تُعَد الأقمار الصناعية جزءًا أساسيًّا من حياة علماء الفلك في العصر الحديث. يدور أكثر من 2000 قمر صناعي نشط حول الأرض حاليًا، وقد تمكنت أذكى عقول التصوير الفوتوغرافي الفضائي من إيجاد طرق لإزالة الأجسام العرضية (مثل الأقمار الصناعية) من صورهم الفضائية. لكن بعد ذلك أتى مشروع ستارلينك Starlink. المشروع هو جزء من خطة شركة SpaceX لإطلاق نحو 42 ألف قمر صناعي، لتزويد الأرض بتغطية كاملة للإنترنت، أُطلق منهم 122 قمرًا حتى الآن. وبعد الإطلاق الأول في مايو، أعرب علماء الفلك عن قلقهم.

الآن بدأ الإطلاق الثاني، وبدأت المخاوف تتحقق بالفعل.

في الساعات الأولى من صباح يوم 18 نوفمبر، حلقت أقمار ستارلينك المنطلقة حديثًا، من أمام المرصد Cerro Topology Inter-American (CTIO) شمال تشيلي، وملأت تمامًا صورةً التقطتها كاميرا الطاقة المظلمة DECam.

كل واحد من المسارات المنقطة في الصورة هي لأحد أقمار ستارلينك.

مشكلة ستارلينك التي كان الفلكيون قلقين حيالها تتحقق الآن! - تُعَد الأقمار الصناعية جزءًا أساسيًّا من حياة علماء الفلك في العصر الحديث

في أثناء قيامها بنحو 40 عملية رصد لسحب ماجلان Magellanic Cloudsالكبرى والصغرى، دخل سرب الأقمار الصناعية الخاص بمشروع ستارلينك في نطاق رؤية الكاميرا، قبل 90 دقيقة من شروق الشمس، وكانت لامعةً براقة في الصباح الباكر، واستغرقت 5 دقائق كاملة قبل أن تخرج من نطاق التصوير.

كتبت الفلكية كلارا مرتينيز فاسكيز Clara Martinez-Vazquez على تويتر إنها مصدومة مما حدث. وأشارت إلى وجود 19 مسارًا، هي أكثر بكثير من مجرد مسارات عادية لأقمار صناعية.

ستظل الأقمار الصناعية معتمةً في سماء الليل (مع وجود بعض المشاكل)، فقط بعد غروب الشمس مباشرةً أو في الصباح الباكر، بينما ما تزال السماء مظلمة، ستنعكس أشعة الشمس على الأقمار الصناعية، ما سيجعلها مرئيةً سواءً بتلسكوبات المراصد المتطورة أم بالمناظير العادية.

وصرح سيس باسا Cees Bassa من المعهد الهولندي للفلك، لمجلة (Forbes): «هذه الأجسام كبيرة نسبيًّا، وعندما تسطع أشعة الشمس، ستصبح لامعةً بما يكفي لرصدها سواءً بالمنظار ثنائي العدسات أم بالمعدات الأكبر».

يثير هذا حفيظة الفلكيين، وقد سبق أن أبدوا تحفظهم حيال مشروع ستارلينك، لأنه سيسبب وجود الكثير من الأجسام في المدار حول الأرض، ما سيؤثر على قدرتهم على رؤية الفضاء ورصده.

صرح آلان دوفي Alan Duffy الفلكي بجامعة Swinburne، بعد المرحلة الأولى من إطلاق أقمار ستارلينك: «إطلاق مجموعة كاملة من الأقمار الصناعية إلى الفضاء يعني على الأرجح نهاية قدرة تلسكوبات الراديو- مايكرويف الأرضية microwave-radio telescopes على مسح السماء بحثًا عن أجسام الراديو الخافتة».

أُطلقت الدفعة الثانية من ستارلينك المكونة من 60 قمرًا صناعيًّا في 11 نوفمبر، ومن المقرر أن يكون ارتفاعها التشغيلي النهائي أقل ارتفاعًا من الدفعة الأولى.

وقد لاحظ مراقبو السماء أن أقمار ستارلينك تظهر بوضوح، وتبدو ألمع من الأقمار الأخرى. لو أن آلاف الأقمار الصناعية الإضافية لا تشكل مشكلةً في ذاتها، فإن مجرد كونها لامعةً للغاية سيجعل الفلكيين في ذروة الغضب.

مشكلة ستارلينك التي كان الفلكيون قلقين حيالها تتحقق الآن! - تُعَد الأقمار الصناعية جزءًا أساسيًّا من حياة علماء الفلك في العصر الحديث

يستطيع الفلكيون إزالة مسارات الأقمار من صورهم، لكن الكثير من المعلومات التي يستخدمها العلماء موجودة في الصور الأولية، وليس في الصور المعدلة. إضافةً إلى أن بعض الصور تحتوي 19 مسارًا يجب إزالته.

تعامل بعض الأشخاص مع الأمر بالسخرية من إيلون ماسك مدير شركة SpaceX عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

كيف سيتعامل العلماء وشركة SpaceX مع هذه الاحتياجات المتضاربة؟ ما زلنا لا نعرف. لكن مع وجود عمليتي إطلاق إضافيتين مقررتين قريبًا، لن تكون هذه المرة الأخيرة التي نسمع فيها عن هذه المشكلة.

اقرأ أيضًا:

ظهور مشاكل في أسطول الأقمار الصناعية لشركة سبيس إكس

طريقة جديدة للتخلص مِن الأقمار الإصطناعية بعد إنتهاء مهمتها

ترجمة: محمد رشود

تدقيق: رزوق النجار

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر