بعد توقف استمر ثلاثة أعوام بسبب أعمال الصيانة والتطوير، استأنف مصادم الهادرونات الكبير العمل مجددًا بطاقة غير مسبوقة.

وصلت حزمة البروتونات في أثناء التشغيل التجريبي إلى مستويات طاقة قياسية مقدارها 6.8 تيرا إلكترون فولت، بعد عدة أيام فقط من الضبط والتعديل، وهو ما فاق الرقم السابق المسجل عام 2015 بواسطة المصادم ذاته، ومقداره 6.5 تيرا إلكترون فولت.

يقول يورغ فينينغر، مدير العمليات ومنسق المعدات في منظمة الأبحاث النووية الأوروبية: «مستويات الطاقة الجديدة قريبة جدًا من الطاقة القصوى المصممة للمصادم، وهي 7 تيرا إلكترون فولت». ينتظر فريق مصادم الهادرونات الكبير استقرار العمليات في غضون عدة أشهر، ليبدأ العمل على حل بعض الألغاز العلمية التي يُحتمل أن تدفع النظريات الفيزيائية نحو آفاق جديدة.

يعكف فينينغر وفريقه حاليًا على إرسال حزمات متفرقة تتكون من كمية صغيرة نسبيًا من البروتونات داخل المصادم البالغ طوله 27 كيلو مترًا، الواقع تحت الأرض على الحدود الفرنسية السويسرية، ويتخذ شكل حلقة من المغانط فائقة التوصيلية.

ينصب تركيز المهندسين حاليًا على التحقق من أمان المصادم وسلامة تشغيله، خاصةً بعد التعديلات العديدة التي أجريت في أثناء التوقف، قبل بدء تنفيذ عمليات تصادم فائقة الطاقة، لتلافي أي أعمال صيانة مكلفة كتلك التي وقعت عند بدء تشغيل مصادم الهادرونات الكبير أول مرة عام 2008.

يوضح مايك لاموت، رئيس قسم المعجلات والتكنولوجيا: «طورنا المعدات والأجهزة تطويرًا جذريًا في أثناء التوقف الثاني الطويل لمجموعة المعجلات».

«مر مصادم الهادرونات الكبير ببرنامج تحديث مكثف وأصبح جاهزًا للعمل بطاقة أعلى، إضافةً إلى تقديمه بيانات أكثر تفصيلًا بفضل التطويرات الجذرية في مجموعة الحقن».

أدت المعلومات التي جمعها العلماء في أثناء التشغيل الأول للمصادم إلى اكتشاف جسيم بوزون هيغز، الاكتشاف الحائز على جائزة نوبل.

مع أن التشغيل الثاني لم يُوفق في التوصل لاكتشافات تقارب أهمية اكتشاف بوزون هيغز، الفترة بين عامي 2015 و2018، فإنه نجح في تطوير قدرات الطاقة والسطوع داخل المصادم. أما التشغيل الثالث فسيستمر حتى عام 2026.

طوّر مهندسو مصادم الهادرونات الكبير خلال السنوات الثلاثة السابقة نظام المغناطيسات بغرض زيادة تركيز الحزمة، ما يحفز عددًا أكبر بكثير من التصادمات كل ثانية.

طُور أيضا برنامج تحليل البيانات، ورُفعت قدرته ليحلل قرابة 30 مليون دورة للجسيمات كل ثانية. وأُضيفت تجربتان جديدتان لمهام مصفوفة المستشعرات داخل المصادم للبحث في ظواهر جديدة خارج نطاق الفيزياء التقليدية.

من المنتظر أن يساعد تفسير هذه الظواهر على فهم طبيعة المادة المظلمة نادرة الوجود في كوننا. ومن المحتمل أن تؤكد احتمالية وجود الأجسام فائقة التماثلية أو تسهم في اكتشاف أبعاد جديدة أو ثقوب سوداء ميكروسكوبية أو قوة أساسية خامسة من قوى الطبيعة.

يصرح سام هاربر عضو فريق المستشعرات: «ما زلت عاكفًا على البحث عن القوة الخامسة الأساسية منذ بدأت عملي باحثًا في فيزياء الجسيمات».

اقرأ أيضًا:

ربما اكتشف العلماء قوة جديدة للطبيعة في إحدى تجارب مصادم الهادرونات الكبير

باحثون يحاولون إيجاد «أحاديات القطب المغناطيسي» باستعمال مصادم الهادرونات الكبير

ترجمة: أحمد أسامة أبوحليمة

تدقيق: طارق طويل

المصدر