ها قد وصلنا إلى نقطة التغير في المجتمع, استنادا إلى عالم الفيزياء النظرية الشهير ميتشيو كاكو (Michio Kaku), المثة سنة القادمة من العلم ستحدد سواء كنا سنموت أو نزدهر. هل سنبقى في طور النوع 0 من الحضارة, أو نتقدم ونشق طريقنا نحو النجوم؟

يجزم العلماء أنه كلما ازدهرت حضارة ما وتقدمت, زادت حاجتها للطاقة بشكل متزايد نظرا للنمو السكاني الذي يحدث و الازدياد المتواصل للطلب على الطاقة واستهلاكها من قبل مختلف المكائن. بوضع هذا بعين الاعتبار.

طُوِرَ مقياس كارداشيف (Kardashev Scale) كطريقة لقياس التقدم التكنولوجي للحضارة استنادا على كمية الطاقة القابلة للأستخدام تحت تصرف هذه الحضارة (يرجى التنويه الى ان هذا المقياس كان بالأصل مجرد طريقة لربط الطاقة المتاحة للتواصل, لكن تم توسيعه منذ ذلك الحين).

تعرف على مقياس كارداشيف:

صُمِمَ هذا المقياس سنة 1994 من قبل عالم الفيزياء الفلكية الروسي نيكولاي كارداشيف (Nikolai Kardashev) (الذي كان يبحث عن علامات تشير إلى وجود حياة ضمن الإشارات الكونية). لدى المقياس ثلاث فئات أساسية, كل يعبر عن مستوى صرفي معين للطاقة.

النوع I بمستوى طاقة 10^16 واط, النوع II بمستوى طاقة 10^26 واط و النوع III بمستوى طاقة 10^36 واط.

علماء فلك آخرين وسعوا سعة المقياس ليشمل النوع IV بمستوى طاقة 10^46 واط و النوع V حيث الطاقة في هذا المستوى لا تساوي فقط كل الطاقة في الكون بل تتعداها لتشمل الطاقة في كل الأكوان و في كل الأزمنة.

وتعبر هذه الإضافات على حد سواء عن الحصول على الطاقة, فضلا عن كمية المعرفة التي من الممكن أن تصل اليها هذه الحضارة.

في البداية, من الجدير التنويه إلى أن الجنس البشري ليس جزأ من هذا المقياس بعد. طالما نستمد حاجتنا للطاقة من النباتات و الحيوانات, هنا على سطح الأرض, نحن في طور النوع 0 المتدني من الحضارة (و لدينا شوط طويل نخوضه قبل أن نتمكن من الوصول إلى النوع الأول من المقياس).

كاكو يميل إلى التصديق أن كل الأشياء المأخوذة في الحسبان ستصل إلى النوعI في غضون مئة إلى مئتي عام. لكن ماذا يمثل كل صنف من هذه المقاييس حرفيا؟

النوع : I

يستند هذا النوع على جميع الأنواع التي تسخر كل الطاقات المتوفرة من نجم مجاور, و تجميع و خزن هذه الطاقة بناءعلى الحاجة اللازمة للنمو السكاني. هذا يعني, أننا سنحتاج لرفع إنتاجية الطاقة الحالية لدينا بمقدار أكثر من 100,000 مرة لنصل إلى هذا المستوى.

على الرغم من هذا, تمكننا من تسخير كل طاقات الأرض يعني أيضا أننا سنتمكن من السيطرة على جميع قوة الطبيعة. قد يتمكن الجنس البشري وقتها من السيطرة على البراكين, الطقس أو حتى الزلازل! (أو على الأقل, هذه هي الفكرة).

هذه الأنواع من المفاخر يصعب تصديقها لكن مقارنة مع التقدم الذي من الممكن حدوثه, هذه ليست سوى المستويات الأساسية و البدائية من السيطرة (إنها حتما لا شيء مقارنة بالقدرات التي تمتلكها المجتمعات المتقدمة ذات الترتيب العالي).

الخطوة التالية تصل لـ النوع II من الحضارة, في هذا المستوى يمكن تسخير طاقة نجم بأكمله (ليس مجرد تحويل النجم إلى طاقة, لكن السيطرة التامة على النجم).

(Dyson Spahre Credit: Slawek Wojtowiz)

إقترحت عدة أساليب لتلبية هذا الغرض ومن ضمنها فرضية مجال دايسون (hypothetical ‘Dyson Sphere‘). هذا الجهاز, إذا ما أردنا تسميته بهذا الشكل, من شأنه أن يشمل كل شبر من النجم على حد سواء وجمع معظم (إن لم يكن كل) طاقته و تحويلها إلى كوكب لإستخدامها لاحقا.

عوضا عن ذلك, إذا كانت قوة الأنصهار (الآلية التي تغذي النجوم بالطاقة) قد أتقنت من قبل العرق وقتها, مفاعل على نطاق هائل يمكن أن يتم استخدامه لتلبية حاجاتهم. عمالقة الغاز القريبة يمكن أن تستخدم لأجل الهيدروجين الموجود فيها و تستنزف الحياة ببطئ من خلال مفاعل مداري بها (Orbiting reactor).

ماذا تعني هذه الكمية من الطاقة للكائنات الحية؟ لاشيء معروف للعلم يمكن أن يمحو النوع الثاني من الحضارة. خذ على سبيل المثال, إذا نجا البشر لفترة طويلة بما فيه الكفاية للوصول إلى هذا المستوى من الطاقة, وأجسام بحجم القمر دخلت نظامنا الشمسي على شكل مسارِ تصادمي, حينها سنتمكن من تبخيرها من الوجود.

أو إذا امتلكنا الوقت الكافي, سنتمكن من نقل الأرض بعيدا عن الطريق, تهريبها تماما من المسار. لنفترض أننا لا نرغب بنقل الأرض بعيدا, هل لدينا خيارات أخرى؟ نعم, لأننا سنكون قد امتلكنا القدرة على تحريك كوكب المشتري أو أي كوكب آخر من اختيارنا إلى المسار المطلوب. رائع, اليس كذلك؟

إذا مررنا بالسيطرة على الكواكب و النجوم التي بإمكانها إيواء طاقة قابلة للاستعمال, التي بدورها أساسا جعلت حضارتنا بمنأى من الأنقراض. لكننا الآن ننتقل إلى النوع III حين تصبح الكائنات الحية قاطعة للمجرة (Galactic traversers ) وعلى دراية بكل شي له علاقة بالطاقة, كنتيجة لهذا تصبح هذه الكائنات رئيسية (Master Race).

من ناحية البشر, ومئات الآلاف من السنين من التطور بيولوجيا و ميكانيكيا على حد سواء, يمكن أن تؤدي في النوع III إلى استيطان حضارة مختلفة تماما عن الجنس البشري الذي نعرفه. قد تكون هذه السيبورغ (Cyborg or cybernetic organism) (أو كائن معرفي, كائن بيولوجي و روبوتي في آن واحد) مع أحفاد البشر العادين كونهم الكائن الفرعي من الكائنات المتقدمة جدا الآن.

من المرجح أن تنظر هذه الكائنات المتقدمة إلى البشر البيولوجي ككائن عاجز, أقل شأنا أو غير متطور من منظورهم المعرفي.

A Cyborg (Credit: Justin Lee)

في هذه المرحلة, نكون قد وضعنا مستعمرات من الروبوتات قادرة على »تكرار نفسها«, قد تزداد أعدادها إلى الملاين حين تنتشر حول جميع أنحاء المجرة وتستعمر نجما بعد نجم. وقد تبني هذه الكائنات مجالات دايسون لتغلف كل واحدة على حدى وخلق شبكة ضخمة من شأنها أن تحمل الطاقة إلى الكوكب الأم. لكن هذا التمدد على مدى المجرة بهذه الطريقة من شأنه أن يواجه العديد من المشاكل، إحدها أن هذه الكائنات ستكون مقيدة بقوانين الفيزياء, وعلى وجه الخصوص، السفر بسرعة الضوء.

هذا ما سيحدث، ما لم يتم تطوير محرك إعوجاج (محرك بإمكانه السفر بسرعة تفوق سرعة الضوء), أو استعمال الطاقة المخبئية النقية (immaculate energy cache) لإتقان التخاطر من الثقوب الدودية (هذان الاحتمالان يبقيان احتمالا نظريا في الوقت الراهن). حينها فقط سيستطيع هذا الشعب من أن يحقق ما ذكر أعلاه.

كارداشيف يصدق أن النوعIV متقدم جدا إلى حد ما و لم يتجاوز النوع III في هذا المقياس. وأعرب عن اعتقاده أن هذا من شأنه أن يكون مدى قدرة أي من الأنواع. الكثير يظن هذا, لكن القليل فقط يعتقد أن هنالك مستوى آخر يمكن تحقيقه.

(ما أحاول قوله هو بالتأكيد هنالك حد منا؟) النوع IV من الحضارة يسكون تقريبا قادرا على تسخير محتوى الطاقة من الكون كله ومع ذلك، فإنه من الممكن تجاوز التوسع المستارع للفضاء (علاوة على ذلك، الجنس المتقدم من هذه الكائنات قد يتمكن من العيش داخل الثقوب السوداء الهائلة).

عود على الأساليب السابقة لتوليد الطاقة, تعتبر هذه الأساليب ضربا من المستحيل. وعليه، فسيحتاج النوع IV من الحضارة أن يستفيد من مصادر طاقة غير المعروفة لنا باستخدام غريب أو قوانين فيزياء غير معروفة حاليا.


An artist rendering of such a civilization (Credit: Sid Meier’s Civilization IV)

النوع V نعم, هذا النوع قد يكون التقدم المحتمل القادم لهذه الحضارة, هنا الكائنات ستكون مثل الآلهه، امتلاك المعرفة، التلاعب بالكون كما تشاء. كما قلنا البشر أبعد مايكون من أن يحققوا شيئا كهذا. لكن لا نجزم القول أن هذا لا يمكن تحقيقه طالما اعتنينا بالأرض و ببعضنا البعض.

ولفعل هذا، الخطوة الأولى هي المحافظة على منزلنا الصغير، إطفاء الحروب و الاستمرار في دعم التقدم العلمي و الاكتشافات.


  • المترجم: ليث اديب صليوه.
  • التدقيق: أسامة القزقي.

المصدر