباب لذلك هو أنّه حتى الآن كان هناك القليل من الدراسات حول هذه الحالة، على الرغم من أنّ متلازمة POIS مصنّفة كمرض نادر من قِبل المؤسسات الوطنية التابعة لمكتب الصحة لأبحاث الأمراض النادرة.

نتمنى مع ازدياد معرفتنا حول المرض أنّ المزيد من المرضى سيسعون للحصول على تقييم وعلاج طبي، وهذا بدوره سيخبرنا بالمزيد حول سبب هذه الحالة غير المعتادة والتي تؤثر على الرجال الذين يقذفون خلال الجماع أو خلال ممارسة العادة السرية أو خلال الاحتلام (القذف أثناء النوم).

وبالطبع، فإنّ السؤال البديهي هو: لماذا يعاني الرجال المصابون بـالمرض من ردود الفعل الشديدة هذه بعد أن يقذفوا؟ بحسب الفريق البحثي من جامعة تولان فإنّ النظرية الرئيسية تم اقتراحها من بعض العلماء الهولنديين الذين كانوا أول من وصف المرض في عام 2002.

ذكر الباحثون في بحثهم: «لقد افترض العلماء الهولنديون أنّ مرض POIS هو نوع من اضطرابات الحساسية وخلل المناعة والذي يقوم بتوليد تفاعل التهابي لإحدى المواد الموجودة في السائل المنوي الذكري».

بشكلٍ مُختصر، يُعتقَد أنّ السائل المنوي الخاص بالذكر نفسه، أو إحدى مكوناته، تثير ردًا مناعيًا من نوع ما عندما تلامس الأعضاء الأخرى للجسم، كالجلد.

ويبدوا أنّ التجارب اللاحقة التي أُجريت عن طريق وخز الجلد قد دعمت هذه النظرية، حيث أنّ 29 مريضًا مُصاب بـ POIS من أصل 33 قد تولد لديهم رد فعل مناعي بعد أن تم وخذهم بسائلهم المنوي، بينما لم يُظهر الوخذ بسائل آخر غير ضار نفس رد فعل.

ومما يثير الفضول هو أنّ هذه التحريات قد تشير إلى أمل محتمل لعلاج هذه الحالة.

في واحدة من الدراسات تلقى رجلين مصابين ب POIS جرعات متكررة من سائلهم المنوي وتم زيادة الجرعات مع الوقت، لوحِظ أنّ كلا الرجلين أبلغوا عن تراجع الأعراض بعد 15 إلى 31 شهر من العلاج.

إنّ هذا التفسير للمرض يشير إلى أنّ النساء أيضًا من الممكن أن يتأثروا بالمستضد الموجود في السائل المنوي، وكان هناك حالة واحدة على الأقل أُبلِغ بها عن إمرأة عانت من أعراض الـ POIS، على الرغم من أنّ كل ما نعرفه عن هذا المرض هو من الرجال الذين يعانون منه.

وتقترح نظرية أخرى أنّ هذا المرض يَنتُج عن اختلالات كيميائية في الدماغ، إذ يتعامل الدماغ مع هزة الجماع بأعراض تشبه تلك الأعراض الخاصة بالانسحاب عند التوقف عن تعاطي المواد الأفيونية.

جدير بالذِكر أنّ إحدى الدراسات أظهرت أنّ أكثر من نصف الرجال المصابين بالمرض كانوا يعانون أيضًا من القذف المبكر، ولكن الرابط ما بين الحالتين ما زال غير واضحًا.

بينما لا يوجد الآن أي علاج متاح لمرض POIS، فإنّ الأبحاث المستقبلية قد تساعد في كشف بعض الغموض الذي يحيط بهذا المرض الغريب.

ينتهي المطاف بالعديد من المصابين بالمرض إلى تجنب النشاط الجنسي خوفًا من الأعراض التي يثيرها المرض، وهو ما يُعد قرارٌ كارثي يسبب خسارة لا مفر منها في الحياة والسعادة والعلاقات.

نتمنى أن يقوم العلم بكشف المزيد حول هذا المرض كي لا يضطر الأشخاص المصابين ب POIS بتجنب النشاط الجنسي الذي من المفترض أن يُشعرهم بالسعادة، لا العكس.

مواضيع ذات صلة:


  • ترجمة: سيمون العيد
  • تدقيق: وائل مكرم
  • تحرير: يمام اليوسف
  • المصدر