Parkinson٢

كما وعدناكم أصدقائي، الجزء الثاني من مرض باركنسون. في هذا الجزء سنتكلم عن أساليب تشخيص وعلاج المرض وآخر ما توصّل إليه الباحثون للحد من تطور باركنسون وتقدّمه. الرعاش هي متلازمة عصبية تتميز بالرجفة والتصلب وعدم الاستقرار الموضعي وانعدام الحركة (انخفاض حركات الجسم)، والمتلازمة هي مجموعة الميزات والإشارات والظواهر والأعراض المتنوعة السريرية التي تحدث مع بعضها. يعد مرض باركنسون المسبب الرئيسي للرعاش – لكن ببساطة، يتضمن الرعاش الأعراض والإشارات التي تشبه مرض باركنسون.

تشخيص المرض:

باركنسون مرض مزمن، مما يعني بأنّه يستمر لفترة زمنية طويلة، ومرض يتقدم، بمعنى أن أعراضه تنمو بصورة أسوأ بمرور الوقت. بالرغم من أن بعض الناس يصبحون مقعدين بصورة شديدة، يواجه آخرين عراقيل حركية بسيطة. الهزّة هي العلامة الرئيسية لبعض المرضى، بينما لبعض المرضى الآخرين، الهزّة هي مجرد شكوى بسيطة مقابل أعراض أخرى أكثر إزعاجا. لا أحد يمكن أن يتوقّع أيّ عارض من الأعراض سيصيب المريض، وتتفاوت كثافة العارض أيضا من شخص إلى أخر. يشخّص الفيزيائي الإختصاصي مرض باركنسون من التاريخ الطبي والإختبار العصبي. لا يوجد فحص مخبري من الممكن أن يحدد المرض بشكل واضح، لكن فحوصات الدماغ يمكن أحياناً أن تستبعد الإضطرابات التي يمكن أن تزيد من الأعراض المشابهة. لتأكيد التشخيص، يُعطى المرضى ليفودوبا levodopa (دواء يتحول إلى دوبامين في الجسم لحل مشكلة نقص الحركة) مما يؤدي إلى تغير في الإعاقة الحركية. يعد وجود أجسام ليوي Lewy bodies في الدماغ الأوسط عند التشريح إثبات بأن الشخص لديه مرض باركنسون. لربما يكشف تطور المرض مع الوقت أنه ليس مرض باركنسون، وبعض الأبحاث توصي بالمراجعة الدورية للإضطراب.

يمكن أن تنتج متلازمة نقص الحركة Parkinsonism عن أسباب ثانوية أخرى كمرض الزهايمر Alzheimer’s disease، المخالفة الدماغية المتعددة multiple cerebral infarction والمخدرات المحرضة لنقص الحركة. المتلازمات المتطورة من باركنسون -Parkinson plus syndromes- كالشلل النووي فوق التدريجي progressive supranuclear palsy وضمور النظام المتعدد يجب أن تستبعد. تعد مضادات باركنسون الطبية أقل فعالية في التحكم بأعراض متلازمات باركنسون المتطورة. فان معدلات تطور سريعة للاعراض بالاضافة الى التعطل الحركي المبكر أو انعدام الإستقرار الموضعي، الرعشة والرجفة عند مريض ما من الممكن أن تدل على مرض باركنسون متطور بدلاً من مرض باركنسون PD بحد ذاته. يُصنَّف المرض الذي سببه جيني عادةً كـ PD أي مرض باركنسون عادي، على الرغم من أن نموذج مرض باركنسون العائلي familial Parkinson’s disease و متلازمة نقص الحركة familial parkinsonism تعود للأليلات المتنحية والسائدة في النمط الوراثي للأبوين. من جهةٍ أخرى، أنشأت منظّمات طبية معايير تشخيص للتأكد والإطمئنان من سير العملية التشخيصية، خاصةً في المراحل المبكرة للمرض.

الوقاية من باركنسون :

يُظهر إستهلاك الكافيين دور واقي من مرض باركنسون بإنخفاض كبير في معدل خطر الإصابة وذلك بأخذ جرعات كبيرة من المشروبات الغنية بالكافيين مثل القهوة. على الرغم من أن للتبغ تأثيرات مرضية عكسية، يقلل من طول حياة الفرد، إلا أنه من الممكن ان يقلل من خطر الباركنسون مقارنةً مع الغير مدخنين. أساس هذا التأثير غير معروف، لكن المعطيات تقول بأنه هناك تأثير للنيكوتين كمنشّط للدوبامين. من الجدير بالذكر أنه تم إقتراح مضادات الأكسدة كالفيتامين C و D للوقاية من المرض، لكن نتائج الدراسات الأخيرة تقول بأنه ما من تأثير إيجابي لهذه الفيتامينات.

علاج مرض باركنسون :

مرض باركينسون من الامراض المزمنة والتي تتطلب أكثر من العلاج الدوائي. مريض باركينسون يحتاج إلى الدعم النفسي والعلمي من خلال اسرته نفسياً ومن خلال المعالج تثقيفياً. قد يحتاج مريض الرعاش لطبيب العلاج الطبيعي physiotherapist واختصاصي تغذية بالإضافة إلى إعداد خطط عامة للمريض من أجل المحافظة على صحته العامة. غالبية الأدوية التي توصف لمريض الرعاش أدوية لا تبطء من تقدم المرض وتطوره ولكنها للتخفيف من الاعراض. ومن الجيد أن نلاحظ أن ليس جميع المرضى توصف لهم أدوية علاجية, بل وفي بعض الأحيان يتم تاجيل العلاج لأن الدواء له فاعلية محددة بالزمن. في الوقت الحاضر، ليس هناك علاج، لكن هنالك مجموعة أدوية تعطي المريض فترة راحة من الأعراض. عادة، يعطى المرضى ليفودوبا levodopa مع كاربيدوبا carbidopa. يؤَخِّر الكاربيدوبا تحويل الليفودوبا إلى الدوبامين حتى يصل الدماغ. الخلايا العصبية يمكن أن تستعمل الليفودوبا لتصنيع الدوبامين وإعادة ملئ مخزون الدماغ من الدوبامين. بالرغم من أن الليفودوبا يساعد على الأقل ثلاثة أرباع المصابين، لا تستجيب كلّ الأعراض بصورة منتظمة لهذا العقار. بطئ الحركة والصلابة يتجاوبان بصورة أفضل، بينما الهزّة واضطرابات النطق و الصوت قد تكون تخف بشكل قليل. مشاكل التوازن والأعراض الأخرى قد لا تخف مطلقا. مضادات الكولين Anticholinergics قد تساعد على السيطرة على الهزّة والصلابة. عقاقير أخرى، مثل البروموكربتين bromocriptine، بيرجوليد pergolide, براميبيكسول pramipexole، وروبينيرول ropinirole، تقلّد دور الدوبامين في الدماغ، مما يجعل الخلايا العصبية تتستجيب كأن الدوبامين موجود. يبدو أن الأمانتادين amantadine، عقار مضاد للفيروسات، يساعد أيضا في تخفيض الأعراض. في بعض الحالات، قد تكون الجراحة ضرورية إذا لم يستجب المريض للعقاقير. يوجد الآن علاج يسمى تحفيز عميق للدماغ (Deep Brain Stimulation) أو اختصارًا دي بي إس، وهو مصادق من إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية. في دي بي إس، تزرع أقطاب كهربائية في الدماغ وتربط إلى أداة كهربائية صغيرة تسمى مولّد نبض، والتي يمكن أن تبرمج. دي بي إس يمكن أن يخفّض الحاجة لـ levodopa وعقاقيرأخرى، الأمر الذي يقلل من الحركات اللاإرادية، والتي تسمى ضعف حركة، وهو أحد الأثار الجانبية المعروفة لعقار levodopa. يساعد أيضا في تخفيف تقلّبات الأعراض وتقليل الهزّات، بطئ الحركات، ومشاكل المشي. يتطلّب دي بي إس برمجة حذرة لمولد النبض حتى يعمل بشكل صحيح.

وهنا نظرة أشمل عن الأدوية المستخدمة في علاج مرض باركنسون:

أولا: البريميدون (primidone) والبروبرانولول (Propranolol) هذا الدواء قد يستخدم أحيانا في التحكم بالرعاش, بالرغم من كونه دواء يستخدم في علاج ضغط الدم المرتفع (propranol) أوعلاج الصرع.

ثانيا: Anticholinergics عدة أدوية تدخل في سياق هذه الفئة وتستعمل بشكل عام في التقليل من حدة الاعراض وخاصة الرعاش, لكن مشكلة هذه الفئة الكبرى انها قد تسبب الهلوسة والتشوش وخاصة لدى الكبار في السن من امثلة هذه الفئة: Cogentin, Artane, Akineton, Disipal and Kemadrin.

ثالثاً: monoamine oxidase-B inhibitors or MAO-B inhibitors. هذه الفئة من الأدوية تستعمل في العلاج المبكر لمرض باركينسون، وخاصة لتأخير الحاجة لليفودوبا. هذه الفئة تعمل على تثبيط انزيم يسمى مونو أمينو أكسيداز الذي تتمثل وظيفته باستقلاب الدوبامين وعن طريق تثبيطه يبقى الدوبامين لفترة أطول في الدماغ دون أن يتم استقلابه, وهذا سيساعد في الحفاظ على كمية أكبر من الدوبامين. وقد وجد حديثا ان الجمع بين هذا

الدواء مع الليفودوبا يزيد من احتمالية الوفاة, والأسباب مجهولة.

من أدوية هذه الفئة: Selegiline Eldepryl, Zelapar and rasagiline Azilect

رابعاً: الأمانتادين هذا الدواء يوصف لحالات باركينسون الغير حادة والمعتدلة، بالإضافة إلى كونه يستعمل في علاج الانفلونزا أ. هذا الدواء يتميز بكونه امنا في الغالب، كما يمكن استعماله بمفرده أو مع غيره من الأدوية.

خامساً: Levodopa وهو من الأدوية الرئيسية في علاج باركينسون, وهو فعال بشدة، خاصة بشأن مشاكل بطء الحركة. تأثير هذا الدواء الفعال يكمن في أن الجسم يستطيع تحويله إلى دوبامين, وبالتالي تحل مشكلة نقص الدوبامين. المشكلة الرئيسية هنا، أن ليفودوبا قد يتحول إلى دوبامين في أي مكان غير الدماغ، وبالتالي عدم نفعه, بل وتسببه في ظهور اعراضه الجانبية المعروفة. ان تقدير ما يصل إلى الدماغ منه عادة هو من 1-5% فقط.

المشكلة الثانية التي تكتنف استعمال ليفودوبا, هو أنه يحرض feedback inhibition(كبح التلقيم الراجع السلبي) وبالتالي يقلل من الإنتاج الطبيعي للدوبامين في الجسم. ولكي نحمي ليفودوبا من التحلل قبل الوصول إلى الدماغ, فانه يخلط عادة مع مركب يدعى (carbidopa), ويعطى كحبة دواء، واسمها التجاري هو Sinemet أو قد يخلط مع benserazide وتسمى madopar))

من أعراض ليفودوبا الجانبية : الغثيان, القيئ, الدوار، وتغيير ايقاع القلب في بعض الأوقات. وبعد استخدامه لفترة تظهر اعراض الإعياء, التشوش وحركات غريبة لا إرادية. قد تظهر هذه الاعراض مباشرة قبل استحقاق الجرعة التالية من الدواء بقليل، لذلك يستحسن تغيير مواعيد الدواء من وقت لآخر لتفادي هذه الاعراض.

سادساً: شادات الدوبامين Dopamine agonists : بعض المركبات تعمل عمل الدوبامين، ويمكن ان تحسن أداء الليفودوبا عندما تعطى في نفس الوقت. اعطائها مع الليفودوبا قد يسيء من اعراضه الجانبية, هذا غير ان له اعراضا جانبية بنفسه مثل الهلوسة والارق ؛ لذلك يجب توخي الحذر عند وصف هذه الأدوية. من المشاكل الرئيسية في وصف هذا الدواء، هو ان بالرغم من كونه فعالا في كونه بديلا عن الدوبامين الطبيعي, وعمله على تشغيل مستقبلات الدوبامين, الا انه قد وجد ان هذه الأدوية تعمل على تقليل حساسية مستقبلات الدوبامين للدوبامين الطبيعي, وبالتالي، تزيد اعراض المرض في الظهور بقوة. لذلك, فان هذه الأدوية تستعمل عادة في الحالات المتأرجحة من فقدان السيطرة على الحركة، عند إعطاء جرعات عالية من الليفودوبا.

سابعا: مثبطات كاتيكول O متيل ترانسفيراز COMT inhibitors ( (tolcapone,entacaponeهذه الأدوية تعمل على تثبيط انزيم كومت، وبالتالي إطالة مفعول الدوبامين الطبيعي والليفودوبا أيضا. لذلك فهو قد يستعمل مع ليفودوبا. ولكن نظراً لأنه قد يسبب فشل في الكبد، فإن استعماله محدود.

العلاج الجراحي لمرض باركنسون : بدأت الأبحاث حول العلاج الجراحي بالتزايد مؤخراً في بعض المراكز العالمية وتظهر بعض الأخبار عن هذا الموضوع في صفحات الجرائد. وتحتوى القائمة التالية على الحقائق التي تم إثباتها وممارستها لعدة سنوات وفي أكثر من دولة:

1. لا يزال العلاج بالأدوية هو الأساس.

2. الجراحة يتم اللجوء إليها في فئة قليلة من المرضى وهم الذين رغم علاجهم بالأدوية لا زالوا يعانون من :

· الرعشة الشديدة التي تؤثر كثيراً على حياة المريض ولا تستجيب للعلاج الدوائي.

· الحركات اللاإرادية الشديدة التي تؤثر كثيرا على حياة المريض ولا تستجيب للعلاج الدوائي.

3. هذا النوع من الجراحات يجب عمله في مراكز متقدمة وعلى يد فريق متخصص يشمل خبير أمراض حركية وخبير جراحة الأمراض الحركية.

4. هناك احتمالية لمضاعفات مثل نزيف المخ أو شلل أو التهابات.

5. هناك قلق حول حصول بعض الأعراض النفسية مثل الاكتئاب بعد العمليات.

6. لا ينصح بها لكبار السن أو لمن لديه أعراض نفسية.

[divider] [author ]اعداد: مصطفى بجود | تدقيق لغوي: رنيم لبابيدي[/author] [divider]

مصدر١، مصدر٢