نيكولا تسلا العالم الصربي المولد والامريكي الجنسية كان عبقرياً بارزاً ولامعاً والذي بفضل إختراعاته نتمتع اليوم بأنظمة الإتصالات والطاقة الحديثة.

عدوه اللدود ورئيسه السابق، توماس اديسون، كان الامريكي الايقونة مخترع للمصباح الكهربائي والفونوغراف والصور المتحركة.

خاض العبقريان “حرب التيارات” في ثمانينيات القرن التاسع عشر لتحديد أي من الأنظمة الكهربائية هو الأفضل للطاقة في العالم – التيار المتناوب لتسلا أو التيار المستمر لغريمه اديسون-.

في الأوساط العلمية يزداد النقاش حدّة عند المقارنة بين تسلا واديسون، أي منهم هو المخترع الأفضل؟

“تسلا واديسون مخترعان مختلفان، لكن لا يمكنك القول من هو الافضل، لأن المجتمع يحتاج البعض من اديسون والبعض من تسلا” كما يقول بيرنارد كارلسون (W. Bernard Carlson)، مؤلف كتاب “تسلا: مخترع العصر الكهربائي”.

من الإختلاف الواضح في شخصيتيهما إلى آثارهما الباقية، هذه هي المقارنة بين هذين المخترعين.

الأكثر عبقرية

تسلا كان يملك ذاكرة مثالية (تصويرية)، والتي تمكنه من إستدعاء الصور والأجسام من ذاكرته بدقة.

هذا مكّنه من تصور الاجسام بالابعاد الثلاثة، بالتالي، تمكن من بناء نماذج لعمله باستخدام بعض الرسوم البدائية.

“كان يقوم بتجسيم وتشغيل اختراعاته في مخيلته،” كما يَصِفُه كارلوس.

على النقيض، كان اديسون كثير التخطيط على الورق.

“اذا ذهبت إلى مختبره عندما يعمل، تراه مُحاطاً بكثير من الاشياء حوله:

أسلاك، ملَفات وأجزاء متفرقة من اختراعاته،” كما يقول كارلوس.

في النهاية، على كلٍ، اديسون يملك 1093 براءة إختراع، وِفقاً للمتحف التاريخي الوطني لتوماس اديسون.

تسلا كان يملك اقل من 300، وفقاً لدراسة نُشِرَت في 2006 في المؤتمر العالمي السادس عن نيكولا تسلا.

(بالتأكيد، اديسون كان يملك الكثير من المساعدين في اختراعاته، كما أنه قام بشراء بعض براءات الاختراع.)

المفكر للمستقبل

رغم أن المصباح الكهربائي والفونوغراف والصور المتحركة تعتبَر على أنها الإختراعات الأكثر أهمية لأديسون، كان هناك مخترعين أخرين يعملون على تقنيات مشابهة، كما يقول ليونارد ديكراف (Leonard DeGraaf)، أمين المقتنيات في المتحف التاريخي الوطني لأديسون في نيو جيرسي، ومؤلف “اديسون وثورة الاختراعات”.

“لو لم يخترع اديسون هذه الاشياء لَقام بِها مخترعون اخرون،” على حد قول ديكراف.

في حركة قصيرة النظر (المدى)، رفض اديسون فكرة تسلا “غير العملية” عن استخدام التيار المتناوب لنقل الطاقة الكهربائية، وبدلاً من ذلك، روَّجَ لنظامه الأبسط، لكن الأقل كفاءة، ألا وهو التيار المستمر.

على العكس، كانت افكار تسلا على الأغلب تقنيات ليس عليها طلب في ذلك الوقت.

ومولّده للتيار المتناوب والمولّد الهيدروكهربائي في شلالات نياجارا -مصنع الطاقة الأول من نوعه- فعلاً أبهروا العالم.

تسلا أمضى سنين عديدة من عمره يعمل على نظام مصمم لنقل الصوت، الصورة والصور المتحركة (الفيديو) لاسلكيّاً ما جعله مفكراً بالمستقبل، والأب الحقيقي للراديو والهواتف العادية والهواتف الخلوية و التلفاز.

“أنظمة التواصل الضخمة التي نعتمد عليها اليوم مبنية كليّاً على نظام تسلا،” كما يقول مارك سايفير (Marc Seifer)، مؤلف كتاب “الساحر: حياة نيكولا تسلا”.

لسوء الحظ، مخطط تسلا الكبير فشل عندما مموله المالي، مورجان (J.P. Morgan)، أوقف تمويله بعد سنين من عدم النجاح.

التأثير الأكبر

تراث اديسون الباقي ليس براءة اختراع او تقنية معينة، بل مصانع الاختراع خاصته، التي قسمت عملية الاختراع لمهام صغيرة يتم تأديتها من قبَل جحافل من العمال، على حد قول ديكراف.

فمثلاً، اديسون أتته فكرة كاميرا الفيديو، او الكيتنوسكوب (Kinetoscope) بعد الحديث مع المصور ادوارد مويبريدج (Edward Muybridge)، ثم ترك أغلب العمل في التجارب وبناء النماذج الأولية لمساعده ويليام دكسون (William Dickson) وغيره.

وكون لحوزته عدة اختراعات وبراءات اختراع لها، كان اديسون يضمن بهذا أن مساعديه يحصلون على مايكفيهم من المال لضمان استمرارهم بالتجارب.

“ابتكر عملية الابتكار الحديثة كما نعرفها،” على حد تعبير ديكراف.

اختراعات تسلا هي العمود الفقري للطاقة الحديثة وأنظمة الاتصالات، لكنه اختفى بغموض لاحقاً في القرن العشرين، عندما تم ضياع اغلب ابتكاراته مع الزمن.

وعلى الرغم من براءات الاختراع العديدة والعديد من الابتكارات، مات تسلا فقيراً في 1943.

الضيف الأفضل للعشاء

في قمة حياته المهنية، تسلا كان ذو شخصية ساحرة، متحضراً وسريع البديهة.

كان يتكلم عدداً من اللغات و كان مارك توين (Mark Twain)، و روديارد كبلنج (Rudyard Kipling) و عالم الطبيعة يحيى موير (John Muir) من أصدقائه، وفقاً لـسايفير.

“كان ينتقل في الأوساط الراقية،” كما يصفه سايفر.

لكن تسلا بعض الاحيان كان متعجرفاً ومعروفاً ايضاً بهوسه بالنظافة.

في سنواته الاخيرة، وسواسه القهري (كخوفه من أقراط الأذن لدى النساء) أصبح كبيراً، ومات وحيداً مفلساً في فندق في نيويورك، على حد قول سايفر.

اديسون كان منطوياً ولديه القليل من الاصدقاء المقرَّبين.

من صفات اديسون أنه كان غير لطيفاً نوعاً ما، وقد أظهر ذلك بشكل كبير في هجومه على تسلا خلال حرب التيارات.

ايضاً قام باعطاء نصائح حول كيفية صنع الكرسي الكهربائي الاول باستخدام التيار المستمر، دخولاً في التفاصيل حول التقنية اللازمة لذلك، كما يقول سايفر.

المُواكِب للموضة

تسلا كان طويلاً، نحيلاً ومهيباً وكان مربياً لشارب، وأناقته لاتشوبها شائبة، كما يقول كارلسون.

إن قبعته وسترته معروضتان في متحف في صربيا.

على النقيض، اديسون كان معروفاً بانه لم يهتم برتابة مظهره إلى درجةٍ ما.

“نحن لسنا مهتمين بما كان اديسون يرتديه لأنه كان من النوع الذي يبقى في ذاكرتنا” (لعدم كونها ملابس مميزة) يقول كارلسون.

لدرجة أن كان اديسون يرتدي حذاءً أكبر بمقاسين حتى يستطيع خلعه بدون فك الرباط، على حد قول كارلسون.


  • إعداد: منتظر حيدر
  • تحرير: ناجية الأحمد