مغالطة الشخصنة، أو مغالطة الحجة الشخصية، هي نوع من المغالطات الشائعة استعمالًا والمفهومة بصورة خاطئة عمومًا، إذ يفترض كثير من الناس أن كل هجوم شخصي لا بد أن يقع تحت عنوان مغالطة الشخصنة، لكن ذلك ليس صحيحًا؛ فبعض التعديات ليست مغالطة شخصنة وبعض مغالطات الشخصنة ليست إهانات مباشرة.

يعني مصطلح مغالطة الشخصنة هو محاججة الشخص أو المحاججة ضد الشخص؛ فبدلًا من انتقاد القول وبراهينه يُنتقد القائل نفسه، وتلك مغالطة علاقة (أو مغالطة ارتباط)، لأن إسقاط القائل لا يعني بالضرورة إسقاط قوله وحججه، والشكل العام لهذه المغالطة: يوجد شيء مذموم يتعلق بفلان، ولذلك تكون دعوى فلان باطلة.

أنواع مغالطة الشخصنة

يمكن تصنيف مغالطة الشخصنة إلى خمسة أنواع:

 القدح الشخصي:

وهو أشهر أنواع هذه المغالطة وأكثرها شيوعًا، وفيه يُذم شخص القائل أو يُهاجم، ويلجأ الناس إلى القدح الشخصي حين ييأسون من محاولة إقناع أحد الأشخاص أو الجمهور بوجاهة موقف ما وعقلانيته، فيأخذون بمهاجمة المقابل هجومًا شخصيًا.

 أنت أيضًا تفعل هذا، أو الخطأ لا يُعالج بالخطأ، أو التوسل بالنفاق:

وهو نوع من مغالطة الشخصنة لا يهاجم شخصًا ما بأمور عشوائية لا علاقة لها بالموضوع، بل يهاجم خطأً وقع فيه المقابل عند عرض دعواه، وعادةً ما ُينتقد الخصم هنا لفعله أمًرا يجادل ضده الآن.

الشخصنة الظرفية، أو التعريض بالظروف الشخصية:

وهو رفض الدعوى (الحجة) بمهاجمة مجموعة كاملة من الناس يُفترض أنها تقبلها، ويُشتق الاسم من حقيقة أن هذا النوع من مغالطة الشخصنة يُوَّجه إلى ظروف أولئك الذين يتخذون من تلك الدعوى موقفًا لهم.

 مغالطة الأصول، أو المغالطة الجينية:

وفيها تُهاجم أصول الموقف الذي يدافع عنه شخص ما (أصول حجته) بدل مهاجمة الدعوى نفسها أو قائلها، ويتخذ هذا النوع من مغالطة الشخصنة من أصل الفكرة ومصدرها موضوعًا للتقييم من ناحيتي صحته وعقلانيته.

 تسميم البئر:

هجوم استباقي يتخذ من شخصية المقابل موضوعًا له، محاولًا أن يُظهر الهدف بصورة سيئة قبل حتى أن يتفوه بأي قول.

تتشابه كل هذه الأنواع من مغالطة الشخصنة، بل تكاد تتماثل في بعض الحالات، ولأنها تتضمن مغالطات الارتباط (مغالطات العلاقة)، تتحقق مغالطة الشخصنة حين توجه التعليقات نحو جانب يتعلق بالشخص نفسه ولا صلة له بموضوع النقاش.

الشخصنة الجائزة

من المهم تذكر أن الشخصنة ليست مغالطة دائمًا، فبعض الأمور المتعلقة بالشخص نفسه تتصل بموضوع النقاش أصلًا أو بالبراهين والحجج المستعملة، فأحيانًا يكون من المشروع تمامًا الحديث عن مدى دراية شخص ما في موضوع معين وجعل ذلك سبًبا للشك بآراء هذا الشخص في ذلك الموضوع أو حتى رفضها، وعلى سبيل المثال:

فلان ليس عالم أحياء ولا خبرة له في هذا العلم، ولذلك فآراؤه عن الممكن وغير الممكن في علم الأحياء التطوري لا تمتلك مصداقية كبيرة.

تفترض الحجة أعلاه أن على الشخص أن يمتلك بعض الخبرة أو المؤهلات في علم الأحياء، كشهادة علمية وربما بعض الخبرة العملية، لكي تمتلك أقواله بعض المصداقية حين يتحدث عن ممكنات علم الأحياء التطوري.

لنكون منصفين، علينا القول إن الإشارة إلى انعدام التدريب أو المعرفة ليست سببًا آليًا يجعل الرأي خاطئًا بالضرورة، فربما خُمّن الصواب بالصدفة المحضة مثلًا، لكن حين يتعارض هذا الرأي مع استنتاجات شخص مختص في الموضوع، يصبح لدينا أساس قوي لرفض قبول مقولة الجاهل بذاك الموضوع. لذلك بطريقة ما، يكون هذا النوع من الشخصنة الجائزة عكس حجة (التوسل بالمرجعية الجائزة).

اقرأ أيضًا:

أهم الشخصيات في التاريخ القديم- الجزء الثاني

أهم الشخصيات في التاريخ القديم – الجزء الثالث

ترجمة: الحسين الطاهر

تدقيق: بدور مارديني

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر